اضطر الأرندي لتمديد موعد انعقاد مؤتمره الرابع إلى ديسمبر المقبل، بعدما كان مبرمجا انعقاده قبل نهاية السداسي الأول من السنة الجارية. وهو تمديد، وأن كان ظاهره ”دفن” خلافات الحزب الداخلية، فإن باطنه على صلة مباشرة بحالة الضبابية التي تولّدت عن مرض الرئيس وعدم وضوح الرؤيا بشأن الخلافة. وهذه الضبابية أيضا وراء عدم تمكن فرقاء الأفالان من الاتفاق على تاريخ مشترك لدورة اللجنة المركزية لانتخاب أمين عام. إذا كان البعض من مناضلي الأرندي يرى في انعقاد دورة المجلس الوطني للحزب في هدوء ”انجازا”، بالنظر إلى استمرار الخلافات التي كانت وراء رحيل أويحيى، فإن الدورة لم ترسم أي آفاق جديدة، باستثناء تنصيب لجنة تحضير المؤتمر وتحديد تاريخه في نهاية السنة الجاري، وهو أمر يظهر أن قيادة الأرندي برئاسة عبد القادر بن صالح فضلت الاستثمار في عامل الوقت إلى غاية تبين لها الخيط الأبيض من الأسود بشأن مستقبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، خصوصا بعد اقتراب فترة غيابه عن البلاد من الشهرين بالتمام والكمال، وخضوعه لفترة ”إعادة تأهيل وظيفي” لم يحدد الأطباء مدتها. صحيح أن عبد القادر بن صالح أعلن دعم حزبه للرئيس بوتفليقة في حال رغب في تمديد فترة حكمه بطلب الولاية الرابعة، لكن هل وضع الرئيس، بعد رحلة فال دوغراس، يؤهله للاستمرار في سدة الحكم؟. لم يقدم الأمين العام بالنيابة للأرندي موقفا جديدا للحزب في هذا الشأن، عقب دورة المجلس الوطني، وكل ما قيل هو استمرار لمواقف الحزب السابقة المساندة للرئيس باعتباره طرفا في التحالف الرئاسي. ويؤشر هذا الأمر أن حزبي السلطة الأفالان والأرندي لا يريدان أن يفتحا ملف الوضع الصحي لرئيس الجمهورية وينتظران ما يأتي في قادم الأيام ب«إيعاز” من أصحاب القرار، خصوصا وأن مقربين من محيط بن صالح لمحوا إلى طموح لدى الرجل الثاني في الدولة للصعود للدرجة الأولى، في حال زهد بوتفليقة في ذلك. ولذلك، اكتفت دورة المجلس الوطني للأرندي في الظرف الحالي بلعب دور وقف هجومات أحزاب المعارضة المطالبة بتفعيل المادة 88 من الدستور لإعلان العجز الصحي للرئيس، وهو ما حرص الحزب على تضمينه في البيان الختامي، حيث أعرب عن ”بالغ الاستياء من دعاوى أولئك الذين يقدمون قراءات للدستور ويحاولون بها إضفاء حالة من الضبابية والغموض، وهي قراءات تفتقد للنزاهة ولا تحتكم إلى العقل ولا إلى الأخلاق ولا إلى السياسة”. وهي نفس المهمة التي كلف بها الأفالان من خلال الخرجات الميدانية التي قام بها عبد الرحمان بلعياط في كل من تمنراست وتيبازة، حيث اتهم ”من يطالبون بتفعيل المادة 88 بالتطاول على الشرعية”. وأبدى بلعياط، إصرارا على ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة ”في حال تعافى من مرضه”، ما يعني أن أحزاب السلطة تريد الإبقاء على ”الستاتيكو” الحالي، عن طريق منع المعارضة من فتح سباق الخلافة مبكرا أو انفرادها بإدارة النقاش حول الرئاسيات المقبلة. ويعكس هذا الأمر أن النظام لم يرس على أي أمر، رغم دخول مرض الرئيس وغيابه عن البلاد شهره الثاني، وانعكس ذلك بوضوح داخل حزبي السلطة الأفالان والأرندي، وحتى لدى شركائهم في الحكومة (الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس وحزب تاج لعمار غول)، حيث يعيشان حالة من الجمود، جعلت الأفالان غير قادر على برمجة دورة للجنة المركزية وزحزحة موعدها من شهر لآخر، وهو وضع على علاقة مباشرة بما يجري داخل النظام من حيرة وتردد.