أبدى رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، انزعاجه الشديد من الحملات السياسية والإعلامية المركزة على الغرفة الأولى للبرلمان، واعتبرها جزءا من مخطط يستهدف زعزعة مؤسسات الدولة. وقالت مصادر من مكتب المجلس إن رئيس الهيئة لم يخف، خلال اجتماع مكتب المجلس، أول أمس، وبمناسبة لقاءاته فاعلين برلمانيين، قلقه من عملية “ضرب استقرار الهيئة”، من خلال التهجم على المجلس وأعضائه وضرب مصداقية رموزه، وانتقال الأزمات السياسية للأحزاب وخلافات الحكومة إلى قصر زيغود يوسف. ويشير ولد خليفة هنا أساسا إلى الأزمة الداخلية لحزبه جبهة التحرير الوطني، التي انتقلت فعلا إلى قبة البرلمان منذ أشهر، حيث انقسم النواب بين الأجنحة المتصارعة على قيادة الأفالان، إضافة إلى الخلافات بين أعضاء الحكومة حول الموقف من مجموعة من النصوص القانونية، منها مشروع القانون الذي يحدد القواعد المطبقة على نشاطات البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وعلى تلك المرتبطة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال. ونقلت مصادر عنه قوله إن محاولات ضرب استقرار الهيئة، في هذه المرحلة، ليست في مصلحة الجزائر، وخصوصا في ظل التحديات التي تعيشها على أكثر من مستوى. ويوجد رئيس المجلس الشعبي الوطني في موقف صعب في الفترة الأخيرة، في ظل المشاكل التي يعيشها الأفالان والمجموعة البرلمانية للحزب الذي يحوز على الأغلبية في الهيئة، ويقول مقربون منه إنه يدفع ثمن وقوفه على مسافة واحدة في التجاذب الداخلي الذي يعيشه الحزب منذ أشهر. وزاد رفضه رفع تعويضات النواب في إضعاف موقفه في المجلس، خصوصا تأليب نواب في الأفالان ضده، الأمر الذي استغلته المجموعات التي رفضت من الأصل توليه رئاسة المجلس، بعدما اعتقدت في وقت سابق أنه محجوز مسبقا لها. ويرى مقربون من ولد خليفة وجود مؤامرة تستهدفه شخصيا من خلال الحملات والتسريبات التي تمت من مكتب المجلس، وتكرار سيناريو كريم يونس الذي دفع للاستقالة سنة 2005 رغم اختلاف الظروف والأسباب. ورغم الضغوط التي تحيط بولد خليفة، يقول عضو فاعل في مكتب المجلس الشعبي الوطني إن الرجل متصلب ولن يرضخ لمجموعات الضغط في الهيئة، وأن رحيله لن يكون إلا برحيل المجلس كله، وخصوصا أن اختياره في منصبه خضع لحسابات فوق حزبية، تضم توازنا جهويا ونظافة اليد. ويحمل برلمانيون من جهة أخرى ولد خليفة المسؤولية عن “عزلته”، وخصوصا حفاظه على طابعه النخبوي، في حين أن منصبه يتطلب منه عملا تفاعليا مع البرلمانيين وإطارات المجلس، والعمل على كسب نواب الأفالان، والنخب البرلمانية من أحزاب التحالف أو المعارضة في المجلس.