من خصائص رسالته صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خاتم النّبيّين، وآخر المرسلين، فلا نبيّ بعده، فبه ختم اللّه الرّسالات السّماوية، وبشرعه أتمّ اللّه دينه؛ قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ} الأحزاب:40، وجاء في الحديث: ''وخُتِم بي النَّبيُّون''، رواه مسلم. وقد شبّه عليه الصّلاة والسّلام رسالته بين رسالات الأنبياء، برجل بَنَى بيتًا على أحسن ما يكون البناء، لكنّه تَرَك منه موضِعًا لم يكمله، فاعتبر رسالته صلّى اللّه عليه وسلّم ختام الرّسالات الّتي سيتم بها إتمام بناء الرّسالات السّماوية على الوجه الأكمل والأفضل؛ يقول عليه الصّلاة والسّلام: ''إنّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بَنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلاّ موضع لبنة من زاوية، فجعل النّاس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وُضعت هذه اللّبنة! قال: فأنَا اللّبنة، وأنا خاتم النّبيّين''، رواه البخاري ومسلم. هذه جملة من الخصائص الرسالية الّتي اختصّ اللّه بها رسول الإسلام عليه الصّلاة والسّلام، وهي، ولا شكّ، تبيّن مكانة هذا الرّسول الكريم بين الرسل، وتبيّن، كذلك، منزلة شريعة الإسلام بين الشّرائع السّماوية. وهي، في الوقت نفسه، تلقي مزيدًا من الضّوء على قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلاَمَ دِينًا} المائدة:3.