أوضح الدكتور جمعي النوي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة سطيف، أن السيرة الذاتية وجدت أساسا من أجل معرفة كفاءات الطالبين للعمل أو الهجرة، حيث يعتد بها في كل أشكال التوظيف في الغرب، ومن ناحية أخلاقيات، تخضع لضرورة إثبات كل ما يتم التصريح به في السيرة الذاتية. مع العلم أنها لا تضم فقط المؤهلات، بل تتضمن كيفية ممارسة المواطنة، والترفيه والرياضة المفضلة والحالة العائلية، وكل ما من شأنه أن يؤكد سهولة التكيف والاندماج المهنيين، وتركز الشركات الكبرى على تبيان ثقافة الفرد من خلال السيرة الذاتية، حيث تمكّن هذه المعلومات من قراءة شخصية الفرد ودرجة تكوينه. وهنا وجبت الإشارة إلى أن الاقتصاد طالما أضحى يمتاز بما يسمى ''اقتصاد الخدمات'' جراء تراجع الصناعة. فطالبي العمل لابد لهم من التنويع في المؤهلات مثل الكفاءات التقنية والإدارية، زيادة على التحكم في اللغات والإعلام الآلي وآليات التواصل التكنولوجي، لأن المتقدم للوظيفة مطالب بأن يحوز على كفاءات تتناسب مع منصب العمل، خاصة المؤسسات ذات النشاط المتنوع والمتعدد، كون المؤسسة قد تغيّر نشاطها من لحظة لأخرى أو تنوّعه، نظرا لاشتداد التنافسية المحلية والعالمية. فالعامل في أمريكا مثلا، يغير عمله 10 مرات في مساره المهني، فسيرته الذاتية تكون غنية نظرا للتكوين الذي يتلقاه، في حين الموظف في الجزائر لا يغيّر عمله إلا نادرا، وبالتالي فالتكوين لا يعنيه ويعتبره عقوبة في الأساس، طالما أنه لا يسمح له بتغيير وضعه المهني وبالتالي تحسين دخله المادي وتحقيق صعود اجتماعي. ولذا فإن السيرة الذاتية لا تعكس أبدا المستوى الحقيقي لطالب العمل، فيلجأ للكذب والمراوغة.