لم يستفق بعد سكان حي 30 مسكنا بمدينة الناظور في تيبازة، من صدمة انتحار الجار ''ك .م.ا '' الذي خلّف وراءه لغزا لم يستطع حتى الجيران المقربون منه فك شفراته، رغم إجماعهم على أن ''العربي'' عاش يتيما ولم يجد مجتمعا رحيما، ليختار لنفسه حبل المشنقة الذي لفّه بيديه. عندما وصلنا، أمس، إلى حي 30 مسكنا الواقع بالمدخل الجنوبي لمدينة الناظور، بدا الحي هادئا ومشلول الحركة، ولم يكن في طريقنا سوى شاب في 23 من العمر وهو يغادر العمارة رقم 02 التي تقع بها شقة العربي، وكانت ملامح التيه بادية على الشاب الذي كان يحدّث نفسه وهو يتجه بخطواته نحو مقهى المدينة المجاور للحي. تتبعنا خطوات الشاب بلقاسم، لندرك أن هذا الأخير مازال يعيش الصدمة وكأن الحادثة وقعت قبل لحظات فقط، فبلقاسم كان أول من شاهد الضحية وهو معلق بحبل المشنقة بعد ابنته بشرى. يروي بلقاسم بصعوبة تفاصيل الواقعة وهو دامع العين قائلا: ''رافقت العربي ساعتها إلى مدخل العمارة وهو يصطحب ابنته التي جاء بها من المتوسطة وكان يبدو عاديا، قبل أن يدخل كل منا شقته''. ويضيف ''بعد نحو 10 دقائق، سمعت الصراخ الذي كان لابنته، الذي امتزج بصراخ إحدى الجارات التي استنجدت بها ابنة الضحية، فأسرعت لتفقد ما يحدث لأصدم وأنا أشاهد العربي وهو معلق بحبل المشنقة الذي ربطه بقضيب حديدي كان قد وصله بين جداري رواق شقته ذات الغرفة الواحدة منذ فترة''، مرددا ''لو استنجدت بي الطفلة لربما كنت قد أنقذته''. ويسترسل المتحدث قائلا: ''العربي (ناس ملاح) ويحبه الجميع، ولا أحد من جيرانه أو معارفه كان يتوقع حدوث ما حدث، وكلنا على وقع الصدمة''. وتؤكد شهادات محدثنا أن الجميع يعرف المشاكل العائلية التي عانى منها العربي، والتي كادت أن تؤدي به إلى الطلاق. أما إبراهيم، فيؤكد أن الضحية عاش طفولة قاسية بسبب اليتم، مرجّحا أن يكون ما عاشه في الصغر والضغوط الاجتماعية في كبره وسعيه بين ورشات البناء لتحصيل قوت يوم،ه جعله يفكر في الانتحار كحل للهروب من واقعه المرّ، رغم تعلقه الشديد بولديه رضا 14 عاما وبشرى 12 عاما.