سنشغل أنفسنا دون هوادة بالعمل والإنجاز لصالح مشروعنا يعلن عبد الرزاق مقري، نائب رئيس حمس، معارضة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رابعة، بعدما دعمته في ثلاثة استحقاقات رئاسية متتالية. وقدم، في حوار مع ''الخبر''، رأيه في الوحدة التي قامت بين الحركة وجبهة التغيير، وفي قضايا أخرى. لم نسمع لك رأيا في مساعي الوحدة الجارية بين حمس وجبهة التغيير. يشاع داخل الحركة أنك متحفظ عليها، ما مادى صحة ذلك؟ رأيي قلته داخل مؤسسات الحركة وللإخوة الذين يسعون للوحدة، ومن قال لك هذا أراد تغليطك، فأنا لا يمكن أن أكون متحفظا على الوحدة. قال عبد الحميد مداود، الذي أدى وساطة للم شمل حمس والتغيير، إن مسعى الوحدة يمتد إلى حزب غول وحركة البناء. ألا ترى أنه من غير المنطقي أن تنشطر حمس إلى ثلاثة أحزاب ثم تتوحد معها؟ لماذا غير منطقي؟ أتمنى أن يحدث ذلك، وكلما جاء الخير مرحبا به، وأنا أتمنى أن تتوحد كل الأحزاب والمنظمات التي تعتبر نفسها إسلامية، ولكن في انتظار ذلك، سنشغل أنفسنا دون هوادة بالعمل والإنجاز لصالح مشروعنا ووطننا وأمتنا، لأننا نثق بالله ثم بأنفسنا وقدراتنا وبمستقبل وطننا وأمتنا، الحركة اليوم في أحسن أحوالها وهي في حالة تجدد حقيقي من أجل نهضة الوطن. عرفت الساحة السياسية ظهور ما يشبه جبهة لمنع ترشح بوتفليقة لولاية رابعة. هل تعتقد أن المبادرة ستحظى بتأييد واسع؟ لست أدري كيف يتم منع بوتفليقة من الترشح لولاية رابعة. الحركة ضد ترشحه من حيث موقفها السياسي الداعي لتحديد العهد الرئاسية، فإن لم يقع تعديل للدستور يمنع فتح العهد واستمرارها، لا يملك أحد الوسائل لمنعه من الترشح، نحن لسنا في بلد يمكن أن تنظم فيه احتجاجات سلمية تغير المسارات السياسية، بل العكس هو الصحيح، إذا أراد المسؤول أن يترشح تسخر وسائل الدولة وتوجه بشكل مباشر وغير مباشر لإظهار أنواع الدعم والتأييد. ليس هذا الذي ينقص المسؤولين في الجزائر أو يحرجهم. الذي ينقصهم هو عدم قدرتهم على التحكم في أنفسهم وفي محيطهم لمنع الفساد وعدم توفرهم على العبقرية والخيال والذكاء لتحقيق التنمية والتحرر من التبعية للبترول والغاز، وعدم القدرة على استعمال موارد المحروقات التي أصبحت تنهب جهارا، من أجل النفقة على بناء المؤسسات الاقتصادية الصناعية والفلاحية والخدمية المنتجة للقيم المضافة خارج الريع الأحفوري، فبقوا يظهرون في أعين شرائح واسعة جدا من المواطنين بأنهم عاجزون وفاشلون وفاسدون. وهذا الشعور المتصاعد عند المواطنين لا يمكن تغييره في نفوس الناس بسياسة الأمر الواقع. ثم أنا أتساءل كيف لأحد أن يطلب مزيدا من المسؤولية بعد ثلاث عهد؟ (أي خمس عشرة سنة)، فإن كانت حصيلته جيدة فقد أدى الذي عليه ويكون قد تعب كثيرا في تحقيق هذه النتيجة الجيدة، فهو يحتاج إلى العودة لحياته الخاصة ونفع وطنه بتجربته بالاستشارات والندوات والمحاضرات، كما هو موجود في الدول المتقدمة، وأما إن كان قد فشل في ثلاث عهد فأين هو ذاهب؟ ولماذا يجب على الجزائريين أن يصبروا كل هذا الصبر؟ ولماذا يفرض على الجزائريين أن يستمروا في دعم الفشل؟ ألم تجعل الديمقراطية من أجل التداول على السلطة لاختيار الأفضل؟ ومع ذلك أقول إن المشكل في بلدنا هو في المنظومة السياسية التي لا يمكن أن تحقق النجاح، لأن الذي سيأتي بعد بوتفليقة في الانتخابات المقبلة، أو التي بعدها، سيحقق نفس النتائج إن لم تتغير الأوضاع ولم يتحقق الإصلاح ولم تنشأ آليات رقابة ومحاسبة صارمة. هل تعتقد أن الاستحقاق الرئاسي سيكون مغلقا. بمعنى أن مرشح النظام هو من سيحسم النتائج كما جرت العادة؟ لا يوجد في الجزائر إلا استحقاق سياسي واحد مهم وهو الرئاسيات، والتنافس على الرئاسيات لا علاقة للأحزاب به، بل هو قائم في أعلى درجات هرم السلطة، وفي العادة يتم الحسم في مرشح السلطة بالتوافق بين أصحاب القرار في المؤسسة العسكرية والرئاسة، وقد أضيف في هذه الفترة قطب جديد في المعادلة وهم أصحاب المصالح من المدنيين الذين لا مهمة سياسية لهم، وهم متوزعون بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية. وبعد التوافق يأتي دور الأحزاب التي يؤدي بعضها دور ''الحامل'' الذي يحمل مرشح السلطة والبعض الآخر يؤدي دور ''المنشط'' أو ما يسمى في المصطلح السياسي ''الأرانب''. والنتيجة بطبيعة الحال محسومة مسبقا لمرشح السلطة. ونظام الحكم (بهذه التشكيلة) يفضل النظام الرئاسي، ويرفض النظام البرلماني، لأنه يريد الاختصار كما هي عقلية صاحب القرار الجزائري منذ الاستقلال، يريد أن يكون التعامل مع رجل واحد، يتم من خلاله التحكم في كل مؤسسات الدولة، وتصبح الانتخابات المحلية والانتخابات التشريعية خادمة للانتخابات الرئاسية، وبذلك يأخذ المشاركون في العملية السياسية الدنيا بعض الفتات ويكون تقاسم الريع الأكبر في الدائرة الأعلى المغلقة. وحتى إذا وقع الخلاف بين المتصارعين في أعلى درجات هرم السلطة على الرئاسيات، من أجل التحكم في الريع والمصالح والهيمنة على التجارة والمؤسسات الاقتصادية، يكون ذلك في دائرة ضيقة يمكن التحكم فيها ولا يشعر بها المواطن البسيط، وقد يطول هذا الصراع الخفي في بعض الأحيان. وقد تستعمل في حسمه أساليب خطيرة، ولكن في آخر المطاف يتم الحسم من جهة ما، أو يتم التوصل إلى تفاهمات. ولا أتصور أن انتخابات 2014 ستمثل استثناء سواء كان المرشح بوتفليقة أو غيره، ستحسم النتيجة لصالح مرشح السلطة كما تفضلت في سؤالك. وهل بوتفليقة سيكون مرشح النظام برأيك؟ كثير من التطورات والمؤشرات تقول ذلك، والذي يحرص على ترشح بوتفليقة هو محيطه لأنه لم يجد البديل الذي يضمن استمرار مصالحه، وهذا المحيط محتاج إلى مزيد من الوقت للتحكم في السلطة بدون الرئيس، وهي حالة تشبه نوعا ما فترة حكم مبارك قبل سقوطه. ولكن الأمر يختلف في الجزائر إلى حد ما، إذ توجد مجموعات مصالح أخرى قوية ولها أدوات ونفوذ، ويوجد كذلك في مؤسسات الدولة وطنيون صادقون، يعرفون حجم الفساد المستشري وخطورته على الوطن، وهم يقاومون بما يستطيعون، والمسألة لم تحسم بعد. غير أن المؤسف أن الجزائر المسكينة محبوسة في هذا الصراع الخفي على السلطة والريع، لا تجد سبيلها لقيام منظومة سياسية تمكن للتنافس على البرامج، وتفجر العبقريات وتظهر الكفاءات والطموحات الوطنية القادرة على التغيير والإصلاح وتحقيق التنمية. والذي نخشاه أن نجد أنفسنا في مدة من الزمن يتراجع فيها ريع المحروقات وقد هرب كل المفسدين بأموالهم المنهوبة، وتبقى الجزائر والجزائريون في تخبط لا ندري مداه. أنت الأوفر حظا لخلافة سلطاني. ما رأيك فيمن يقول ذلك؟ لم يفتح المجال للترشيحات إلى الآن، عقدنا نهاية الأسبوع الماضي آخر لقاء بين المكتب التنفيذي الوطني ولجنة تحضير المؤتمر، وكان موضوع اللقاء الإعداد النهائي للأوراق وفق النقاشات الواسعة القاعدية والمتخصصة، وطيلة كل هذه النقاشات لم نتطرق تماما للترشيحات لا في جلسات رسمية ولا غير رسمية، وكل هذه الأوراق الفكرية السياسية التطويرية التي أعددناها في جو بديع من الهدوء والتركيز والعاطفة الصادقة، ستعرض على مجلس الشورى الوطني يوم 12 من هذا الشهر، وبعد المصادقة عليها تعرض على المؤتمر أيام 1 و2 و3 و4 ماي، وأثناء المؤتمر ستكون الترشيحات.