منحنا الصيدلية المركزية مدّة أسبوع كامل من أجل موافاتنا بالإجابة عن تساؤلاتنا حول أسباب ندرة هذا المستحضر في المستشفيات، وتسبّبه في تأجيل العديد من العمليات الجراحية، إلا أن مسؤولي هذه الأخيرة لم يكلفوا أنفسهم عناء الرد، تاركين العديد من المرضى يتخبطون مع تساؤلاتهم. وضعت ندرة البروتامين الطواقم الطبية، عبر مستشفياتنا، في حرج كبير، في ظل انعدام البديل لهذا الدواء، خاصة أن غيابه قد يحدث لدى المرضى مضاعفات صحية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة، مقابل القلق الكبير الذي يعاني منه المرضى نتيجة الضغط النفسي المتواصل لانتظار إجراء عملية قد تخلصهم من آلامهم. وللوقوف أكثر على معاناة هذه الفئة، زارت ''الخبر'' المؤسسة الاستشفائية المتخصصة محمد عبد الرحماني والمؤسسة الاستشفائية المتخصصة الدكتور معوش محمد أمقران، وقال المرضى في تصريحاتهم إنهم كانوا في السابق يتخوّفون من إجراء العمليات إلا أنهم، اليوم، يطالبون بالإسراع في تنفيذها وتخليصهم من القلق النفسي الكبير الذي يراودهم لاجتياز مرحلة ''الخوف من المجهول''. وقال ''ب.ل'' إنه ينتظر إجراء العملية منذ 22 أكتوبر الماضي، بعدما دخل المستشفى على أساس المكوث به لمدّة أسبوع فقط، إلا أنه اليوم بصدد دخول الشهر الخامس، بعد استمرار أزمة الندرة في عقار البروتامين، حيث يقوم في كل مرة بالتحاليل والأشعة اللازمة لتحضيره للعملية، ثم تؤجل من جديد. وأضاف محدثنا أن محاولاته لجلب العقار من خارج الوطن باءت بالفشل، ما جعله حبيس المستشفى إلى أجل غير مسمى، مقابل التوتر الذي سيطر عليه، مؤخرا، كونه ترك عائلته دون من يعيلها، وتسبّب في تدهور حالته الصحية. ويعدّ محدثنا عيّنة من عديد المرضى الذين التقتهم ''الخبر'' في جولتها عبر المؤسسات المتخصصة في أمراض القلب بالعاصمة، ف''س.ح'' أكدت على وجود مرضى ينتظرون دورهم منذ 9 أشهر دون إجراء العملية، فيما تم تسريح مرضى آخرين عادوا إلى منازلهم بعد فترة من الانتظار. وقالت محدثتنا إن بعض المرضى يبقى مصيرهم مرتبطا بالوقت، ذلك أنهم أجروا العمليات الجراحية الأولى، إلا أنهم ينتظرون منذ مدة إجراء العمليات الثانية. وأمام هذا الضغط، قالت محدثتنا إن الأطباء كثيرا ما يواجهون أسئلتهم بعبارات ''لماذا لا تقومون بإجراء العملية عند الخواص؟''. زينب التي ترقد رفقة ابنها منذ 6 أشهر، قالت إنها لازالت تنتظر توفر دواء البروتامين من أجل إجراء العملية لابنها، حيث أخبرتنا أنها تشرف على إكمال مدة عام في المستشفى بعد أن أجرت العملية الأولى، لتعود هذه المرة لإجراء الثانية. أما ''ب.ف''، فصرّحت باستياء بالغ، بأنها سئمت من الانتظار بعد دخول ابنتها منذ 5 أشهر إلى المستشفى، وقالت إنه كان يفترض إجراء العملية لابنتها قبل بلوغها الشهر الرابع، إلا أن التأخير جعلها تدخل شهرها الثامن دون إجراء العملية، ما تسبّب لها في مضاعفات صحية خطيرة أدخلت إثرها إلى غرفة الإنعاش. الطفلة آسيا ذات ال6 سنوات، تمكث رفقة والدتها في المستشفى في انتظار الحصول على موعد لإجراء العملية، ورغم الجهود الحثيثة من طرف العائلة لتوفير دواء ''البروتامين'' من الخارج، إلا أنها لم تفلح، حيث بقيت آسيا تعاني من مضاعفات المرض إثر إصابتها ب5 ثقوب على مستوى القلب، وقالت الوالدة إنها طافت بابنتها على مختلف المؤسسات الاستشفائية المتخصصة في تيبازة والعاصمة، إلا أنها لم تجد من يجري لها العملية بسبب الندرة الحادة في العقار. وقالت الوالدة إنها تسعى، منذ 5 سنوات، لإدخال ابنتها إلى المستشفى لتتمكن بعد توجهها إلى وزارة الصحة من توفير مكان لابنتها، إلا أنها فوجئت بعدم توفر الدواء. وطالب المرضى، في رسالة موجهة إلى القاضي الأول في البلاد، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بإلزام الجهات المعنية بتوفير عقار ''البروتامين'' وتمكينهم من إجراء العمليات، خاصة جراحة القلب لدى الأطفال، حيث أكدوا أنهم ليسوا في ''حاجة إلى العلاج في الخارج، في ظل وجود طاقم طبي مؤهل، إنما ينقصهم الدواء الذي جعل هذا الطاقم عاجزا ومُحرَجا''.