يتمثل التحدي الأمني في الوقت نفسه، في القضاء نهائيا على الإرهاب والوقاية من الوقوع في العنف الاجتماعي واللصوصية. ولتحقيق ذلك، علينا معالجة أسباب العنف على نطاق واسع من محيط حياتنا. هناك طبعا المصدر الأول المعروف، الإقصاء واللامساواة والاحتقار، ما يسميه الجزائريون ''الحفرة''، لكن ''الحفرة'' تعرف أبعادا أكثر أهمية في عدد كبير من الدول، دون أن تؤدي إلى اتساع رقعة العنف، مثلما عرفناه في الجزائر. وما زاد من اشتداد ''الحفرة''، وجود عناصر سلبية ناتجة مباشرة عن طريقة تسيير البلاد: الحكم الشمولي وغياب الحقوق السياسية، دولة ضعيفة تفتقد لمؤسسات قادرة على إدارة الصراعات، نمو اقتصادي سيئ، بالإضافة إلى عدم تساوي الفرص ومجتمع مدني ضعيف. للأسف، اتساع رقعة العنف تضاعف عن طريق المستوى الثالث الذي يتعلق بتوقعات مختلفة حول قضايا اللغات والدين، كما أنه يجب التخوف من خطر تفكك الوطن وتقسيم الأرض، إذ تدعو قوى كبرى أكثر فأكثر، لاستقلال بعض المناطق أو تقسيم التراب، كما تعرفه حدودنا الجنوبية من أحداث. وعزّزت وضعية التسيير الضعيف حاليا والانخفاض المحسوس لقدرات تصدير المحروقات إلى غاية 2018 و2020، احتمال الغرق في الفقر بشكل دائم وفتح الباب أمام انهيار الوحدة الوطنية ووجود خطر على الوحدة الترابية. لكن مع المزيج القابل للانفجار، من فقر وبطالة عند الشباب وفساد عام وغياب الأخلاق الجماعية، يمكن أن يحدث هذا في أي وقت قبل 2018.2020 ورغم تعقد هذا العنف الذي يستمر منذ أكثر من عشرين سنة، لا تمثل الوضعية الأمنية في الجزائر قدرا محتوما، والحلول موجودة، عبر عمل تحليلي معمق وانخراط كل أطياف المجتمع في نقاش واسع، دون أن نغفل عن إعادة تهيئة الدولة والاقتصاد والمجتمع المدني. يجب على الدولة الجزائرية، لمواجهة الأزمة الأمنية، حشد كل الطاقات لتضميد الجراح، حماية الفئات الضعيفة، الوقاية من الصراعات وإعادة بناء ما تم هدمه. بمعنى أن برنامج الخروج من الأزمة الأمنية، يجب أن يرتكز على التدابير التالية: تضميد الجراح، حماية، وقاية وإعادة بناء. إنه من الضروري أن تكون 2013 نقطة الانطلاق، من أجل تعبئة جديدة للمجتمع المدني حول ضرورة الحماية الجسدية والمادية، العودة إلى السلم المدني والتنديد الحاسم بتقييد الحريات، ما يجعلها منشأ دائما للحرمان والعنف. يجب أن يتم شرح هذه الاحتياجات بوضوح لمسيّرينا.