برزت في السنوات الأخيرة ظاهرة جديدة في قطاع التربية، لاسيما بعد ''الطفرة غير المسبوقة'' في أجور المستخدمين، وهي الإقبال على التوظيف في هذا القطاع ''الحسّاس'' لما يسيله من لعاب بسبب الرواتب المرتفعة، ما جعل هذا الوضع يتيح الفرصة لأساتذة ومعلمين لاقتحام مهنة التدريس، رغم كونهم لا يستطيعون التحكم في التلاميذ وتسيير الأقسام. تكشف محاضر نهائية لقوائم الناجحين في مسابقات قطاع التربية، تحوز ''الخبر'' على نسخ منها، أنّ سن معظم الفائزين في الامتحانات المهنية التي تنظمها وزارة التربية سنويا بالتنسيق مع الوظيفة العمومية، متدني جدّا، أغلبهم من مواليد نهاية الثمانينيات، بمعنى أنّ أكبرهم عمره 25 سنة إذا اعتمدنا على نتائج مسابقات الدخول المدرسي الجاري. وقد خلقت هذه الوضعية داخل قطاع التربية مشاكل عديدة، يقف في جزء كبير منها معلمون وأساتذة من كلا الجنسين تكوينهم ناقص، حيث ترتب عنها صعوبة التحكم في التلاميذ وفرض الانضباط، وعدم القدرة على تسيير الأقسام، خاصة إذا منح لهذا المعلم أو الأستاذ ثلاثة أقسام بيداغوجية، والمصيبة أنّ اكتظاظها ببلوغ 50 تلميذا في القسم، جعل من التسيّب داخل المدارس يعرف منحى مرتفعا في الآونة الأخيرة. ولتفادي هذا الضغط، لجأ هؤلاء الأساتذة والمعلّمون إلى ''خلق'' أقسام خاصة في المؤسسات التربوية، يقومون، بمساعدة مدراء هذه الأخيرة، لكن هذا الإجراء حمل تداعيات وتأثيرات سلبية من خلال إهمال التلاميذ في بقية الأقسام الأخرى، مما ساهم في ارتفاع نسبة التسرب المدرسي نتيجة خلق فوارق بين المتمدرسين. وأرجع رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني مزيان مريان، سبب هذا الوضع إلى ضعف التكوين وعدم تحضير المقبلين على التدريس في الجوانب ''النفسية- البيداغوجية''، حيث لا يعقل، حسبه، تحويل الطلبة المتحصلين على شهادات ليسانس وماستر مباشرة نحو المؤسسات التعليمية دون تكوينهم، عن كيفية تعاملهم مع التلميذ والمدرسة التي تعرف تطوّرات كل سنة. وقال مزيان مريان ل''الخبر''، إنّ هذه الفئة من الأساتذة والمعلمين لا يمنعها القانون من المشاركة في المسابقات بسبب عامل السن، لكن من غير القانوني والأخلاقي لجوئهم إلى خلق أقسام للتفرقة بين التلاميذ هروبا من الضغط، رغم أنّه اعتبرهم ''ضحايا'' للتغيّرات الطارئة في قطاع التربية الذي ظهرت فيه أقسام مكتظة يتطلب تسييرها ''كومندو'' من الأساتذة، مشيرا إلى أنّه حان الوقت لمراجعة جذرية للتكوين في التربية.