تقرير الطبيب الشرعي يؤكد مقتل الطفلين في نفس يوم العثور عليهما شيّعت أمس، في جو مهيب دمعت له السماء، جنازة الطفلين إبراهيم حشيش وهارون بودايرة البالغين من العمر 7 و9 سنوات، بمقبرة زواغي سليمان، بحضور الآلاف من المشيعين، والذين رددوا شعارات القصاص والثأر، من خلال الحكم بالإعدام على الفاعلين، اللذين تم توقيفهما من قبل سكان المدينةالجديدة. هرع المواطنون والمواطنات، منذ الساعات الأولى لنهار أمس، من مختلف أحياء المدينةالجديدة علي منجلي وحتى من وسط مدينة قسنطينة، لحضور جنازة الفقيدين إبراهيم حشيش وهارون بودايرة، اللذين عثر على جثتيهما زوال الثلاثاء بالمدينةالجديدة علي منجلي بعد اختطافهما مساء السبت الماضي بالوحدة الجوارية 18 في وضح النهار. كان المشهد مروعا وسط حشود المواطنين ودموع العائلات والجيران، حيث تطلّب الأمر أزيد من 20 دقيقة لبلوغ منزل إبراهيم حشيش من باب العمارة حتى باب الشقة التي تقع في الطابق الأرضي، حيث لم نستطع المكوث إلا ثوان قليلة أمام والدته المفجوعة التي كانت مستلقية في شبه غيبوبة وآثار الحمى بادية عليها، خاصة أنها تضع بطانية ثقيلة على جسدها المنهك، حيث لم تقو المسكينة على رفع رأسها من الوسادة في غمرة الإغماءات التي تنتابها كل مرة. نفس الصور مررنا بها ونحن منجه لمنزل جدة هارون الذي أقيمت به الجنازة في العمارة المقابلة، حيث لم تقو والدته على ذرف دموع أكثر، لكثرة ما بكت وكسى الاصفرار وجهها الحزين متيقنة أن ابنها ''طير من طيور الجنة'' فيما كان حال الجدة أسوأ وهي تردد بصوت هزيل، مرتعش وخافت ''اللي حرقنا ربي يحرقو، نوكلو ربي برك''. لم تكف 20 شقة في كلتي العمارتين حشود النسوة المتواجدات بعين المكان، دون ذكر جموع آلاف الرجال، ما اضطر أعوان الحماية المدنية للتدخل في ظل تساقط غزير للمطر، من أجل نصب 7 خيام، إلا أن الأمر لم يجد نفعا أمام الجماهير من الرجال والنساء والتي حتى وإن قدمن للتعازي فقد جلبت كل واحدة صغارها في يدها. قبل وصول جثتي الصغيرين المغتالين كانت شاحنات المساعدات تصل تباعا من الخواص والجمعيات، فيما أحاطت أزيد من 30 حافلة للنقل الجامعي المكان تأهبا لنقل الرجال جنازة الصغيرين نحو مقبرة زواغي سليمان. السكان أوقفوا أحد الفاعلين وسلّموه لمصالح الأمن ذكر شباب الحي الذي يقطن به كل من إبراهيم حشيش وهارون بودايرة، أنهم هم من ألقوا القبض على أحد الفاعلين، بعد أن تقفّوا أثرهم، من خلال الأوصاف التي أرشدهم إليها عامل صيني بإحدى ورشات البناء، ليتبين أن المكان الذي ألقيت فيه جثتي الطفلين، هو نفس المكان الذي كانا محتجزان فيه، على بعد 1000 متر تقريبا من منزلهما أين تم اختطافهما، حيث استغل الفاعلان شقة مستأجرة، والتي كانا يمارسان فيها شتى أنواع الرذيلة، لاختطاف الطفلين واغتصابهما قبل أن يقررا التخلص من الجثتين برميهما خلف العمارة، في وضح النهار، بسبب حالة الذعر التي لحقت بهما، حيث تمكّن عامل صيني من التعرف على أحدهما وإرشاد زملائه في الورشة من الجزائريين، الذين بدورهم هرعوا رفقة سكان الحي للقبض على أحدهما وتسليمه لمصالح الأمن. استقبال جثماني الطفلين بالتكبير والزغاريد لدى وصول الجثمانين تعالت التهاليل والزغاريد، حيث كبّر الرجال وزغردت النساء وتعالت الهتافات ''الله أكبر'' ''لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله'' فيما هتفت الحشود بعدها بصوت واحد ''الشعب يريد تنفيذ الإعدام''، وسط حالة هستيرية من البكاء والإغماءات وسط النسوة. لم يمض وقت طويل على إدخال الجثمانين إلى منزلي أهليهما حتى أخرجا وسط حشود يصعب السيطرة عليها، حيث توجهوا بهما إلى ساحة ترابية كبيرة خلف الحي أين تم أداء صلاة الجنازة عليهما والتوجه بهما مباشرة نحو مقبرة زواغي، مما تسبب في شل حركة المرور لأزيد من ساعة بالمدخل الرئيسي لمدينة علي منجلي وعلى طريق مطار محمد بوضياف. مباشرة بعد مضي الرجال بالجنازة، انطلقت النسوة في مسيرة سلمية طويلة بلغت حوالي 800 متر عبر شوارع المدينة مرورا بالحرم الجامعي، حيث هتفن بشعارات تنديدية بمثل هذه الأعمال الإجرامية. تلاميذ لم يلتحقوا بمقاعد الدراسة دخل سكان المدينةالجديدة علي منجلي في حالة هلع، حيث قرروا منع أولادهم من الذهاب إلى المدارس، فيما فضّل آخرون توصيلهم بأنفسهم، كما علمنا أن العديد من المدارس بالمدينةالجديدة أغلقت أبوابها بعد عزوف التلاميذ عن الالتحاق بها من شدة الهلع والخوف، فيما جاب العشرات من تلاميذ الثانوي والمتوسط أرجاء المدينة منددين بالجريمة البشعة، للإشارة، فإن تلاميذ مدرسة موشى حملاوي بقرية بوشبعة التي كان يدرس بها الصغير إبراهيم حشيش تخلو من مقاعد الدراسة منذ السبت الماضي بسبب حالة البسيكوز التي أصابتهم وأصابت أولياءهم، فيما هرع بعض الأولياء إلى المدارس مطالبين وبلهجة حادة تسريح أبنائهم، حيث بدأت مختلف المدارس والمؤسسات التعليمية بتسريح التلاميذ منذ الساعة العاشرة من صباح أمس وطلب منهم المدرسون، حسب بعض الصغار، التزام منازلهم في ذات المساء. قرابة 10 آلاف مشيّع للطفلين بمقبرة زواغي سليمان لم تشهد مقبرة زواغي سليمان حشدا من المشيعين كما شهدته أمس، خلال مراسيم دفن الطفلين المغدورين هارون وابراهيم، والتي قدّرتها مصادر أمنية بحوالي 10 آلاف مشيّع لم تتمكن أرض المقبرة من حملهم، ليضطر المئات تسلّق الأشجار، حيث تعالت التكبيرات والمطالبة بالقصاص، وأطلق المشيعون شعارات ''القصاص'' وكذا ''لن نرضى بأقل من حكم الإعدام وتنفيذه''، إضافة للهتاف ''بالروح بالدم نفديك يا شهيد''، وسط تعزيزات أمنية من قبل مصالح الدرك الوطني. النائب العام: الطفلان قتلا خنقا والجناة مسبوقون قضائيا أكد النائب العام لدى مجلس قضاء قسنطينة عبد اللي محمد، توقيف المتهمين الضالعين في مقتل الطفلين المختطفين، مباشرة عقب العثور على الجثتين. ويتعلق الأمر بمسبوقين قضائيين، المدعو ''ع.ح''، يبلغ من العمر 38 سنة، والمدعو ''ل.ق'' البالغ من العمر 21 سنة، يقطنان بالوحدة الجوارية 17 بالمدينةالجديدة علي منجلي. وقد عقد، صباح أمس، النائب العام لدى مجلس قضاء قسنطينة، ندوة صحفية قدم فيها خلاصة جميع التحقيقات وظروف توقيف المشتبهين فيهما في قضية اختطاف وقتل الضحيتين، أين صرح بأن اكتشاف الجثتين داخل الورشة سمح بتوقيف المجرمين من قبل مصالح الضبطية القضائية باستعمال وسائل علمية، واللذان اعترفا بالجرم المنسوب إليهما، رافقتها شهادات لشهود عيان على الجريمة. وقد اعتبر النائب العام الفعل انفراديا منعزلا ولا علاقة له بالجريمة المنظمة، فيما لا يزال البحث والتحقيق الاجتماعي متواصل حول المتهمين. مشيرا إلى أن ممثلين عن النيابة تنقلوا إلى مكان وجود الجثتين وإلى مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي بن باديس في قسنطينة للإشراف على التحريات، حيث أفادت المعلومات الأولية إلى أن قتل الضحيتين كان عن طريق الخنق، في نفس اليوم الذي عثرا فيه عليهما، أي أنهما ظلا على قيد الحياة من يوم الاختطاف الذي وقع مساء السبت، إلى غاية صبيحة يوم الثلاثاء، وهو ما أثبته الطب الشرعي، دون ذبح أو تشويه أو التنكيل بجثتيهما أو المساس بأي عضو من أعضائهما الداخلية أو الخارجية. ورفض ذات المتحدث الخوض في بعض التفاصيل بالقضية والتي لا تزال العديد من جوانبها غير واضحة بحجة أنها تتعلق بسرية التحقيق، قائلا أن هذه الأفعال الغريبة بعيدة عن المجتمع وليس لها علاقة بالجريمة المنظمة، وهي تحركات شخصية سيتم العقاب عليها لاسيما ضد القصر. وعن الأسباب الحقيقية وراء الفاجعة، أجاب النائب العام أن ''الباعث'' حسب المصطلح القانوني عن الجريمة لا تزال التحريات فيه متواصلة، وسيؤكد بعد إثبات الدليل العلمي من طرف الجهات المتخصصة، في الوقت الذي قالت فيه مصادر مقربة من التحقيق أن الطفلين تم اغتصابهما قبل خنقهما. مواطنون يحتجون أمام المحكمة ويطالبون بالإعدام العلني سادت، مساء أمس، أجواء مشحونة بالغضب والأسى، على تلاميذ الثانويات والإكماليات ببلدية قسنطينة، بعد مقتل المغدورين إبراهيم وهارون، حيث اختار العشرات منهم المشي في مسيرة عفوية بوسط المدينة، انطلقت من أمام بعض الثانويات. مطالبين فيها بالقصاص العلني لسفاحي إبراهيم وهارون إمام الملأ، رافعين شعارات تنديدية. وقد نقل التلاميذ احتجاجهم ومسيرتهم إلى مقر محكمة القطب الجزائي لقسنطينة، انضم إليها العشرات من المواطنين المتواجدين بعين المكان، مرددين عبارات تطالب بتسليط أقصى العقوبات على المجرمين. الجدير بالذكر أن الفايسبوكيون يتبادلون منذ نهار أمس، رسائل تدعو إلى تنظيم مسيرة حاشدة وسط المدينة خلال الفترة الصباحية من نهار اليوم.