المنوفية لازالت وفية للرئيس المخلوع حسني مبارك المحافظات الصعيدية مع الرئيس محمد مرسي ظالما أو مظلوما الإسكندرية تتبرأ من حمدين صباحي وأبو الفتوح وعمرو موسى ثلاث محافظات مصرية شكلت الاستثناء في مصر وصوتت ضد مشروع الدستور، مقابل 42 محافظة صوتت لصالحه، وهذا يدعونا للتساؤل عن سبب هذا الاستثناء، خاصة وأن أكبر محافظة في مصر (القاهرة) كانت من بين المحافظات الرافضة. القاهرة التي تمثل عاصمة مصر وثقلها السكاني بنحو تسعة ملايين نسمة أو ما يقرب عن 10 في المئة من التعداد العام للسكان، صوتت بنحو 9,56 بالمائة من ناخبيها ضد الدستور، مقابل 1 ,43 بالمائة لصالح الدستور، وهذا يرجع إلى تأثر سكان القاهرة بالدعاية الإعلامية القوية الرافضة للدستور، والنشاط السياسي لجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، بالإضافة إلى تواجد كثيف لأنصار النظام السابق والمرشح الرئاسي أحمد شفيق، فضلا عن الأقباط الذين عارضوا في معظمهم مشروع الدستور الجديد، كما أن نسبة الحضر والطبقة المتوسطة مرتفعة، ما رجح كفة الرافضين على المؤيدين لمشروع الدستور. أما في محافظة الغربية القريبة من القاهرة والتي صوت ناخبوها ضد مشروع الدستور بأغلبية 1, 52 بالمائة مقابل 9, 47 بالمائة لصالح الدستور، فمعروف أنها محسوبة على أنصار النظام السابق، وسحق فيها أحمد شفيق منافسه الرئيس الحالي محمد مرسي في رئاسيات 2012 وتحصل على أزيد من 979 ألف صوت مقابل 566 ألف صوت لمرسي، كما أن محافظة الغربية توجد بها مدينة المحلة الكبرى قلعة صناعة النسيج ومركز الإضرابات العمالية الكبرى في مصر، والتي منها انطلقت حركة 6 أبريل المعارضة وحركة ''كفاية'' التي تضم مدونين لعبوا دورا بارزا في الثورة المصرية، ولكنهم عارضوا مشروع الدستور المصري الجديد. وبالنسبة لمحافظة المنوفية التي صوتت ضد الدستور بنسبة 1 ,51 بالمائة مقابل 9 ,48 بالمائة لصالحه، فتعتبر مركزا لنفوذ التيارات المعادية للتيار الإسلامي رغم أنها صوتت في الاستفتاء لصالح تعديل الدستور في 2011 بنسبة 6, 86 بالمائة، ومنحت الإسلاميين في الانتخابات التشريعية الملغاة 2 ,67 بالمائة، إلا أنها لم تمنح محمد مرسي سوى 5, 28 بالمائة من الأصوات في الدور الثاني للرئاسيات، فالمنوفية تميل، حسب بعض المحللين، بسبب تركيبتها العائلية، للتحالف مع أطراف من النظام السابق، حيث ينتمي الرئيس المخلوع حسني مبارك وأغلب أركان نظامه السابق إلى هذه المحافظة. وبالمقابل صوتت محافظات الصعيد بنسب عالية لصالح الدستور المصري وبلغت نسبة التصويت في تسع محافظات صعيدية (سوهاج، المنيا، الفيوم، بني سويف، الأقصر، أسوان، الوادي الجديد، أسيوط، قنا) 83 بالمائة ''نعم'' (3263885)، وكانت أعلى نسبة بنعم سجلت في محافظة مرسى مطروح (غرب مصر على الحدود الليبية) وبلغت 8, 91 بالمائة، ومعروف أن محافظة مرسى مطروح يسيطر عليها الطابع القبلي وتعيش بها قبائل عربية لها امتدادات حتى في شرق ليبيا، وتعتبر محافظات الصعيد معاقل رئيسية للإسلاميين، ونسبة الأمية والفقر عالية في هذه المحافظات، كما أن التأثير القبلي والعائلي قوي، ونشاط المعارضة فيها محدود. لكن المفاجأة وقعت في الإسكندرية التي تعتبر ثاني أكبر محافظة في مصر والتي صوتت لصالح الدستور بنسبة 6 ,55 بالمائة مقابل رفض 4 ,44 بالمائة، رغم أن مرسي حل رابعا في الانتخابات الرئاسية في دورها الأول خلف كل من حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي، وعبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى، وكل هؤلاء دعوا للتصويت ضد مشروع الدستور، ومع ذلك خالفت الإسكندرية جميع التوقعات وانقلبت على حمدين صباحي وأصحابه، خاصة أن السلفيين لديهم نفوذ قوي في هذه المحافظة المطلة على البحر الأبيض المتوسط. كما يمكن تسجيل نسب عالية للتصويت بلا في بعض المحافظات دون أن تتجاوز هذه النسبة 50 في المائة، على غرار بور سعيد (9 ,48 بالمائة)، والقليوبية (40 في المائة)، وهاتان المحافظتان تتميزان بنفوذ قوي للتيارات المعارضة للإسلاميين. أما محافظات الأقصر والبحر الأحمر ومحافظة الجيزة فكان يفترض أن تصوت بقوة ضد مشروع الدستور لوصفها محافظات سياحية لا يتحمس سكانها (خاصة الوافدون) للإسلاميين خشية فقدان مصدر رزقهم حسب الباحث أكرم الألفي، ومع ذلك لم تتجاوز نسبة المصوتين ب ''لا'' في محافظة البحر الأحمر 37 في المائة، وفي الجيزة 32 في المائة، ما يعني أن الرئيس محمد مرسي كسب رهان الاستفتاء حتى في معظم المحافظات المحسوبة على التيارات الليبرالية واليسارية وبقايا النظام السابق.