فيما اتجهت القيادات المحلية للأحزاب ومنتخبوها إلى التفكير في التحالفات داخل المجالس البلدية التي لم تحسم رئاستها بعد، اتجهت قيادات الأحزاب الكبرى إلى البدء مبكرا في التفكير في انتخابات تجديد ثلث مقاعد مجلس الأمة التي ستجري يوم 29 ديسمبر الجاري. خاضت أغلب الأحزاب السياسية الانتخابات المحلية، التي جرت الخميس الماضي، وعينها على انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، وستنعكس نتائج انتخابات المجالس المحلية والولائية بشكل مباشر على النتائج التي ستفرزها انتخابات تجديد ثلث أعضاء مجلس الأمة، في انتظار انعكاسها على الانتخابات الرئاسية المقررة بداية .2014 وقياسا بالأرقام التي انتهت إليها الانتخابات المحلية، بمؤشر العدد الإجمالي للمقاعد لكل حزب، فإن حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي يبدوان الأقرب إلى حسم المقاعد ال48 التي هي محل تنافس في الانتخابات المقبلة، ويسمح حصول جبهة التحرير الوطني على مجموع 7776 منتخب، وحصول التجمع الوطني الديمقراطي على 6475 منتخب في مجموع المجالس المحلية البالغ عددها 1541 والمجالس الولائية البالغ عددها 48 مجلسا، يسمح لهما بحصر التنافس بينهما فقط في غالبية المقاعد ال48 التي سيتم تجديدها في مجلس الأمة. لكن حصول الحزبين على هذا الفارق مقارنة بباقي الأحزاب السياسية لا يدفع بهما إلى حالة استرخاء انتخابي، بالنظر إلى حاجة كل منهما إلى البحث عن مزيد من التحالفات والتوازنات مع أحزاب أخرى وفقا لمعطيات كل ولاية على حدة، ويأتي في مقدمة الأحزاب التي تضعها نتائجها في مرمى استهداف جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي لخوض تحالف معها، الحركة الشعبية الجزائرية التي فازت بما مجموعه 1493 مقعد، وهي الأقرب إلى التحالف مع الأرندي بالنظر إلى التقارب الأيديولوجي وفي الأفكار السياسية بين الحزبين، إضافة إلى حزب العمال الذي ينتظر أن يجدد تحالفه السياسي في هذه الانتخابات مع الأرندي، فيما ستكون جبهة التحرير الوطني مضطرة إلى البحث عن تحالفات داخل كتلة التيار الإسلامي الذي حصل على ما مجموعه 1357 مقعد، وكذا داخل الأحزاب ذات التوجه الوطني التي تمثل كوادرها جزءا من فائض جبهة التحرير. وفي السياق ذاته، ستخوض جبهة القوى الاشتراكية معركة سياسية مشحونة في ولايتي تيزي وزو وبجاية اللتين فازت بعدد كبير من مجموع مقاعد مجالسها المحلية، للفوز بمقعديها في مجلس الأمة، وقد يدفع التنافس على المقعدين بالأفافاس إلى البحث عن تحالفات مع جبهة التحرير الوطني أو الأرندي، لمواجهة غريمه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية. وتفرض التحالفات السياسية التي تعقد عادة في انتخابات مجلس الأمة بين الأحزاب السياسية إلى تبادل أصوات المنتخبين ولاية بولاية، مع الأخذ بعين الاعتبار الخروقات الفردية وعدم الانضباط الانتخابي الذي يميز هذه الانتخابات، خاصة في ظل دخول عامل ''المال السياسي'' بالنظر إلى حرص عدد كبير من النواب السابقين في البرلمان على الترشح في الانتخابات المحلية تمهيدا للحصول مجددا على عهدة برلمانية عبر مجلس الأمة.