حذر القاضي الفرنسي المختص في قضايا الإرهاب، مارك تريفيديش، من انعكاسات وخيمة للفوضى في مالي على فرنسا، لأسباب تتعلق بعدم رضا الجالية المالية عن نمط تعاطي باريس مع أزمة بلادهم، بينما أفرز هذا الوضع التحاق جهاديين من الجالية بمعاقل القاعدة عبر الجزائر أو النيجر، كما قال. يعتبر القاضي مارك تريفيديش، المكلف أيضا بالتحقيق في ملف اغتيال رهبان تيبحيرين بالمدية سنة 1996، أن ''كل مكونات الانعكاس المحتوم للوضع في شمال مالي وسيطرة الحركات الجهادية الإسلامية عليه، متوفرة ليكون لها إسقاطات وخيمة على فرنسا''. وقال في حوار مع ''لوجورنال دو ديمانش''، الفرنسية في إصدارها أمس، أن مالي صار بلد أكثر استقطابا للجهاديين الشباب مقارنة مع سوريا، حيث الوضع أكثر اضطرابا وارتباكا''. وقدّم القاضي الفرنسي رؤية اعتبر فيها أن العديد من الجهاديين المنتمين للجالية الإفريقية في فرنسا ذات البشرة السوداء وأكثرهم ماليين، ذوي الجنسية المزدوجة، وجدوا ضالتهم في بلد يطبق أركان الشريعة، وشبه منطقة الشمال في مالي، حيث حركة التوحيد والجهاد تفرض تطبيقات الشريعة الإسلامية، بنظام طالبان، ومن حيث، أيضا، يعتبر الشباب الجهاديين من الجالية الإفريقية في فرنسا، إنه يتوجب عليها حماية الشريعة من اعتداءات الغرب''. وتابع ''لا يخفى عن أحد أن لدينا جالية مالية جد معتبرة في بلدنا، وهي من أصول إفريقية مسلمة وسوداء، تشكو أكثر من أي وقت مضى من ''العنصرية''. وعندما سئل مارك تريفيديش إن كانت هذه الوضعية تلوح بتبعات وخيمة على التراب الفرنسي، رد ''نعم، بالطبع، فكل الشروط استجمعت ليكون لهذا الوضع أثار سلبية على فرنسا''، وعدد القاضي الفرنسي، مبررات نظرته القلقة حيال إمكانية أن تكون بلاده عرضة لمكروه من الجالية الإفريقية وخاصة من مالي، هناك، فقال أن ''فرنسا تدعم كل طرح يؤول إلى التدخل العسكري في مالي، مما يعني أننا أعداء ذوو هوية واضحة بالنسبة لأزمة مرشحة لأن تطول أكثر''، كما تحدث القاضي الفرنسي إزاء قضية الرهائن الفرنسيين الأربع المحتجزين لدى القاعدة، بعد اختطافهم من منطقة أرليت بالنيجر سنة .2010 مشيرا إلى فتح ملفات قضائية حول فروع التنظيمات الجهادية المرتبطة بمالي. ويتعلق الأمر حسبه، سواء بالشباب الجهاديين المزدوجي الجنسية والذين لهم صلات بإفريقيا السوداء والذين يدخلون التراب المالي سواء عبر النيجر أو الجزائر، لكنه شدد أن أكثرهم ''ماليين يترددون على عائلاتهم في بلدهم، خاصة أنهم غير ملزمون بالتأشيرة''. فيما كانت تقارير فرنسية شددت على التحاق العشرات من الفرنسيين بحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا في الأشهر الأخيرة، رغم تكذيب باريس تارة وقولها تارة أخرى أنهم فرنسيين من أصول مغاربية محاولة منها للتبرؤ منهم. كما سوّقت نظرة القاضي الفرنسي دعوة سابقة لأمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أبو مصعب عبد الودود، الشعب الفرنسي إلى إسقاط حكومة هولاند، ''من أجل تفادي الحرب في مالي تصل شظاياها دول الجوار وتؤدي، حسبه، لأزمة اقتصادية خانقة في فرنسا والغرب''. بينما حذرت القاعدة فرنسا من أنها ستكون مستهدفة ''من أبنائها''. يذكر أن القاضي الفرنسي لمكافحة الإرهاب ينتظر أن يحل بالجزائر شهر مارس المقبل، بعد أن تلقى موافقة من السلطات الجزائرية للسماح له بالقدوم قصد التحقيق في قضية مقتل رهبان تيبحيرين بالمدية سنة 96، وهو القرار الذي اتخذ بعد زيارة الرئيس فرانسوا هولاند إلى الجزائر يوم 19 ديسمبر الفائت.