لا يجد مرضى القصور الكلوي إلى من يوجهون أصابع الاتهام بالتسبب في إصابتهم بالتهاب الكبد الفيروسي سوى مراكز تصفية الدم ووزارة الصحة، لعدم التجاوب مع شكاويهم العديدة، مؤكدين أن النظافة في هذه المراكز متدنية والأجهزة غير نظيفة. في حديثه عن تسبب عدد كبير من مراكز تصفية الدم في نقل داء التهاب الكبد الفيروسي لمرضى القصور الكلوي، أكد لنا السيد بوعلاف عبد الحميد، رئيس الشبكة الوطنية لجمعيات الأمراض المزمنة، أن عدم احترام مقاييس تنظيف آلات تصفية الدم وراء إصابة قرابة نصف مرضى القصور الكلوي بالداء. وأضاف بوعلاف قائلا، في حديث له مع ''الخبر''، إن السبب الرئيسي وراء تفاقم ما وصفه ب''التسيّب'' الذي تعرفه كثير من مراكز تصفية الدم، خاصة التابعة منها للخواص كون المراكز العمومية تحظى برقابة، حسبه، ممثل في انعدام الرقابة، والتي من المفروض أن تتولاها مديريات الصحة على مستوى ولايات الوطن ''وإلا، كيف نفسر عدم التزام هذه المراكز بالمقاييس المتفق عليها في صيانة وتنظيف آلات تصفية الدم'' يضيف بوعلاف، مؤكدا على افتقار ذات المراكز لأشخاص مكوّنين في مجال صيانة وتنظيف العتاد الطبي. وعن نسبة انتقال عدوى التهاب الكبد الفيروسي ''ب '' و''ج'' لمرضى القصور الكلوي، أشار بوعلاق إلى أن نتائج تحقيق وطني بادرت به وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات منذ سنوات على عيّنة مكونة من 7000 مريض ممثلة لمرضى القصور الكلوي، وعددهم 15 ألف مريض على مستوى الوطن، أثبتت أن أكثر من 33 بالمائة من مرضى الداء أصيبوا بالتهاب الكبد الفيروسي خلال حصص تصفية الدم التي يخضعون لها، وهو ما يعني انتقال العدوى لهم عبر آلات تصفية الدم التي لا تخضع لتنظيف خاص أثناء فترات الغسيل بين مريض وآخر، ومن بين هؤلاء سليم، 48 سنة، أصيب بالتهاب الكبد الفيروسي ''ج'' بعد خضوعه لتصفية الدم لعلاج قصوره الكلوي، وصف لنا معاناته قائلا إنها مزدوجة، ناهيك عن استجابته السريعة لمختلف الأمراض التي تجعله طريح الفراش لفترات طويلة، حتى أن زكاما بسيطا، على حد قوله، ينهك قواه نظرا لمناعته الضعيفة جدا. من جهتها، تحسرّت السيدة جوهر، 52 سنة، التي كانت تجلس على كرسي متحرك، على حالتها، مشيرة إلى أن إعاقتها هي إحدى مضاعفات قصورها الكلوي الذي انجرّ عنه إصابتها بالتهاب الكبد الفيروسي، وهو ما قضى على كل مقوّمات المناعة بجسمها النحيل. انعدام اللقاح المضاد يرشح ارتفاع الإصابات عن ذات المشكل، أكد لنا البروفيسور حدّوم فريد، رئيس جمعية أمراض الكلى وتصفيتها وزرعها، أن الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي يعدّ أحد أخطر مضاعفات القصور الكلوي، وأن علاج المصاب والتحاليل الخاصة بدلك مكلفة جدا، ناهيك عن إمكانية عدم تحمّل المريض للمضاعفات الثانوية الحادة، مشيرا إلى أنه في حال عدم شروع الجزائر في توسيع زرع الكلى، سيمس داء التهاب الكبد الفيروسي، بعد 10 سنوات، 80 بالمائة من مرضى القصور الكلوي. أما عن نسبة الإصابة بالداء في أوساط مرضى القصور الكلوي، أضاف محدثنا أنها تتباين بين المراكز القديمة والجديدة. ففي مراكز التصفية القديمة، وعددها أكثر من 50 مركزا بالجزائر، يتم انتقال عدوى التهاب الكبد الفيروسي إلى ما بين 40 و60 بالمائة من المرضى، ليشير إلى أن الأمر يتعلق خاصة بالتهاب الكبد الفيروسي ''ج'' الخطير على حد وصفه، والذي لم يوجد له لحد الساعة لقاح مضاد، خلافا للنوع ''ب'' الذي بات لقاحه متوفرا، بل وإلزاميا على كل مرضى القصور الكلوي والفريق الطبي وشبه الطبي العامل بمراكز التصفية. وأضاف أن ذات النسبة تنخفض حتى 10 إلى 15 بالمائة داخل المراكز الجديدة، مشيرا إلى أنه في ظل استمرار الوضع على حاله وسط انعدام اللقاح المضاد للنوع ''ج''، إلى جانب استمرار انخفاض نسبة عمليات زرع الكلى ومواصلة المريض للتصفية، نتوقع بعد ال10 سنوات المقبلة، إصابة 80 بالمائة من مرضى القصور الكلوي بالتهاب الكبد الفيروسي.