سجلت مدينة غرداية أمس، الصدام الأول العنيف بين ما يسمى بحركة البطالين في الجنوب والسلطات العمومية، وأسفرت مصادمات تواصلت طيلة نهار أمس، عن جرح 35 شخصا والعشرات من حالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع. استجاب المئات من المحتجين لدعوة ممثلي بطالي الجنوب للمشاركة في مسيرة سلمية، هدفها منع تنظيم مهرجان عيد الزربية وموكب العربات والفرق الفلكلورية. وقد تمسكت السلطات المحلية ببرنامجها الخاص بتنظيم عيد الزربية في موعده، ونتج عن هذا مصادمات وأعمال عنف لم تشهدها غرداية من قبل. وتحول وسط مدينة غرداية إلى ساحة معركة حقيقية بين مئات المحتجين، بعضهم من أنصار لجنة الدفاع عن حقوق البطالين والرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان وآخرون بلا هوية سياسية. وبلغت خطورة المصادمات بين المحتجين والشرطة حد اقتراب المحتجين من مقر ولاية غرداية ومحاولة بعضهم اقتحام مقر أمني للشرطة، حيث منعوا من دخوله على بعد أقل من 200 متر. وبدأت الأحداث على الساعة التاسعة من صباح أمس. وقال مناضلون من لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان، إن الشرطة فضت بالقوة تجمعا سلميا لمناضلي الرابطة وآخرين من لجنة الدفاع عن حقوق البطالين في إطار احتجاجات الجنوب. وقد حاول المحتجون في البداية منع تنظيم عيد الزربية بطريقة سلمية، حسب تعبيرهم، ثم اقتحمت الشرطة عليهم المكان وأوقفت ناشطين حقوقيين ومناضلين من الرابطة ولجنة الدفاع عن حقوق البطالين، وبدأت بعدها مطاردة الشرطة للمحتجين وانتشرت أعمال العنف في أغلب الشوارع الرئيسية في المدينة وتشير مصادر أمنية إلى أن الشرطة لم تتدخل في البداية عندما كان الإحتجاج سلميا، لكن المحتجين شرعوا في تخريب المنصة الشرفية وهو ما استدعى تدخل الشرطة لإعادة النظام للمكان. وتطورت الأوضاع إلى حد محاولة اقتحام مقر أمن وسط المدينة، حيث منع المحتجون من الوصول إليه على بعد أقل من 200 متر، وكادت مجموعة من المحتجين من الوصول إلى مقر الولاية. وقد اشتعلت عدة مناطق عبر مدينة غرداية وشهدت مطاردات وأعمال عنف بين الشرطة والمحتجين، وقد وجدت وحدات التدخل نفسها تحت ضغط جموع تضم آلاف المحتجين، حيث تحول شارع النصر بوسط المدينة إلى ميدان معركة تتبادل فيها وحدات الشرطة مع المحتجين المواقع. واستعمل بعض المحتجين الزجاجات الحارقة، مما أدى إلى إصابة عدد من عناصر الشرطة بجروح خطيرة. وقد حاولت السلطات تنظيم موكب العربات والفرق الفلكلورية بغرداية، لكن عودة الاحتجاجات إلى قلب المكان حالت دون ذلك، حيث ألغي حفل افتتاح عيد الزربية، وانتشرت الفوضى في أرجاء المدينة التي توقفت فيها الحركة التجارية في أوج الموسم السياحي. وتأتي هذه الأحداث كأول بداية للصدام بين السلطات العمومية من جهة ولجنة المطالبة بحقوق البطالين في الجنوب، حيث اتجهت الأحداث إلى العنف بين الطرفين، في وقت يتبادل فيه كل من المحتجين المسؤولين المحليين الاتهام بتحويل مسار الاحتجاجات السلمي الذي بدأ قبل 3 أشهر إلى العنف، وهو ما أثار مخاوف الناس في الجنوب.