يمضي المتقاضون أشهرا بل حتى سنوات في أروقة المحاكم، قبل صدور الحكم النهائي في قضاياهم، غير أن ''جرة قلم'' أو خطأ وقع سهوا، قد يعيد من قضى عقوبته إلى ما وراء القضبان، بينما يفرج عن آخر لم يستنفد مدة حكمه بعد، أو يعود إلى نقطة البداية ويجد نفسه ''ممرمدا'' في العدالة وفوق ذلك يتكبد مصاريف كبيرة لتصحيح حكمه. يتكبّد المواطنون وحدهم عناء تصحيح الأخطاء التي ترد في وثائق الحالة المدنية، ويتطلب تصحيح ''هفوات'' سببها سهو أو قلة تركيز غيرهم، إجراءات معقدة تضيع الكثير من الوقت وتحتاج إلى صبر وطول بال، فما بالك لو كان هذا الخطأ في حكم قضائي صدر بعد سنوات، وقد يستغرق تصحيحه مدة أطول من المحاكمة نفسها، مع تحميل المواطن تكاليف مادية باهظة كان في غنى عنها، لأنه سيضطر إلى رفع دعوى قضائية جديدة. وقد يحدث الخطأ بسبب القاضي أو كاتب الضبط، عند نسخ أسماء أطراف القضية، أو سقوط كلمة سهوا أثناء نسخ الحكم أو إضافة فقرة لا علاقة لها بالقضية عند النسخ واللصق عند الكتابة بجهاز الكمبيوتر، فيتعطّل بذلك تنفيذ الحكم، على اعتبار أن القانون يمنع تنفيذ الأحكام في حال وقوع خطأ في الاسم أو اللقب أو العنوان. فخطأ يحدث بجرة قلم لا يستغرق ثواني، يكلف المتقاضين أشهرا وربما سنة من الانتظار لإصلاحه، على غرار ما حدث لزوجين اتفقا على الطلاق واستعجلا تنفيذ الإجراءات، لكن في الأخير صدر الحكم بخطأ ''فادح'' في اسم الزوج، على حد تعبير المحامي الذي تأسس في القضية، ''فذهبت جميع أتعابنا ومساعينا لاستعجال الإجراءات أدراج الرياح''. أخطاء التواريخ.. الأكثر شيوعا الأخطاء في التواريخ من بين الهفوات الأكثر شيوعا في الأحكام، إذ من شأنها أن تعيد القضية التي حكم فيها إلى نقطة البداية. ونورد، في السياق، قضية سيدة رفعت قضية نفقة على طليقيها وحُكم لصالحها واستأنفه طليقها وتم تأييده، غير أن قضاة المجلس أخطأوا في تاريخ الحكم الأول، فعوض أن يكتبوا أنه صدر في 2011 كتبوا أنه صدر في 2012، ولأن الحكم صدر بهذا الخطأ أصبح معها باطلا ويجب إعادة المحاكمة. وفي تفاصيل قضية مماثلة شهدتها المحكمة العليا، تقدم شخص بشكوى وصدر بعد التحقيق أمر بانتفاء وجه الدعوى، فاستأنف الشاكي ووكيل الجمهورية وأرسل الملف إلى غرفة الاتهام التي أيّدت أمر قاضي التحقيق. غير أن الغريب في القضية أن الشاكي عندما طعن بالنقض، رُفض بحجة أنه لم يستأنف بسبب وقوع خطأ عند دراسة ملف القضية. ويحدث أن لا ينتبه الأشخاص ضحايا الأخطاء في الأحكام القضائية إلى الأخطاء، إلا عندما يضطرون لاستخراج شهادة السوابق العدلية فلا تمنح لهم الوثيقة، إذ أنه بعد إدخال البيانات ومقارنتها مع شهادة الميلاد رقم 12، نجد خطأ في الاسم أو في إحدى البيانات، فيطلب منه تصحيح الحكم الصادر في حقه.