أثار تصريح اللّواء عبد الغني هامل، المدير العام للأمن الوطني، خلال اليوم الدراسي الذي انعقد أول أمس بمديرية الوحدات الجمهورية بالحميز، حول التنظيم الأمني للمقابلات الرياضية بمديرية الوحدات الجمهورية بالحميز، والقاضي بترسيم قرار سحب قوات الأمن من الملاعب، موجة من ردود أفعال رؤساء الأندية ولجان أنصارها. فمنهم من اعتبر القرار غير منطقي ولا يخدم الكرة الجزائرية في الوقت الحالي، ومنهم من اشترط بعض الأمور للامتثال لهذا القرار، ومنهم أيضا من ساند القرار. معتبرا إياه الحل الوحيد لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب والتقليل منها. بالرغم من أن اللواء عبد الغني هامل لم يحدّد موعدا رسميا لانسحاب قوات الأمن من الملاعب، إلا أن أغلبية رؤساء الأندية ممن اتصلت بهم ''الخبر'' أمس، اعتبروا القرار غير صائب في الوقت الحالي. مؤكدين أن انسحاب الأمن سيزيد من حدة ظاهرة العنف في الملاعب. حال الملاعب الجزائرية لا يشجّع على تطبيق القرار ويقود تيار الرفض، رئيس وفاق سطيف حسان حمار الذي صرح أن نتائج سحب قوات الأمن من الملاعب ستكون وخيمة في حال ترسيم القرار. قائلا ''بخلاف ملعبي قسنطينة و5 جويلية، أتساءل عن حال ملاعبنا الأخرى والتي رغم تواجد قوات الأمن بقوة، إلا أنها شهدت انزلاقات خطيرة وأحداث عنف مشينة''. وبرر حسان حمار، موقفه بالقول ''الكلام عن تعويض عناصر الأمن بأعوان الحراسة والتنظيم بالملاعب، يبدو مستحيل التطبيق في الجزائر نظرا لعدة أسباب. أولها أن أعوان التنظيم أو ما يسمى بالفرنسية ''ستاديي'' يعتبرون مناصرين للفرق المضيفة ولا يمكنهم الالتزام بمهامهم والتعامل بحيادية مع الأوضاع الحرجة''. متسائلا ''هل كوّنا هؤلاء الأعوان من الناحية المهنية حتى نؤهّلهم لهذه المهمة، وهل يمكن لعون الأمن بالجزائر أن يقف تسعين دقيقة في مواجهة الجماهير والمباراة تلعب وراء ظهره، هذا مستحيل، نحن نعاني من المنظمين عندنا الذين بمجرد بداية المباراة يتركون كل شيء ويتوجهون للمدرجات لمتابعة المباراة، فكيف نعتمد عليهم من أجل التحكم في الأمور الأمنية والانزلاقات الخطيرة، ثم لماذا لا نفكر أولا في إزاحة الأسلاك الشائكة التي تحيط بملاعبنا وتوعية جماهيرنا قبل التفكير في إبعاد عناصر الأمن''. إجراء متسرع والعواقب ستكون وخيمة ونفس الفكرة دافع عنها أيضا فريد نزار، رئيس شباب باتنة، الذي ذهب أبعد من ذلك حينما قال أن قرار سحب رجال الأمن من الملاعب أمر متسرع فيه كثيرا، بدليل أن الفرق حاليا لا تملك القدرة على تنظيم المباريات عند فئة الآمال، فكيف سيكون الحال وهو تنظم هذه الأمور عند الأكابر. وأكد نزار أن الأمن مطالب بضرورة مرافقة الأندية، لأن الملاعب الجزائرية لا تتوفر على ضروريات الراحة للمناصرين. مشيرا أن الكثير من أعمال الشغب تحدث نتيجة هذه العوامل. وفي ذات السياق، شاطر رئيس لجنة أنصار شباب باتنة، فريد جنان، حديث رئيس ناديه في ضرورة بقاء الأمن في الملاعب، ''لأن المناصر الجزائري تنقصه ثقافة الربح والخسارة، والكثير من الحوادث التي عرفتها ملاعبنا هي نتيجة حتمية لمباراة فيها من لا يتقبل الخسارة مهما كان نوعها. وأكد فريد جنان أنه قبل التفكير في تنحي رجال الأمن من الملاعب بشرط التفكير في كيفية هيكلة لجان الأنصار وجعل دورها رياديا وليس لتسهيل مهمة دخول الأنصار وخروجهم فقط. داعيا الجهات المعنية إلى ضرورة التفكير مليّا في القرار قبل تنفيذه، لأن العواقب ستكون وخيمة خاصة في اللقاءات التي يتحدد فيها مصير الأندية. أما رئيس لجنة أنصار مولودية وهران، بن يعقوب سوالمية، فقال إن قرار سحب رجال الشرطة من الملاعب لن يخدم مصلحة كرة القدم الجزائرية بالنظر إلى أن عواقبه ستكون وخيمة. مضيفا: ''إذا انسحب رجال الأمن من ملاعبنا ستحدث الكارثة خلال اللقاءات الرسمية، خاصة تلك التي تكون مصيرية وهامة، حيث أنني لا أتصور مباراة في كرة القدم في الجزائر بدون رجال الشرطة سواء داخل الملعب أو خارجه''. وواصل سوالمية يقول: ''أعتقد أن هذا القرار سيزيد من الأمور تعقيدا في ملاعبنا، حيث أن العنف يحدث حاليا بوجود رجال الشرطة وما بالك إذا انسحبوا من الملاعب فهذا سيجعل الفوضى تحدث داخل الملاعب وتكثر أعمال العنف ولكم أن تتصوروا مباراة هامة بين مولودية وهران وجمعية الشلف دون حضور الشرطة''. أندية تفتقد لشركات أمنية خاصة من جهته، لم يكتف شوقي بن شوك رئيس وداد تلمسان، عند هذا الحد، بل أكد أن الظرف الراهن لا يسمح بانسحاب رجال الشرطة من الملاعب الجزائرية، حيث قال ''الظروف الراهنة التي نمر بها لا تسمح بانسحاب الشرطة من الملاعب، فنحن غير مؤهلين للحفاظ على الأمن داخل ملاعبنا ولا نملك الوسائل التي تسمح لنا بضمان السير الحسن للمباريات الرسمية. نحن لا نتحكم في الملاعب ولا نسيّرها لدى سيكون من الصعب علينا إيجاد من سيخلف رجال الشرطة في المباريات الرسمية خاصة مع نهاية الموسم''. مضيفا ''انسحاب رجال الأمن من الملاعب سيزيد من ظاهرة العنف المتواجدة حتى بوجود الشرطة داخل الملاعب، فكيف سيكون الأمر إذا انسحب رجال الأمن حاليا''. وبدوره، أكد رئيس مولودية العلمة هرادة عراس، أن فكرة انسحاب الشرطة من الملاعب في المباريات الرسمية لم يحن بعد تطبيقها في البطولة الوطنية، وسببه في ذلك أن جميع الأندية من دون استثناء تفتقد لشركات أمنية خاصة بها قادرة على تنظيم اللقاءات ووضع حد لأعمال العنف في المدرجات. داعيا المسؤولين إلى وضع القوانين الخاصة بإنشاء شركات أمنية خاصة بالفرق المحترفة ثم تأطيرها بشكل جيد من قبل الشرطة قبل الشروع في العمل بصورة رسمية مع المواسم القادمة. قرار غير منطقي كما اعتبر مراد سنوسي رئيس النادي الهاوي لأهلي البرج، قرار المدير العام للأمن الوطني غير منطقي في الوقت الراهن، لأنّه وببساطة، حسبه ''مسؤولي الأندية غير قادرين على تنظيم المباريات وحماية المتفرّجين في المدرجات''. مشيرا إلى تصاميم أغلب الملاعب الجزائرية التي لا تتوفر على أبسط التجهيزات المتعلّقة بحماية المناصرين. وخصّ محدّثنا بالذّكر، غياب كاميرات المراقبة وافتقاد الملاعب لمداخل ومدرجات تتناسب مع توفير الأجواء المريحة للجماهير. مؤكدا ''تواجد الشرطة ضروري في ملاعبنا ما دام المناصر لا يتقبّل الهزيمة''. رسالة إلى اللواء هامل وفي المقابل ، حاول بعض رؤساء الأندية بعث رسالة إلى السلطات العليا في البلاد، من خلال المدير العام للأمن الوطني عبد الغني هامل لمراجعة القرار، وهو ما ذهب إليه رئيس أمل مروانة رمضان ميدون، الذي قال أن قرار سحب رجال الأمن من الملاعب متسرع فيه ''ولم يراع خصوصيات ملاعبنا التي لا تتوفر على ظروف اللعب دون رجال الأمن''. مضيفا أن القرار وجب مناقشته من جميع الجوانب، لأن الوقت الحالي لا يسمح بسحب رجال الأمن من الملاعب فجأة ودون سابق إنذار، لأنه، على الأقل، لا بد من تحضير الأندية لتفعيل الحراك الرياضي بنفسه على أبسط مستوى، وبعدها يمكن الحديث عن تخلي مصالح الأمن عن تسيير الملاعب أمنيا. وذكّر ميدون بضرورة توفير ظروف الراحة للأنصار وبعدها سيكون تسيير اللقاءات دون أمن ممكن، شريطة أن تلعب لجان الأنصار دورها كاملا غير منقوص، وضرورة تحلي الأنصار بالروح الرياضية، ''لأن ما نشهده اليوم لا يسمح بالمغامرة بأرواح الأنصار في ملاعب، الكثير منها، لا يتوفر حتى على منافذ للنجدة، فكيف نريد أن يكون الأمن ورجاله غائبين عنها''. نفس الفكرة ذهب إليها عبد الحق دميغة، رئيس مولودية قسنطينة، الذي قال أن القرار يجب مراجعته ''باعتبار أن ملاعبنا حاليا وبحضور الشرطة ما زالت تعاني من أعمال العنف، فما بالك بغياب الشرطة''. مشيرا بأن قرارا مثل هذا يجب أن يتم بطريقة تدريجية إلى حين تحضير أعوان أمن الملاعب ''لي ستاديي'' بصفة جيدة، مع تأكيده على أن الحل يكمن في الاستعانة بمؤسسات خاصة مختصة في الأمن، وهذه الأخيرة مستحقاتها المالية جد مرتفعة. مسؤولية الأندية ستكبر أما التيار الذي دافع عن القرار واعتبره في مصلحة الكرة الجزائرية، فقد استدل بالتجارب المماثلة التي نجحت في البلدان الأوروبية. مؤكدين أن القرار سيزيد من مسؤولية الأندية، وهو ما ذهب إليه رئيس اتحاد الحراش، محمد العايب، الذي قال إن انسحاب الشرطة من الملاعب، من شأنه أن يزيد من مسؤولية الأندية في تأمين المقابلات. وقال أن الإجراء يأتي تجاوبا مع القانون الذي يجعل النادي المستقبل لضيفه مسؤولا عن الأمن قبل وأثناء وبعد المقابلات. وقال العايب، أن المسؤولية ستكون كبيرة على النوادي بعد تطبيق الإجراء. معتبرا الانسحاب التدريجي للشرطة من الملاعب يأتي مسايرة مع الإجراءات المعمول بها في باقي البلدان. وألح المتحدث على ضرورة تكوين أعوان الملاعب لجعل مهمتهم أكثر سهولة، مع اختيار الأعوان الذين تربطهم علاقات إنسانية مع الجماهير، مع تأكيده على أن يكون الانسحاب تدريجيا. وأضاف أن الأندية لن تضطر إلى دفع مبالغ للشرطة بعد انسحابها من داخل الملاعب، لكنها ستجد نفسها مضطرة إلى دفع تكلفة تكوين أعوان الملاعب. الانسحاب سيحد من ظاهرة العنف وفي نفس الإطار، صرح رئيس شباب قسنطينة ياسين فرصادو، بأن القضية ليست في انسحاب الشرطة أو لا من الملاعب، بما أن تسيير المقابلات والملاعب التي تحتضن هذه المنافسة ليست من صلاحيات الأندية. مشيرا بأن تسيير أي مقابلة رياضية يجب أن توفر له جميع الشروط اللازمة لجعلها عرسا أو حفلا، ومنها دخول الأنصار في الوقت المناسب لتفادي التدافع، والقضاء على ظاهرة تزوير التذاكر وتوفير جميع الخدمات داخل الملاعب وغيرها من الشروط، فحينها، يقول فرصادو ''المناصر يتابع المقابلة دون أي ضغوط، ولن يلجأ للعنف مهما كانت نتيجة المباراة، وبالتالي لن تكون هناك حاجة ملحة لتواجد أفراد الشرطة، ولكن مع استمرار الوضع على ما هو عليه حاليا، فإن العنف سيبقى مستمرا. وشدد فرصادو بأن الحديث عن الاستعانة بالمؤسسات المختصة في الأمن لا يعد حلا، باعتبار أن دفع مستحقات هذه الأخيرة سيكون على عاتق الأندية، والتي في نفس الوقت تعاني ماليا ودائما في رحلة البحث عن مصادر التمويل لتغطية نفقاتها. أما رئيس لجنة أنصار أهلي البرج عبد الكريم ثعالبي، فقد زكى القرار قائلا ''انسحاب الشرطة من الملاعب كان قرارا ''صائبا'' وينقص أعمال العنف''، على حدّ قوله. وحجّته في ذلك أن أعوان الشرطة في بعض الأحيان يستفزون المناصرين عند مداخل الملاعب وفي المدرجات بتدخلاتهم ''العنيفة أحيانا'' عكس أعوان الأمن، حسب محدّثنا، لقربهم من المناصرين في الحياة اليومية. مطالبا في الوقت نفسه المسؤولين عن كرة القدم الجزائرية إعادة النظر في سلك التحكيم. مؤكّدا ''التحكيم يعتبر المتسبّب الرئيسي في أعمال الشغب بسبب القرارات التي لا تتناسب مع اللقطات، وهو ما يتسبّب في نرفزة اللاعبين والأنصار على حدّ سواء''. وحمّل ثعالبي في ذات السياق، مسؤولي الأندية نسبة من المسؤولية في أعمال الشغب التي تحدث في الملاعب جرّاء سوء التسيير الإداري والتلاعب بمشاعر المناصرين. وبين هذا وذاك، يتفق الجميع في نقطة ضرورة تكوين أعوان الملاعب من قبل الشرطة حتى يتسنى للكرة الجزائرية تطبيق قرار انسحاب الأمن الوطني من الملاعب، وهو ما كشف عنه المدير العام لشركة اتحاد بلعباس الجيلالي بن سنادة الذي قال ''الاستفادة من الخبرات الأوروبية في المجال أمر جيد، إلا أن قضية من هذا القبيل في الجزائر تتطلب تحضيرات جدية قبيل الخوض في التطبيق الميداني''. مضيفا ''الخطوة تعتبر بادرة بات من الواجب تدعيمها، وهنا نفضل أن نتعامل مع أفراد مكونين في المجال يعملون بالتنسيق مع نظرائهم من الفرق الأخرى خاصة خلال التنقلات'' ختم محدثنا قوله.