أكد الدكتور في علم الاجتماع الحضري، سمير عيمر، أن متغيرات الإطار السكني والمكانة الاجتماعية ونوعية التنشئة الاجتماعية، أصبحت تؤثر على علاقة الجوار، حيث استُبدلت مفاهيم التكافل الاجتماعي المعروفة سابقا بمفاهيم المصلحة ونوعية الثقافة الاجتماعية. وأوضح محدثنا بأن متغير الأسرة يلعب دورا هاما في نوعية العلاقة التي تتكون بين الجيران من حيث مدى تمسكها بالتنشئة الاجتماعية وبقيم الأسلاف، وقال إن العلاقة بين الجيران تكون سيئة أو متذبذبة في المدن الكبرى على وجه خاص، حيث لا يساعد النظام العمراني على الألفة بين أفراد العائلات. كما يساهم، وفق محدثنا، في نشوب صراعات قد تكون بسبب حب الحصول على الفضاء، وهو ما يلاحظ في الشجارات التي تنشب بين الجيران حول القطع الأرضية بجوار العمارات، بالإضافة إلى خلافات حول كيفية نشر الغسيل والإزعاج التي تسببه الأشغال وغيرها. وذهب الدكتور عيمر، في السياق ذاته، إلى متغير الأصل الذي كان يلعب دوره في الأسرة الممتدة والأهمية التي كان يوليها الجيران لعلاقتهم، من خلال تنازلهم عن بعض الحقوق لمجرد أن ''فلان'' جارهم، ويكون أب أو جد الشخص المتسبب لهم في المشكل، ما يجعل المكانة الاجتماعية تؤثر على معادلة الصراع القائم بين الطرفين، ''فإذا كانت المكانة الاجتماعية نفسها لسكان الحي تكون علاقتهم أفضل''. وأضاف عيمر أن المشاكل الأسرية والعنف بين الجيران، تتغير بين أصلين جغرافيين مختلفين أو متماثلين، حيث تكثر المشاكل إذا كان قاطنو الحي الواحد من ولايات مختلفة أو من قرى غريبة عن بعضها، ما يحدث اختلاطا في الأشخاص ويؤدي إلى انتشار العنف بينهم، نتيجة تغير بنية المجتمع، كما أن عامل الجنس يلعب دورا هاما في حدوث مشاكل مع الجيران. ووفق عيمر، فإن المرأة وبحكم تواجدها بالمنزل أكثر من الرجل، فهذا يتيح إمكانية تعرضها إلى سوء تفاهم مع جيرانها، مضيفا أن غياب الثقة عزز حالة التفكك الحاصلة حاليا. كما أكد أن الجار، اليوم، لا يمكن أن يأتمن جاره على بيته أو ماله أو أبنائه، ما جعل وظيفة علاقة الجوار تتغير.