يرافق زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، هذا الأربعاء، تطبيع إعلامي فرنسي، تناغمت توجهاته الجديدة مع توجهات الاشتراكي هولاند، الذي تسميه بعض وسائل إعلام بلاده ب''هولاند الجزائري''، كناية عن قربه أكثر من ''عقلية جزائرية'' بدا أنه يفهمها جيدا، كما لم يفهمها يوما لا شيراك ولا ساركوزي. لم تجارِ الصحافة الفرنسية توجهات الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، خلال زيارته للجزائر عام 2007، لأسباب تتصل حتما ب''شخصية اليميني ساركوزي''، بينما يستنسخ الإعلام الفرنسي، عبارات قالها ويقولها فرانسوا هولاند عن العلاقات مع الجزائر، وتصيغها بلغة مساند لرؤية فرنسية جديدة تجاه الجزائر، ستتوضح أكثر غدا الأربعاء والخميس، بالجزائر، في خطابات هولاند المتخندق ضمن توجه اشتراكي يفهم جيدا العقلية الجزائرية، ويسعى لإقناع صحف بلاده بوجوب فهم الجزائريين ومعرفة لماذا لم يستسيغوا، يوما، سابقه نيكولا ساركوزي الذي ضرب بملف ''الذاكرة'' عرض الحائط، وعبّر عن موقف فرنسي براغماتي لم يراع أبدا شعور الآخرين. بدا الإعلام الفرنسي فاهما لنزعة هولاند، المزيجة ب''الأخوة والبراغماتية'' لذلك تمكن هولاند من جعل صحيفتي ''لوفيغارو'' اليمينية و''لاكروا'' تنعتانه ب''هولاند الجزائري''، في إصدارهما أمس وأول أمس، وعلى مثل جزائري يقول ''الفم الحلو يرضع اللبة''، استبق الرئيس الفرنسي إلى تلطيف الخواطر منذ أشهر تحضيرا لزيارته، فاعترف بمجازر 17 أكتوبر، وأوعز إلى مسؤوليه قول الكلام الطيب وهم يتوالون على الجزائر، تحضيرا لملء ''بارافير الاتفاقيات والصفقات'' لإنقاذ اقتصاد بلاده وتجنب سياسة تقشف ينتظرها اليمين الفرنسي في المنعرج لإدانته.. سياسة لا تريدها كذلك، صحيفة ''لوفيغارو'' التي لفتت إلى رهان هولاند لتجاوز ما أسمته ''البعد الدراماتيكي'' في العلاقات الثنائية بين فرنساوالجزائر. بينما لم تغفل الصحيفة علاقة الزيارة ب''صراع الأشقاء''، حين لفتت إلى أن المغرب يراقب عن كثب تطور المشهد الفرنسي الجزائري وتداعيات ذلك على نزاع الصحراء الغربية. اختار الرئيس الأسبق جاك شيراك وهران في زيارته للجزائر، مارس 2003، وفضل خلفه نيكولا ساركوزي، قسنطينة، جويلية 2007، بينما اختار هولاند تلمسان، محطة له، في زيارته المرتقبة، وهو يعي ماذا تعني تلمسان بالنسبة للرئيس بوتفليقة، وماذا يعني للرئيس بوتفليقة كون أن ''الشركات الفرنسية تُفضل البيع بالجزائر والاستثمار في المغرب وتونس''، في مفارقة كثيرا ما عكسها خطاب مغلوط بشأن تقارب اقتصادي، كلف باريس ''إقصاء'' ملحوظا من كبرى الصفقات المبرمة مع الشركات الأجنبية، المفارقة التي تسعى الجزائر لإسقاطها في زيارة وصفت بالمفصلية في العلاقات الثنائية، وعلقت عليها صحيفة ''لي إيكو'' التي أقلقها كثيرا ارتفاع أسعار العصائر في البورصة، بأنها ''ستكون ناجحة''، متحدثة عن توقيع العديد من الاتفاقيات حول الاستثمارات، أضافت لها صحيفة ''لاكروا'' قولها إن وفدا اقتصاديا هاما سيرافق هولاند في زيارته، من بينهم مسؤول شركة رونو، وعلقت بأن ''مداخيل البترول جعلت من الجزائر الأوفر حظا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية''. يساوق هولاند رؤية بوتفليقة ب''قلب الصفحة دون تمزيقها''، فهو غير عالق ب''شوائب الماضي''، كما قدمته صحيفة ''لو جورنال دي ديمانش''، ''جريدة الأحد'' التي حاورت جورج مورين، رئيس المجموعة الفرنسية الجزائرية، وأفادها بأن هولاند ''يريد محو آثار الخطابات المزدوجة التي كثيرا ما ميزت فرنسا تجاه الجزائر، وقال كذلك إن توجه هولاند ينسجم إلى حد كبير مع توجه الرئيس بوتفليقة في ''المصالحة''، وأضاف ''بوتفليقة حمل السلاح في وجه الجيش الفرنسي وعمره لا يتعدى 17 سنة''، وفيما قال المتحدث هذا الكلام، نشرت صحيفة ''لوباريزيان'' رسالة عائلات رهبان تيبحيرين إلى فرانسوا هولاند موازاة مع قدومه إلى الجزائر، وأسفل الرسالة نشرت ما لا تشتهي الجزائر، أسطرا ذكرت فيها باتهام المخابرات الجزائرية باغتيالهم دون أن تشير إلى ردود الجزائر بشأن الاتهام. وكثيرا ما زج بملف الأرشيف الجزائري في فرنسا في صميم الجدال بين البلدين، وأبقى هولاند على الملف طي ''الانتظار''، رغم أنه أفرد امتيازا لأرملة المناضل موريس أودان الذي اعتقل من قبل الجيش الفرنسي ولم يظهر له أثر، لما رد على رسالة بعثت بها إليه، حيث وعدها بتسليمها كل الوثائق التي تتعلق بزوجها، حسب صحيفة ''لومانيتيه''، التي تساءلت إن كان الرئيس الفرنسي سيرفع السرية عن أرشيف الحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر؟