لم يكن أحد من داخل محيط الوفاق السطايفي، أو خارجه، يتوقّع أن الفريق الذي تم تجديده وبنسبة فاقت ال 70 بالمائة، وبأهداف لا تتعدى إعادة بناء فريق قوي على المستوى المتوسط، وبالاعتماد على لاعبين شبان ومغمورين، يؤطرهم بعض المخضرمين، قادر على المنافسة على الألقاب والتتويجات، والحفاظ على هيبة الفريق التي صنعها على مدى عدة مواسم، خاصة وأن الأنصار الذين أهداهم الفريق ثنائية تاريخية مع نهاية الموسم الفارط، لم يستوعبوا سياسة الإدارة الجديدة بالاعتماد على التشبيب والتفريط في نجوم الفريق. لم يصدق أنصار الوفاق في بادئ الأمر أن الإدارة جادة في مشروع إعادة بناء الفريق، غير أن إقدامها على التفريط في 14 لاعبا، يتقدّمهم المدلل عبد المومن جابو الذي أمضى للنادي الإفريقي، وأثارت قضية تنقله الكثير من الجدل داخل وخارج بيت الوفاق، على اعتبار أن اللاعب يملك عقدا يربطه بالوفاق إلى غاية جوان ,2013 إلى جانب بن موسى، حشود، برفيفة، بن حمو، بن فورين، غزالي، يوسف سفيان، زعبوب، بن طالب، مفني، سيريل، كوامي والمخضرم ديس، وهو ما جعل التشكيلة تفرغ من كوادرها، وخاصة هدافيها المتمثلين في جابو، بن موسى وحشود. وبلغت حدة التشاؤم وسط الشارع الرياضي السطايفي ذروتها، إذ راح الكثير من الأنصار يقسمون بأغلظ الأيمان أن الفريق سيلعب الموسم الحالي من أجل تفادي السقوط، وهو ما كذّبته التشكيلة الشابة التي سجلت انطلاقة أقوى من الموسم المنصرم. لاعبون عاديون يفاجئون الأنصار والخصوم كانت الخرجة الأولى للفريق باتجاه المدينة المجاورة، العلمة، لمجابهة الجار العنيد البابية، في ''داربي'' الولاية .19 وكان الجميع ينتظر التعثر الأول للوفاق الذي انتدب عشرة لاعبين جدد، أغلبهم مغمورون أو لا يعرفون الكثير عن البطولة الجزائرية، في صورة عناب الذي جاء من بلجيكا، شعلالي من قبرص، ديمبا من الهلال السوداني، خذايرية من لومون الفرنسي، سلطاني من هولندا والثنائي غول والعقبي من نصر حسين داي، إضافة إلى مادوني من مولودية سعيدة والعائد من شباب قسنطينة زيتي، كما أن لاعبين مثل فراحي، تيولي، ناجي، لخذاري، جحنيط، لفرع وقورمي الذين تم الاحتفاظ بهم من الموسم الفارط، لم يكونوا سوى لاعبين مغمورين وغير معروفين بالنسبة لأندية الدرجة الأولى المحترفة. إلا أن تواجد القائد دلهوم والمخضرم بلقايد والهداف عودية، مكّن من تأطير مجموعة الشبان وتكوين فريق يعتمد على اللعب الجماعي والتضامن بين اللاعبين، فكانت النتائج مفاجئة بالنسبة للأنصار والمتتبعين. إذ بعد عودة الفريق بنقطة التعادل من العلمة، سحق الوفاق شباب باتنة بسداسية تاريخية، ثم عاد بتعادل ثمين من أحد أقوى الفرق، اتحاد الحراش، ثم حقق فوزاعريضا على وداد تلمسان بسطيف بثلاثية مقابل هدف، قبل السقوط أمام الساورة ببشار، ثم العودة بسرعة إلى سلسلة النتائج الإيجابية بتفوق مثير على فريق الأحلام، اتحاد العاصمة، لتستمر المسيرة إلى غاية التتويج باللقب الغالي. موسم بدون بطاقات حمراء وبأرقام قياسية يبقى الملفت للانتباه بالنسبة لتشكيلة الوفاق، خلال هذا الموسم، أن لاعبيه لم يتحصلوا خلال ال 29 مباراة التي لعبوها في البطولة وخمس مباريات في كأس الجمهورية، وأربع في المنافسة الإفريقية، على أية بطاقة حمراء، مما يدل على الانضباط الكبير للفريق، وكذا التحضير النفسي للتشكيلة قبل دخول كل مباراة. كما شهد الموسم تسجيل أرقام قياسية، على غرار الفوز بكل المباريات التي لعبت على أرضية ميدان الثامن ماي بسطيف. وسجل الفريق إلى غاية مباراة أهلي البرج، 54 هدفا مقابل تلقيه ل 24 هدفا فقط. فيما بلغ عدد النقاط التي حصدها الفريق 59 نقطة، فيما توّج الفريق ببطولة الموسم الفارط بعد بلوغه النقطة ال 53 في آخر مباراة من الموسم. 40 مليار سنتيم مصاريف يبقى الشيء الذي يميّز مسيرة البطل، خلال هذا الموسم، هو محاولة الإدارة ترشيد المصاريف وتخفيض الميزانية عن الموسم الفارط، الذي شهد صرف أكثر من 43 مليار سنتيم. حيث أن الإدارة وإلى غاية مباراة البرج، صرفت حوالي 35 مليار سنتيم، منها حوالي تسعة ملايير سنتيم وجهت لتسديد الديون المتراكمة على الفريق منذ عدة مواسم فارطة. ومع احتساب مستحقات اللاعبين العالقة وباقي المصاريف إلى غاية إسدال الستار على بطولة هذا الموسم، والتي قدّرتها إدارة الوفاق بنحو خمسة ملايير سنتيم، فإن المصاريف ستبلغ سقف الأربعين مليار سنتيم، مع تقلص للديون إلى أدنى الدرجات. كما أن إقدام الإدارة على تسريح خمسة لاعبين خلال مرحلة ''الميركاتو''، من أصل العشرة التي تم انتدابهم قبل بداية الموسم، ويتعلّق الأمر بشعلالي، يايا، سلطاني، ديمبا وعناب، وأغلبهم كان يتقاضى رواتب مبالغا فيها، وبالعملة الصعبة، مكّن الإدارة من توفير أكثر من خمسة ملايير سنتيم، خاصة وأن الإستقدامات اقتصرت على مدافع شباب بلوزداد معمري. التفكير في الموسم الجديد انطلق من الآن وحتى يتمكّن الفريق من مواصلة تألقه، وتصحيح أخطاء الماضي، فقد انطلقت إدارة الوفاق بقيادة الثنائي حمّار وأعراب في التحضير للموسم المقبل، عن طريق وضع قائمة موسعة للاعبين الذين تسعى لانتدابهم، وتضم عشرين اسما، منها أربعة مغتربون، ومثلهم من الأفارقة و12 لاعبا محليا. وانطلقت العملية بالاتفاق مع لاعب سودون، المهاجم الأيسر يحياوي، ولاعب المرسى التونسي ذي الجنسية النيجيرية شيكوتو، في انتظار اللاعبين المحليين مسعود، غربي وملولي من الشلف، وليمان وبلقروي من اتحاد الحراش، عواج من مولودية وهران والمدافع خنيفر من أولاد جلال ببسكرة، وغيرهم، حيث اتفق الرئيس حمّار مع المدرب فيلود على ضرورة تدعيم التشكيلة بسبعة لاعبين. وقد قدّرت إدارة الفريق قيمة بدء الانتدابات بنحو ستة مليارات سنتيم، الأمر الذي جعل من الثنائي حمّار وأعراب يطلبان من مؤسسة ''جازي'' التي تعد ال''سبونسور'' رقم واحد للفريق، بضرورة منحهم دفعة مالية بقيمة أربعة ملايير سنتيم من عقد ''السبونسور'' الجديد المقدر ب11 مليار سنتيم ستخصص للانتدابات.