تتحدث النزعة الجديدة في العالم عن العولمة (المستوى العالمي) والمحلية (المستوى المحلي) مقلصة بالتالي المستوى الوطني. يتعلق الأمر إذن بإعادة النظر في أسس الدولة ÷ الأمة، بكل أشكالها، والتي تغذي المطالب الاثنية. والأمر يعتبر أكثر حساسية في غالبية دول العالم الثالث، حيث يوجد اعتقاد بأن الدولة بقيت بين يدي نخبة متغربة يؤثر فيها الخارج، وعليه ينظر إليها على أساس أنها فاقدة للشرعية. علينا أن نأخذ بجدية احتمال تحول المطالب الاثنية في إطار حركة عالمية إلى خطر على الدولة والوحدة الوطنية تحت غطاء الدعوات الجهوية أو اللامركزية. والمسألة الثقافية يمكن أن تكون بمثابة وسيلة غنى وازدهار مذهل لو تدرس بكل صفاء، مع الأخذ بعين الاعتبار كل أبعادها لبناء سياسة وحدة في إطار التعدد. ويمكن أن تكون وسيلة شقاء ومعاناة لأنها وسيلة للتعبئة وقابلة للاستعمال بسهولة. الذين درسوا شروط صعود الهند وباكستان عقب استقلالهما ومشاكل باكستان المنقسمة بواسطة الإقليم الهندي، يعرفون حجم المعاناة التي عرفها ملايين الأشخاص جراء المسألة الثقافية. إن التحدي الثقافي، هو الانتقال من مجتمع منقسم وعرضة للصراعات الدائمة إلى مجتمع مشبع وغني بتعدد اللغات، وبممارسته الدينية المستنيرة، وبتسامحه تجاه ما هو مختلف بين ظهرانيه وتجاه الخارج. ومن أجل معالجة الأعراض الأكثر حدة لهذه الأزمة الثقافية التي نعيشها منذ عدة عشريات، لا بد أن نقضي أولا على هذا الظلم الثقافي. أتمنى أن تشهد سنة 2013 بداية تطور كبير في اتجاه اعتراف داخل المجتمع المدني، إضافة إلى قاعدة مشتركة جد قوية توحّدنا، علينا اليوم، قبول وتثمين العلاقات الثقافية المتعددة التي شكّلت اسمنت تاريخنا وجعلت من الجزائر ثروة هائلة على المستويات الثقافية، اللغوية، الموسيقية، الفنية، وكل ما تعلق بالطبخ واللباس والمعمار. وهذا الوعي هو الذي سيكون غدا قاعدة سياسة ثقافية تهدف إلى الحفاظ على تراثنا، وكذا قالبا لرغبتنا في العيش سويا في المستقبل.