مصالح الأمن مطالبة بالتحقيق في ظاهرة الاعتداء واختطاف وقتل الأطفال التجانية طريقة وانتشارها في العالم أكثر من الجزائر قال الخليفة العام للزاوية التيجانية، الشيخ بلعرابي التيجاني، إنه كان متخوفا كثيرا من حدوث أي انزلاق عندما خرج الشباب البطال إلى الشارع، في كل من الواديوالأغواط وغرداية، وقبلها بورفلة، مؤكدا أنه حذّر من حدوث فتن الجزائر في غنى عنها. معترفا، في حوار خص به ''الخبر''، أن مطالب هؤلاء الشباب مشروعة، وعلى السلطات أخذها على محمل الجد. وانتهز الخليفة العام فرصة هذا اللقاء ليرد على بعض من يتهم الزاوية بتراجع تأثيرها على المجتمع الجزائري، وتقلص دورها، بالإضافة إلى مواضيع أخرى.. يتحدث البعض، في الأيام الأخيرة، عن انحصار دور الزاوية التيجانية، بل وصل الأمر إلى القول إنها لا تأثير لها في الجزائر. فهلا عرفتموا القراء بالطريقة التيجانية ومبادئها واختلافها عن الطرق الأخرى؟ الطريقة التيجانية غنية عن التعريف، فهي معروفة على مستوى عالمي، وليس الوطني أو المحلي فقط، فهي تتبع المذهب المالكي، لأن شيخها أحمد التيجاني كان مالكيا، ومعروفة بأذكارها وتآلفها بين المسلمين وبأخلاقها الفاضلة. وهي لا تتميز عن الطرق الصوفية الأخرى، لأن جميعها من الرسول صلى اللّه عليه وسلم للّه ملتمسون. تتميز فقط بأن بعض الطرق غير منتشرة، والتيجانية معروفة على مستوى عالمي، خاصة في إفريقيا، رغم أنها في الجزائر لا تمتلك أتباعا كثيرين مقارنة بالطرق الأخرى، وهذا بعلم اللّه عز وجل عالم الغيب، ففي السينغال 90 بالمائة مسلمون، 65 بالمائة منهم تيجانيين، وفي السودان أكثر من 18 مليون تيجاني، وفي نيجيريا حوالي 50 مليون تيجاني بما يمثل ثلث السكان. وطريقتنا منتشرة في مختلف دول العالم، بقاراتها الخمس، بنسب متفاوتة، فالكثير موجودون في موريتانيا، والمغرب وتونس، ومصر والسينغال والسودان ونيجيريا. وهناك تيجانيون في أمريكا وكندا، وأيضا بأندونيسيا، التي زارتنا منها وفود، وأكدت أنه لا توجد إلا الطريقة التيجانية بين مسلمي ذلك البلد. بعض الدول العربية، كالسودان ومصر وليبيا وتونس، عرفت خلافات واحتجاجات، سيما بعد ما بات يعرف ب''الربيع العربي''. وباعتباركم ممثلين، بقوة، في هذه الدول. هل كان لديكم مساهمات لفضّ الخلافات؟ نحن جميعنا نسعى للخير، واللّه عز وجل ذكر، في الكثير من الآيات، الصلح واعتبره خيرا. فالخلافات والفتن كانت منذ عهد الرسول صلى اللّه عليه وسلم والخلفاء الراشدين، بين المسلمين، وحتى بين العلماء والصحابة. وهناك حتى الاختلاف بين المذاهب الأربعة، لكن الاختلاف رحمة بينهم. إلا أننا نرى أن الفتنة نار لعن اللّه موقدها، وهي أشد من القتل، لذا وجب حثّ الناس على التآخي والتراحم والتواد على ما قاله اللّه ورسوله الكريم، لأن ديننا لا يقبل الفتن والتفرقة بين المسلمين. ولقد انتقلنا إلى بعض الدول العربية والإفريقية، ودعونا مقدمي الطريقة وأتباعنا إلى التآخي، لأن الإسلام يحثّ على ذلك، وليس التيجانية فقط، والأمور بيد المولى عز وجل، لأنه ما تشاؤون إلا ما شاء اللّه. وهذه الفتن هي امتحان من اللّه عز وجل، الذي قال ''أدعوني أستجب لكم''. لذلك نحن نتضرع للمولى القدير بالدعاء والخير للمسلمين في مختلف دول العالم، وأن يرفع عنهم المقت والغضب، ورب العالمين بيده الأمور. وهل لديكم اتصالات مع مسؤولي هذه الدول؟ ليس لدينا اتصالات مع المسؤولين، نحن على اتصال مع مقدّمينا وعلمائنا في هذه الدول بالهاتف، نسأل عن أحوالهم وأحوال أتباعنا في الطريقة، ونحثهم على الدعاء، لأن الدعاء أخرج سيدنا يونس من الحوت بعدما دعاه. ونحن نقترح عليهم أن يعودوا لما يحث عليه الإسلام، بعدم سفك دماء إخوتهم في الدين والتآخي فيما بينهم، والوحدة وتجاوز الفتن والمحن، وما يقع ليس في خدمة المسلمين، وإنما في صالح المسيحيين واليهود. وكذلك في مالي، كان لدينا اتصال من خلال سيدي عبد الرؤوف بن سيدي محمد بن سيدي المختار، الذي ينتقل إلى هذا البلد، مع مقدمي الطريقة، ودعوناهم لاجتناب الفتن، وما لا يحمد عقباه، ويندمون عنها إلى يوم الدين، لأن البلاء من اللّه عز وجل والإنسان مسير فقط.
بالنسبة للتيجانية وعلاقة فمار بالوادي وتماسين بورفلة بمقر الخلافة العامة بعين ماضي بالأغواط؟ مقر الخلافة العامة للطريقة التجانية بعين ماضي بالأغواط، حيث ولد شيخها ومؤسسها سيدي أحمد التيجاني، وتماسين هي فرع من الزاوية التيجانية وسيدي الحاج علي معروف بكونه خليفة من خلفاء الشيخ رضي اللّه عنه، ومعروف بخدمته للشيخ، وكذلك أولاده، وهم من أتباع الطريقة التيجانية. وهناك زيارات واتصالات بيننا، فإن كان هناك خليفة فهو تابع للخليفة العام للطريقة التيجانية بعين ماضي، لأنها فروع تتبع الخلافة العامة، ولا يوجد أي خلافات، لأن تولي الأمر يكون بالمبايعة العامة، التي حضرها الجميع، بمن في ذلك الأحباب من كل النواحي، داخل الوطن وخارجه. وماذا عن مقر التيجانية بفاس بالمغرب؟ هل هناك خلافات حول تولي الخلافة بين الجزائر والمغرب، لكون الشيخ أحمد التيجاني وُلد بالجزائر وتُوفي بالمغرب؟ نعم، بالفعل جدنا مدفون بفاس، وهناك الكثير من التيجانيين في المغرب الشقيق، ونحن لا نريد الدخول في الأمور السياسية، لأننا رجال عبادة، والتعاون على البر وليس الإثم والعدوان. ونحن نبتعد عن السياسة، ولا نقترب من السلطة، بما في ذلك الانتخابات، ولا نقدم مترشحين أو ندعمهم، فكل أبناء هذه البلدية أو الولاية أو حتى الوطن هم أبناؤنا وندعو لهم بالخير، ونحثهم أن يكون في المستوى وتطلعات الشعب. فالزاوية التيجانية، لعلمكم، تسعى لتربية الأيتام، وتعليم القرآن إطعام الطعام والإصلاح بين الناس. الجنوب، وأنتم موجودون فيه، يعرف حالة من الحراك وسكانه يشتكون من ''الحفرة''، ما رأيكم في هذه الحركات الاحتجاجية؟ قبل تنظيم بعض الحركات الاحتجاجية بالجنوب كنت متخوفا من بعض مستغلي الفتن ومثيريها. لكن لمّا تابعنا الوقفات السلمية بورفلة والأغواط كانت وطنية، برفع العلم الوطني وتلاوة النشيد الوطني والترحم على الشهداء، لدحض كل الأعداء، فكان خطا أحمر لدعاة الانفصال والتفرقة وإحداث الشغب. وإن كان هؤلاء يطالبون بالشغل والسكن فهو من حقهم، إذا كانوا محتاجين، والمثل يقول: ''ما يحس بالمزود إلا المضروب به''، وهم قد يرون أنهم بجوار حاسي مسعود وحاسي الرمل والخيرات بجوارهم وينامون عليها ويعيشون البطالة والفقر، فمن حقهم المطالبة، شرط أن يكون بأدب وحكمة، فالإنسان هلوع إذا مسه الشر جزوع وإذا مسه الخير منوع. وانتشار هذه الاحتجاجات ليس بالمشكل، إذا ما كانت بعيدة عن الشغب وعرقلة حياة السكان والتحريض وإشعال الفتن، لأن حرق مدرسة سيحرم التلاميذ من الدراسة، وقطع الطريق سيحرم السكان، على اختلاف توجهاتهم، من التنقل. وأدعو الدولة أن تتكفل بمطالب السكان، حسب قدراتها، لأنهم أبناؤها، والجزائر أم وأب الجميع، والابن ينتظر من والده أن يعطيه السكن والعمل والمال وتزويجه وهو شاب، والطلب مقبول إذا كان سلميا وبهدوء لا يضر استقرار الوطن. والبطالة لعلمكم ليست في الجنوب فقط، أو في الجزائر، وإنما حتى في أمريكا مالكة الصواريخ والعلوم، وكذلك روسيا وفرنسا. ولو يخرج أولادنا لهذه الدول لساعة لعادوا إلى وطنهم مسرعين، والكثير من الجزائريين، حاليا، رجعوا إلى تربية الأغنام والفلاحة بقوة، بعد دعمها من طرف الدولة، وإذا كانت هناك الإرادة والنية فسيكون مصيره النجاح. انتشرت، في الفترة الأخيرة، ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم، كيف ترون هذه الظاهرة السلبية، وهل أنتم مع تطبيق حكم الإعدام؟ هذه الأمور غير مقبولة إطلاقا لأن الطفل صبي بريء، والإنسان يجب أن يحب لنفسه ما يحب للآخرين. فهل يقبل هذه الجرائم لأبنائه، وهذا حرام عند الله عز وجل، لأن المولى حرم قتل النفس، ومن زهق روح مؤمن متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب اللّه عليه ولعنه، فما بالك بالصبي الذي لا يسأل عند اللّه لبراءته. والمسلم الحقيقي لا يقبل هذا الشيء وعليه بمواجهته. أما عن سبب هذه الظاهرة، فأنا أجهله، ومصالح الأمن مطالبة بالتحقيق فيه، إن كانت المخدرات أو الحقد بين الناس. لكن، مهما كان السبب، لن يصل لقتل الطفل فتكون جريمة مع اللّه ومع العبد والمجتمع لا تغتفر.. هذا بلاء من اللّه عز وجل، نطلب منه أن يرفعه عنا، لأن الجريمة انتشرت في المجتمع، والحكمة ليست عندنا كأشخاص. ونحن نستنكر هذه الأمور السلبية والظواهر المسيئة لديننا. فنحن لا نهدي من نحب، لكن اللّه يهدي من يشاء، فنرجو لهم الهداية والعودة إلى دينهم والتمسك به. والله خلق الجنة وخلق النار، وأمر لهم الإعمار، فتأوي النار المنحرفين والمجرمون والقتلة. ونحن في دروسنا وأبحاثنا في المساجد نستعرض هذه الظواهر، وندعو للتآخي والتراحم. وبخصوص الإعدام فهو القصاص، وحكم اللّه عز وجل لكل قاتل، والعدول عن ذلك يعني الهروب من القرآن، وجزاء اللّه وجهل نواهيه، فكيف لنا أن نكون مسلمين. وهؤلاء الحقوقيون هم سياسيون يبدعون في القوانين والآية القرآنية لا يمكن عدم العمل بها، لأنها نزلت هكذا من اللّه عز وجل. ونحن دستورنا وقانوننا هو القرآن العظيم، ولو طبقناه لما وصلنا لما نحن فيه ولبقينا بعيدين عن هذه الفتن، ولو اتبعنا ما يدعو له الحقوقيون، على خلاف ما دعانا له القرآن الكريم، فهذا غير مقبول، ولا يمكن العمل ضده، وبالتالي الابتعاد عن الإسلام. هل أنتم منخرطون في اتحاد الزوايا؟ نحن لسنا منخرطين في هذا الاتحاد، نحن نحب الزوايا ونكنّ لأهلها كل التقدير والاحترام، لأنها كلها من الرسول ملتمسة، تدعو للخير والتآخي والتراحم. لكن زاويتنا تعتمد على أربعة مقاييس خيرية دينية. والمنظمات هدفها السياسة والتقرب منها، ونحن نبتعد كل البعد عن السياسة، ولا نمارسها ونريد فقط العبادة، فنحن نحب جميع الطرق، ولا يوجد منافسة بينها، لأنها تعمل على تطبيق الإسلام، والاختلاف رحمة، والشرع ممدود وليس محدودا. بخصوص مساهماتكم ونشاطاتكم في المجتمع، هل من تظاهرات أو ملتقيات للفكر التيجاني؟ الملتقى الدولي للفكر التجاني نظمته الدولة مرتان، في سنوات سابقة، وتوقف. فإذا عاد مرحبا به، ونحن لدينا مواسم، كذكرى سيدي عبد الجبار، التي يحضر فيها أتباع الطريقة، حتى من خارج الوطن كتونس وليبيا والمغرب والسودان. وهناك توافد للمشايخ في كل سنة في شهر رمضان، وانتقالهم عبر مساجد الولاية، بالتنسيق مع الشؤون الدينية، لنشر العلم والدين. إضافة إلى احتفالات المولد النبوي الشريف في كل سنة.
من هو الخليفة العام للطريقة التجانية؟ هو الحاج علي بلعرابي، المولود في 24 سبتمبر 1943، بعين ماضي (80 كيلومترا جنوب غرب مدينة الأغواط)، ربّاه جده سيدي عمار التجاني، بعدما هاجر والده إلى المغرب. هو الخليفة الثاني عشر للطريقة التجانية، منذ أكتوبر 2010، بعد مبايعته من قِبل التجانيين من مختلف مناطق الوطن. هو صهر الخليفة العاشر، عبدالجبار التجاني، ولديه 10 أطفال، منهم 5 إناث، كلهم من أم واحدة. حفظ القرآن ما تيسر منه وتفقه فيه، ويقيم بمنطقة محط السلطان، مقر الخلافة العامة للطريقة التجانية. لديه 9 إخوة، من بينهم 8 بنات، كلهم بالمغرب الشقيق، لكون والده كان يقيم هناك، وتزوج مغربيات. وهو الابن الوحيد لأمه التي مازالت على قيد الحياة، وتعيش رفقته.