أول انعطاف وانحدار هام للمنحى والمسار الرسمي لبناء المؤسسات السياسية، أعطي من خلال تنظيم انتخابات رئاسية مع مرشح وحيد، رغم الانسحاب الفجائي في آخر لحظة لستة من مجموع سبعة مترشحين المختارين رسميا، والذين استوفوا الشروط الدستورية المعتمدة، فهناك بالتأكيد خطأ للتقدير لدى السلطات المكلفة بتنظيم الانتخابات، والتي ستلقي بظلالها على مجريات الأحداث في البلاد. إن حلول الوئام المدني وتطوره إلى وفاق وطني ثم مصالحة وطنية، لا يبدو أنه ساهم في وضع حدّ لمظاهر العنف على نطاق واسع. وهناك ملاحظتان تفرضان نفسيهما لكل ملاحظ لبيب وفطن، بداية بغياب أي تفسير حول الفرق بين سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية، هذا في حال ما إذا تحلينا بالتسامح للإقرار بأن هناك فهما لمعنى الوئام المدني، فهذه الأخيرة اعتمدت كأساس وقاعدة سياسية وقانونية للاتفاق الموقع بين الجيش الإسلامي للإنقاذ والقيادة العسكرية في أكتوبر 1997 وترسخ بقانون الوئام المدني في جويلية 1999 ومرسوم جانفي .2000 وعلاوة على ذلك، فإن رئيس الدولة اغتنم هذه الفرصة للدعوة إلى استفتاء في سبتمبر 1999 في محاولة للتعويض عن سوء انتخابه في أفريل ,1999 حينما تقدم كمترشح وحيد بعد انسحاب المترشحين الستة الباقين. والسؤال المطروح: ما الذي يقدمه الوئام المدني أكثر مما تم العمل به في المسار الذي دفع بالجيش الإسلامي للإنقاذ لإلقاء السلاح؟ ما الذي تبقى من توضيح للنقاش خارج الشعارات والخطاب الديماغوجي؟ ما هي الشروط الضرورية لإنجاح هذه السياسة؟ ما هي الوسائل التي تم تجنيدها؟ ما هو تسلسل تنفيذها؟ لماذا انتقلنا إلى الوفاق الوطني؟ ما الذي كان يمكن إنجازه من خلال الوئام المدني ولم ينجز؟ ماذا يمكن تحقيقه، من خلال المصالحة الوطنية، عجز الوئام المدني عن إنجازه؟ ما هي أهداف المصالحة الوطنية؟ هذه الأسئلة تتطلب إجابات واضحة ينتظرها السكان، إذا رغبنا في الحصول على دعمهم وإدماجهم في مسار السلام، وبشكل عام، وهذه هي الملاحظة الثانية، تحتاج كل سياسة لمحاربة العنف إلى شرعية لضمان فعاليتها. ولكن، يتعيّن أن تكون ناجعة لتصبح شرعية، ومن هنا تأتي المشكلة، لأنه ليس عن طريق الشعارات والديماغوجية والضبابية والغموض تقضي على كل هذه المشاكل، خاصة في ظل محيط يتميّز بفساد مستشرٍ وسوء تخصيص الموارد، في وقت أضحت فيه الحالة المالية للدولة في أفضل وضع. وعليه، يتوجب إعطاء أجوبة مقنعة على الأسئلة الثلاثة التي تطرح حول تسيير مرحلة ما بعد الإرهاب، من بإمكانه المشاركة في نظام سياسي يقام في إطار المرحلة الانتقالية السياسية، ومن سيكون مصيره التهميش أو الإبعاد؟ ما هي الآليات الضرورية للتعامل مع المشاكل الناجمة عن حالة الحرب التخريبية، على سبيل المثال، كيفية التعامل مع الجرائم وعواقبها؟ كيفية استعادة التماسك والتعايش أو الوئام الوطني التي تعرّضت لهزة، بسبب حقبة العنف الذي تعرّضت له البلاد؟