والدة حمزة ل''الخبر'': ابني بريء.. وسأتكلم عندما يحين الوقت ما زالت حياة حمزة بن دلاج، ''الهاكر'' الجزائري الذي تم إلقاء القبض عليه من طرف أجهزة الأنتربول في تايلندا، تثير الكثير من التساؤلات بين أهله وجيرانه، الذين لم يتوقعوا أن يكون ذلك الشاب البسيط، الذي ترك دراسته في السنة الثامنة ابتدائي، من النوابغ في التحكم في تقنيات الإعلام الآلي والبرمجيات، والتي أتاحت له الدخول إلى المئات من المواقع التابعة لشركات الطيران والبنوك والفنادق، واتهامه على خلفية ذلك بقرصنة 217 بنك بواسطة القرصنة المعلوماتية. يروي من عاشوا إلى جانب حمزة منذ طفولته بأزقة حي ديار الشمس الهشة وعماراتها المهترئة في العاصمة، ومن صاحبوه، أنه شاب محبوب من طرف كل الجيران والأهل، فلم يكن يتعرض لأي شخص بالسوء، وهو ما أكده لنا أحد معارفه المدعو جمال، قائلا: ''لم يكن يقوى حتى على أذية نملة، كان يعيش في حاله ولم يعرف يوما دخول مركز أمن أو مجالسة مدمني المخدرات ودعاوي الشر. ولم يكن الشاب حمزة من الأشخاص الذين يكثرون الجلوس في بهو العمارات أو مع أبناء الحومة، كما لا يكثر من تجاذب الحديث مع أقرانه، وهو ما يجعله يميل نوعا ما إلى الانطواء على نفسه''. أكثر من 12 ساعة في مقهى أنترنت ''الحومة'' زاول حمزة، صاحب ال24 سنة، دراسته بمتوسطة ''عمر ياسف'' بالمدنية، وتخلى عن الدراسة في السنة الثامنة، انصرف بعدها إلى البحث عن عمل إلا أنه لم ينجح في ذلك، وهو ما دفعه إلى التردد بكثرة على أحد مقاهي الأنترنت المتواجدة بالحي الذي يقطنه. وكان حمزة، حسب رفاقه، يمضي ساعات طويلة يوميا في مقهى الأنترنت، من الساعة السابعة صباحا إلى غاية الرابعة من النهار الموالي، وكان غالبا ما يقضي ليالي بيضاء في مقهى الأنترنت، وهو ما دفع بصاحب المقهى إلى تشغيله لتسيير المحل مقابل أجر محدد لمدة 6 أشهر. هذه الفرصة مكنت حمزة من تطوير مهاراته في الإعلام الآلي وعالم الأنترنت. تأشيرات وتذاكر إلكترونية بالمجان وكان سكان الحي ورفاقه يعتبرون ما يقوم به مجرد طيش صبيان وإدمانا على الأنترنت، مع شكوك حول تردده على المواقع الإباحية، إلا أن حمزة، حسب مصادرنا، كان يهتم بفك الشفرات السرية للمواقع الإلكترونية الخاصة بمؤسسات حكومية نافذة، حيث كان يتمكن من الحصول على التذاكر الإلكترونية باختراق مواقع شركات الطيران، وكان يعرض على أصدقائه في ''الحومة'' مرافقته في سفره إلى الخارج وكان يتمكن، حسب ذات المصادر، من اختراق مواقع الفنادق والقيام بحجوزات لصالحه، ومواقع القنصليات لتسهيل الحصول على التأشيرة، حيث تمكن من زيارة كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا وماليزيا ودول أخرى، وتمكن من الحصول على شهادة الإقامة في إيطاليا والولاياتالمتحدةالأمريكية بنفس الطريقة. لم تبد عليه حياة الرفاهية وعما إذا بدت حياة الرفاه على حمزة، أكد محدثونا أنه لم يكن يبدو من الأغنياء الذين يعودون بثروة طائلة من المهجر، إلا أنه أرسل المال لإخوته، ما مكنهم من شراء سيارات، دون أن يكون له منزل. ويقول أحد أصدقائه إنه كان يدعوه في كل مرة إلى مرافقته إلى مقهى الأنترنت من أجل تعليمه كيفية قرصنة الحسابات والاستفادة منها، إلا أنه كان يرفض بسبب عدم تمكنه في الإعلام الآلي. ولفت مختار إلى وجود اتصالات بين حمزة وبعض الأشخاص في الخارج حيث كان يتحدث عن لقائه بهم خلال سفره ''لكنه لم يخبرنا عنهم الكثير''. لم يخضع لأي تكوين في الجزائر وما استغربه جيران ومعارف ''الهاكر'' الجزائري الذي أثار حيرة المحققين عبر العالم، أن حمزة لم يخضع إلى أي تكوين عالي المستوى في مجال المعلوماتية أو الكمبيوتر في الجزائر، أو أي تخصص آخر، بحيث تمكن من اكتساب خبرته من خلال التردد الدائم على مقهى الأنترنت، وأشار أحدهم إلى أن الوضع العائلي لحمزة الذي يعيش في كنف والدته بعد طلاقها من والده و3 إخوة، بالموازاة مع عيشهم في منزل من غرفة واحدة منذ سنوات، دفع به إلى التوجه نحو مقهى الأنترنت طيلة تلك الفترة. والدة حمزة: أملك كل التفاصيل وليس الوقت للبوح بها تركنا حي ديار الشمس لنتوجه إلى حي السبالة ببلدية العاشور حيث تقطن عائلة حمزة التي تحصلت على سكن اجتماعي في إطار عمليات إعادة الإسكان منذ مدة، طرقنا الباب لتفتح لنا أخته الصغرى ذات ال5 سنوات أو أكثر، ونادت على والدتها التي استفسرت عن هويتنا، إلا أنها أصيبت فجأة بارتباك غير مفهوم بعد معرفتها أننا صحفيون. وفي حديث مختصر جمعنا بالوالدة التي كانت عيناها تدمعان من كثرة القلق على فلذة كبدها، والرعشة في صوتها تكاد تعرقل كلامها، أكدت على براءة ابنها من التهم المنسوبة إليه قائلة: ''ابني غير متورط أبدا فيما نسب إليه، لدي كل التفاصيل عن عمله وعن سبب تواجده في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم يحن الوقت بعد للحديث، وليدي بين يدين ربي حاليا''. وأفادت الوالدة بأنها على معرفة تامة بكيفية سفر ابنها وكذا الأشخاص الذين تعامل معهم في الخارج، إلا أنها نفت بشكل قاطع ما نسب إليه من تهم، ووصفتها ب''محاولة تهدف إلى توريطه''، مبرزة أنه ''ليس وقت البوح بها''. ابن بطوطة زمانه وهو في سن ال 15 وأكدت لنا الوالدة المعلومات التي تداولها معارفه وأبناء جيرته بحي ديار الشمس، حيث أوضحت أن ابنها من مواليد 1988 وزاول دراسته بمتوسطة ''عمر ياسف''، إلى حين تركه للمدرسة في السنة الثامنة متوسط، حيث اعتاد على السفر، حسبها، منذ أن بلغ 15 سنة، شرع بعدها في الدراسة بالولاياتالمتحدةالأمريكية في أحد المراكز المتخصصة. وأمام رفضها الإفصاح أكثر عن المزيد من المعلومات، مكتفية بترديد عبارة ''لا أستطيع أن أتكلم''، أشارت الوالدة التي لا تتعدى العقد الرابع من العمر إلى أن ابنها يخضع إلى التحقيق حاليا من طرف الأجهزة الأمنية الأمريكية وقد تم تعيين محام له في الولاياتالمتحدةالأمريكية. محام جزائري للدفاع عنه ويحضر محامي حمزة المتواجد بالجزائر للالتحاق به في الولاياتالمتحدة، حسب تأكيداتها. وعما إذا كانت القنصلية الجزائرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية قد عينت له محاميا من طرفها أو عرضت المساعدة، اكتفت الوالدة المفجوعة بالإيماء لنا برأسها في إشارة إلى الإجابة ب''نعم''، فيما رفض أخواه محمد وبوعلام الإدلاء بأي تصريح. وأدت حالة حمزة إلى إطلاق العديد من التساؤلات والتكهنات وحتى الشائعات في الحي، بحيث يروي البعض ''أن كثرة مكوثه خارج المنزل وتردده على مقهى الأنترنت سببت له مسا من الجن أصبح يساعده في التحكم في الإعلام الآلي''، أو أنه ''مسخر من طرف أجهزة استخباراتية''، وإن كانت هذه التصورات أبعد ما تكون عن الواقع، فإن كشف سر نبوغ حمزة يبقى رهينا بنتائج التحقيقات التي أطلقتها السلطات الأمريكية ومساعي السلطات العليا في البلاد التي تنتظر منها عائلة ومعارف حمزة التحرك للتحقيق في ملابسات إلقاء القبض على الجزائري حمزة بن دلاج في تايلندا وترحيله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية.