فجّرت نسخة قانون المحامي الجاري مناقشته داخل قبة البرلمان، بركانا من الغضب في أوساط المحامين، حيث استدعت منظمة المحامين لمنطقة الجزائر مجلس نقابتها لعقد اجتماع طارئ نهار اليوم، في حين وجّه نقيب تلمسان مراسلة رسمية إلى كل نقباء الجمهورية دعاهم فيها إلى عقد جمعية مستعجلة لتدارك الأمور قبل وقوع الفأس في الرأس. خلافا للتصريحات التي روّج لها رئيس الإتحاد الوطني لمنظمات المحامين، والتي أعلن من خلالها الرضا الكامل عن مشروع قانون المحاماة المزمع التصويت عليه من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني يوم 2 جويلية القادم، خرج الأستاذ سليني عبد المجيد نقيب منظمة الجزائر العاصمة عن صمته، وأكد في تصريح ل«الخبر” أمس، بأن “هذا القانون المطروح للمناقشة لا يعنينا على الإطلاق، ولسنا ملزمين به وبمواده، ورئيس الإتحاد لا يُمثلنا”، مؤكدا بأن “منظمة الجزائر ستعقد لقاء طارئا نهار اليوم لاتخاذ التدابير التي تراها مناسبة”. وبنبرة فيها حدّة وغضب، أضاف سلّيني “لسنا بحاجة إلى قانون لا من الدولة ولا من أي جهة أخرى، وليتركونا بسلام، ويتركوا المهنة كما هي مع قانونها القديم”، مضيفا “لقد تم خداعنا من الوزارة الوصية بموجب التخمينة التي قامت بها مع لجنة الشؤون القانونية والتي أنتجت قانونا مفبركا مغايرا تماما لما تم الاتفاق عليه”، وأوضح “لم نر إطلاقا في أي مكان آخر إعادة صياغة قانون تم الاتفاق حوله بنسبة 90 في المائة، لدرجة أن فلسفة وروح القانون تبددت وتلاشت من خلال إقحام تعديلات غيّرت المغزى والمفهوم بصفة جذرية، باعتبار أن ممثل الوزارة الذي تابع أشغال اللجنة القانونية من بدايتها، نجح في إعادة صياغة القانون كما يحلو له”، على حد قوله. من جانبه، وجّه الأستاذ رقيق الطاهر نقيب منظمة تلمسان، مراسلة رسمية إلى جميع نقباء منظمات المحامين عبر الوطن، دعاهم فيها إلى عقد جمعية عامة طارئة لتدارك ما يمكن تداركه بالنظر إلى التعديلات الكبيرة التي طرأت على نسخة المشروع. حيث أوضح، أمس، بأن “31 مادة تم الاتفاق عليها بين الإتحاد والوزارة واستهلكت جلسات طويلة من المفاوضات، إلا أننا تفاجأنا بتغييرات جوهرية طالت نسبة كبيرة من هذه المواد”. أما بخصوص مجرى المناقشة، فقد انتقد المتحدث مسألة تحديد سلم الأتعاب الذي طرحه النواب، لأنه “لا يوجد أي دولة في العالم تعمل بهذا التسقيف، لأن هذا الأمر غير منطقي، اللهم إلا إذا أرادوا إرجاعنا إلى مرسوم 73 الذي كان يحدد أتعاب المحامي آنذاك ب80 دينارا”، وهو نفس التوجه الذي يراه أغلب المحامين، من بينهم رئيس الإتحاد السابق النقيب بشير مناد، الذي استغرب بدوره إثارة مثل هذا الطرح من منطلق أنه “لا يوجد احتكار في الواقع والمواطن له الخيار في أن يوكل المحامي الذي يرى أتعابه مناسبة له، ثم إن مسألة الأتعاب هي اتفاق بين المتقاضي ومحاميه والعقد شريعة المتعاقدين ومن المستحيل عمليا تحديد الأتعاب، لأنها تختلف من قضية لأخرى ومن مجلس لآخر”. وشدّد نقيب تلمسان على ضرورة الابتعاد عن قضية التحزب أثناء نقاش القانون، في إشارة منه إلى دفاع بعض النواب الإسلاميين عن حملة شهادة الشريعة وضرورة رفع الإقصاء عن حقهم في الالتحاق بمهنة المحاماة، حيث استعرض الفوارق في التكوين بين حملة هذه الشهادة وبين من درّسوا العلوم القانونية والإدارية. في حين، علّق النقيب مناد على المطلب قائلا “إذا أرادوا أن يُحطموا المهنة، فليسمحوا بالتحاق من هبّ ودب بها بما في ذلك الكتّاب العموميين”، مضيفا بأن القانون موضوع النقاش لا يهم المحامي بقدر ما يهم المواطن والمتقاضي، مبديا قناعة كبيرة بوجود أطراف تحاول جاهدة إضعاف المهنة ومن ثمة المواطن، وذلك لخدمة مآربها ومصالحها الشخصية.