طرحت قيادة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في ندوة جهوية، أمس، ببجاية، نسخة من مشروع دستور الحزب أمام ممثلي مختلف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لمناقشتها وإبداء الرأي فيها. وفي تدخله، قال منسق الحزب، مولود دبوب، إن الندوة ''تنعقد في ظروف صعبة ومليئة بالشكوك والتساؤلات، أبرزها هل الرئيس لا يزال قادرا على مواصلة مهامه ومن يحول دون تمكن المجلس الدستوري من تنفيذ المادة 88 ؟''. وأوضح أن ندوة بجاية هي الأولى في انتظار ندوات أخرى في تيزي وزو وسطيف وباتنة، والتي تنتهي بالندوة الوطنية التي من خلالها سيتم وضع النسخة النهائية للدستور ''الذي يطمح إليه الجزائريون''. وقال عضو المكتب الوطني المكلف بالمسائل القانونية، جمال بن يوب، إن ''الانحراف في الجزائر بدأ سنة 1962 لما استولى على السلطة المعارضون لتوصيات مؤتمر الصومام، الذي يعطي الأولوية للسياسي على العسكري، ونفس التيار لا زال اليوم في السلطة حيث يعارض انتقال الجزائر إلى الممارسة الديمقراطية الحقيقية''. وأفاد مسؤول الأرسيدي بأن ''القول ما قاله فرحات عباس في 13 أوت 1963 في رسالة استقالته كرئيس للجمعية التأسيسية، والتي جاء فيها أن الخلاص يكمن في الديمقراطية لوحدها والدستور الجدي هو الذي يتيح للشعب فرصة التعبير عن آرائه، وإذا ما أردنا حقا تجنب مغامرات يائسة كان لزاما علينا إشراك الشعب بغالبيته وأقلياته في الشؤون السياسية''. وجاء في ديباجة نسخة مشروع دستور أنه ''حان الوقت لوضع دستور جزائري أصيل وإنهاء ظاهرة نسخ ولصق لدستور فرنسا والمكرس في أربعة دساتير مادية وأربعة أخرى شكلية، وهي متوجهة للدستور التاسع بنفس التوجهات السابقة التي تتوافق مع وجهات نظر والمصالح الظرفية لباعثيها، عكس الدستور الأمريكي الذي لم يتغير منذ سنة 1789 والدستور الفرنسي منذ .''1958 وقال بن يوب إن الحالة الدستورية في النظام الملكي المطلق بالمغرب ''أرحم بكثير من دستور النظام الجمهوري المطلق في الجزائر، وحتى دول مثل تونس وليبيا أنزلت مشاريعها الدستورية للنقاش الشعبي، بينما في الجزائر لا يزال الشعب ينتظر ما ستفرج عنه مخابر النخبة الحاكمة''. وكشف أن ''المبادئ العامة للدستور الذي يطمح إليه الأرسيدي وجميع الجزائريين، هي التي تكرس أسس دولة ديمقراطية اجتماعية تتجسد فيها العدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، وتنظيم انتخابات حرة وشفافة، ومبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية العدالة، وترقية حقوق الإنسان، إلى جانب إعادة تأسيس الدولة الوطنية الجمهورية التي تقوم على أساس احترام جميع الحريات، وإرساء الدولة الوطنية العصرية التي تقوم على أساس الفصل بين السياسة والدين وتضع الجانب الروحي في المجال الخاص مثلما هو الحال في جميع الأنظمة اللائكية، وهو ما يقتضي إعادة تحديد مفهوم الشخصية الوطنية الجزائرية، لتقوم على أساس التنوع والتميز والحق في الاختلاف''. ويرى الأرسيدي، في نسخته للدستور القادم، أن التنمية المحلية لن تتحقق بالشكل الحالي للتنظيم الإداري، وإنما عن طريق الديمقراطية الجوارية التي تتمثل في وضع مجالس بلدية وولائية، على شكل فيدرالي، كأن تتحد خمس ولايات في مجلس فيدرالي واحد. ومن جهته، قال صاحب حكيم، مسؤول بالمكتب الوطني مكلف بإصلاح الدولة، إن الأرسيدي ''يرافع من أجل دستور دائم غير قابل للتعديل مهما كانت ظروف الأشخاص، ويريد نظاما يحترم التوازن بين السلطات الثلاث حتى تنتهي ظاهرة إصدار الأحكام القضائية بالهاتف، أو إصدار تعليمات كالتي أصدرها ولد قابلية خلال المحليات الأخيرة التي كرست مبدأ الاستهزاء بالشعب الجزائري''. ويقترح الأرسيدي، من خلال مسودة الدستور، تدعيم البرلمان بهيئة رقابية لميزانية الدولة، وعدم الاكتفاء بالمصادقة عليها. كما يقترح تقليص تركيبة مجلس الأمة وتوسيع صلاحياته وتحويله إلى ''مصدر للتشريع وليس مخبأ للوزراء الفاشلين والأشخاص المغضوب عليهم من طرف المجتمع''.