يشاهدن الأفلام ويتمنين النهاية السعيدة التي تحمل قبلة بين العريس والعروس، والأهل والأصدقاء يرقصون من الفرحة.. ينتظرن كلام الحب الذي يخطف الوجدان، ويصبح الحلم الكبير لهن الزواج على طريقة عبد الحليم حافظ في السينما المصرية. لذا حينما يأتي عريس لهن لا يترددن في الموافقة، وفي بعض الأحيان يتركن أهاليهن بحثا عن كوب من "الترمس" أو "حمص الشام" على النيل، مثلما كان يفعل رشدي أباظة. لكن الواقع يختلف كثيرا عن الأفلام، ففي بعض الحالات يصبح الواقع أكثر جمالا من أفضل فيلم رومانسي مصري، وفي أحيان أخرى يتحوّل الأمر إلى "ميلودراما" مأسوية وحياة تنهار في القاهرة. يبلغ عدد الزيجات الجزائرية المصرية ما يقارب 3500 حالة، وربما عدد الزيجات غير المسجلة يفوق هذا العدد بكثير. 90 بالمائة من هذه الزيجات مصريون تزوّجوا من جزائريات، فالزواج بالنسبة للرجل المصري فيه شروط قاسية وصعبة تجعله، في بعض الأحيان، يلجأ إلى الزواج بأجنبية. فالعادات والتقاليد المصرية تلزم الرجل شراء “شقة تمليك”، يبدأ سعرها من 15 ألف أورو ويصل إلى الملايين، على حسب المستوى الاجتماعي، والرجل ملزم، أيضا، بدفع مهر كبير والتوقيع على مؤخر صداق ضخم و”شبكة” قيمة، بالإضافة إلى تجهيز الشقة وتحمّل تكلفة عرس فخم.
بعد الزواج اكتشفت أنه مسيحي كريمة فتاة جزائرية، تبلغ من العمر 24 سنة جميلة، قابلت فتى أحلامها في الجزائر، حيث كان يعمل في إحدى الشركات المصرية هناك، وقعا في الحب وتزوّجا، وبدل أن يتحوّل مشهد الزواج إلى نهاية سعيدة لقصة حب أصبح مشهد البداية فيلما مأسويا، حيث انتقلا إلى مصر وعاشا أيامهما الأولى في سعادة، لاحظت أنه لا يصلي فكانت تدعو له بالهداية، متصورة أنه مثل كثير من المسلمين غير مواظب على الصلاة. ومع مرور الوقت اكتشفت الخبر الصاعقة، وهو أن زوجها مسيحي الديانة، والدين الإسلامي يحرّم زواج المسلمة من مسيحي، لم تفعل شيئا سوى الصراخ، وذهبت مسرعة إلى السفارة الجزائريةبالقاهرة، طالبة منهم النجدة، فهي تحبه بالفعل لكنها لا تريد مخالفة تعاليم دينها، هناك ساعدوها على إجراءات الطلاق التي حصلت عليه بسهولة، والغريب أن تلك السيدة رفضت العودة إلى أرض الوطن مرة أخرى، وأكملت مشوارها في القاهرة. يكفي أن تجلس لساعة واحدة في قاعة الانتظار بالمصلحة القنصلية بسفارتنا في القاهرة، لتسمع قصصا نشاهدها فقط في الأفلام، ولا يصدّقها عقل إنسان، فنكذّب المخرج والسيناريست ونتهمهما بتضخيم الأمور وتزييف الواقع، لكن يبدو أن الواقع قاتم، ومصير مليء بالمصاعب ينتظر الجزائريات اللاتي التحقن بالقاهرة رغبة في الزواج والاستقرار. كما أن شبكات التواصل الاجتماعي والأنترنت أصبحا مرتعا للمراهقين والمراهقات، وحتى كبار السن، يتبادلون فيهما كلمات أسالت لعاب فتيات كان مصيرهن الطلاق أو العمل كخادمات على عائلة أزواجهن، أو زوجة ثانية ومربية لأولاد الزوجة الأولى، حكايات تقشعر لها الأبدان وأنت تسمعها ويتمزق قلبك على بطلاتها. بطلتنا هذه المرة تبلغ من العمر 19 عاما، قابلت أحد شيوخ السلفية المصريين على الأنترنت، انبهرت ب«تقواه” وورعه، رغم أنه يكبرها ب22 عاما، اعتقدت أن الزواج منه سيجعلها تتقن تعاليم ديننا الحنيف وتتقرب من اللّه أكثر.. استغلت انشغال أهلها بفرح إحدى أقاربها، وحملت حقيبتها إلى القاهرة لتجد الشيخ في انتظارها بالمطار، ثم ذهبا سويا إلى السفارة للحصول على إذن الزواج، رفض مسؤول بالسفارة الزواج، وقال للعريس: “ماذا ستعطيها؟” واستفسر عن إمكانياته المادية وحالته المدنية، للحفاظ على المواطنة الجزائرية، ردّ عليه الشيخ قائلا: “سأعطيها قلبي”.. بكت الفتاة وتمسكت بالعريس، قائلة: “لم يقل لي أحد هذا الكلام الجميل من قبل، لذا أنا مصرة على الزواج منه”. لكن بكاء الفتاة لم يتجاوز الألم والدموع التي انهمرت من الأهل في الجزائر، وظلوا يبحثون عنها وأحضروا مهندسا متخصصا في الإعلام الآلي والشبكة العنكبوتية اخترق حسابها على “السكايب” وقرأوا كل محادثاتها مع الشيخ السلفي، وقدّموا شكوى للخارجية الجزائرية، التي أرسلت بدورها للسفارة. لكن الكلام “المعسول” لا يبني بيوتا حقيقية، فقد كان هذا الشيخ متزوجا، وهذه الفتاة بالنسبة له مجرد نزوة عابرة وزيجة ثانية.. وبعد أيام من الزواج عادت للسفارة كي تشكو من الزوجة الأولى للشيخ، التي كانت تعاملها بقسوة وعنف وتقهرها، وحينما عرض عليها مسؤولو السفارة الجزائريةبالقاهرة مساعدتها للعودة إلى أهلها وأن تتكفل السفارة بمصاريف تنقلها، مؤكدين لها أنها مواطنة جزائرية وتبقى محل عناية ورعاية، رفضت ذلك مفضّلة البقاء كزوجة ثانية، حتى إنها رفضت الاتصال هاتفيا بوالدها في الجزائر، قائلة: “سأتحمّل الزوجة الأولى والقهر والضرب ولن أعود إلى الجزائر”.
زواج المتعة من شيخ سلفي! من الحكايات التي يرويها الوسط الفني المصري عن رشدي أباظة أنه كان ذاهبا في رحلة على متن القطار من القاهرة إلى الإسكندرية، والرحلة وقتها كانت تستغرق أربع ساعات، تزوّج في بداية الرحلة من إحدى الممثلات المصريات ثم طلّقها عند وصول القطار إلى محطة الإسكندرية.. هذه الحكاية لا تختلف كثيرا عن قصة “ياسمين” في العشرينات من عمرها، التي وقعت في فخ أشبه ب«الدعارة المقنّعة”، فقد حصلت على هاتف مكتب زواج من إحدى الفضائيات، واتصلت به لتحصل على عريس مصري، وهو أيضا شيخ سلفي أعطاها مهرا قدره 30 دينارا جزائريا، وباعت ذهبها لشراء تذكرة سفر، فهو لم يدفع لها حتى تذكرة طيران، فهذا الزواج بالنسبة لها بمثابة طوق نجاة من معاناتها في الجزائر، فهي تعيش مع زوجة أبيها التي تعاملها بقسوة وتزوّجت عرفيا من أحد أقاربها وتركها وهاجر إلى فرنسا، لكن حظها أوقعها في زواج متعة لم يستمر سوى 24 ساعة بعقد زواج عرفي، وقال لها الشيخ إنه يرشح لها عريسا آخر ليتزوّجها على الطريقة نفسها، مؤكدا أنه ملتزم تجاهها بالتكفل ماديا طوال مدة العدة (ثلاثة أشهر). الغريب أنها وافقت على العيش بهذه الصيغة في القاهرة، وأن تتزوج مرة أخرى بن الطريقة نفسها، مقابل الحصول على الإقامة، رافضة العودة إلى الجزائر، خشية نظرة المجتمع لها، خاصة أنها أمام الحي والأقارب هاربة من أهلها. وهي الآن تعيش في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة المشهورة بتواجد الرعايا الأندونسيين ممن يدرسون بالأزهر الشريف، منتظرة مصيرها الأسود الذي رسمه لها القدر وجهلها بأصول الزواج. الحكايات لا تنتهي، وهذه المرة بطلتنا ليست أمية أو قادمة من طبقة فقيرة، إنما على قدر عال من التعليم، وكانت لها وظيفة “مهمة” بالجزائر، قابلت شابا مصريا في الجزائر يمتلك شركة وعرض عليها الزواج والعمل معه مقابل مرتّب شهري بقيمة 12 ألف دولار أمريكي، ولما جاءت إلى مصر تورّطت في علاقة غير شرعية معه قبل الزواج، وحينما طالبت منه مرتّبها قال لها “إنت فاكراني عبيط أديكي المرتب ده على إيه؟!!”، فذهبت منهارة إلى السفارة الجزائرية وحصلت على مصاريف العودة إلى الوطن. والغريب أنه بعد فترة قابلها أحد المسؤولين بالسفارة بالصدفة في محل تجاري كبير بالقاهرة، وعندما سألها لماذا لم تعد إلى الجزائر، أجابته “علاش نرجع للجزائر باش يغلقوا الباب عليّ على الستة، وهنا في مصر نخرج وقت ما نحب”، لأن الحياة في مصر لا تنتهي 24 ساعة على 24 ساعة، والسهر والسمر والذهاب إلى النوادي والمشي في شوارع وسط البلد تغري العديد من الفتيات، دون تفكير في المستقبل على أمل أن تعيش حياة بلا قيود.
تزوّجها “عرفي” وطلقها ب”أس.أم.أس” صدق من قال “الحاجة أمّ الاختراع”، فهذه المقولة تنطبق على حكاية “حياة”، الفتاة الجزائرية في عقدها الثاني من العمر. “حياة” ضربت العادات والتقاليد عرض الحائط، وتعرفت على شاب مصري أوهمها بالحب وأنه يعمل بإحدى الشركات المصرية المعروفة بالجزائر، فتزوّجته “عرفي”، وبعد مضاجعتها لمدة ثلاثة أشهر تركها بحجة زيارة طارئة إلى القاهرة للاطمئنان على والده المريض، لتتفاجأ بعدها بتلقيها نبأ طلاقها عبر رسالة “أس.أم.أس”، فقررت التوجه إلى القاهرة للاستفسار عن سبب الطلاق، وعند وصولها اتصلت مباشرة بالسفارة، وبمجرد استقبالها بالشؤون القنصلية انهارت بالبكاء، ولدى استفسارهم عن سبب بكائها حكت لهم قصتها المؤلمة، فطلبوا منها اسمه وعنوان واسم الشركة التي كان يعمل بها “الزوج المزعوم”، وحينما اتصل أعوان القنصلية بالشركة للاستفسار عنه قالوا لهم إنه ليس لديهم موظف بذلك الاسم، فطلبوا منها في القنصلية الدفتر العائلي، فأجابت قائلة إنها تزوجت عرفيا ولا تعرف أي أحد من عائلته. وأمام هذا الوضع حجز لها مسؤولو السفارة غرفة بفندق على حساب السفارة وكذا تذكرة عودة إلى الجزائر.. وفي اليوم الموالي توجّه طاقم من السفارة إلى الفندق لنقلها إلى المطار، ليتفاجأوا عندما أخبرهم موظف الاستقبال أنها خرجت وغادرت الفندق، وبقي مصيرها مجهولا إلى أن عثر عليها أحد موظفي السفارة في أحد شوارع القاهرة تصول وتجول، وقالت له إنها تفضّل البقاء في القاهرة على أن تعود للجزائر.
جزائريات يجلبن الحظ لراغبي المتعة في نوادي القمار مقابل 100 دولار وفي أحد الأحياء الراقية بالقاهرة، تقيم مجموعة من الفتيات في شقة فخمة، لا يقل ثمن إيجارها شهريا عن ألف أورو، كلهن يحملن قصص زواج فاشلة. ثم تحوّلت ست فتيات للعمل في الدعارة وإلى زوجات المتعة من الخليجيين الباحثين عن المتعة في ليالي صيف القاهرة، تنمن النهار كله، ثم تستيقظن مع إسدال النهار ستائره، ليرتدين أجمل ما لديهن من لباس وماكياج مبالغ فيه، ثم تتوجهن إلى نادي القمار، مقابل نسبة تدفعنها لأصحاب النوادي، حيث تقفن وراء المقامرين في أوضاع فاحشة لجلب الحظ لهم، لتنتهي ب«ليلة حمراء” مقابل حفنة من الدولارات، حيث يبلغ “سعر” الفتاة لليلة الواحدة مائة دولار. وتقول إحداهن إنها تفضّل إكمال حياتها بهذه الطريقة على أن تعود إلى الجزائر وحضن عائلتها، خوفا من نظرة المجتمع إلى المرأة المطلّقة، خاصة وأن غالبيتهن تحدّين أهاليهن وعصين أوامر آبائهن، لا لشيء سوى لتنتقلن للعيش في مصر “أم الدنيا”، فكان الثمن باهظا. حكايات علاقات الزواج الفاشلة معظم بطلاتها من الجزائريات وجنسيات أخرى.. المطلقات اللاتي يهربن من نظرة المجتمع والقيود التي تفرض عليهن، إلى بلاد جديدة يبدأن فيها حياة أخرى، لكنهن يقعن دائما ضحية الزواج الثاني والثالث، ويتورّطن بشكل يستحيل معه العودة إلى أرض الوطن. وبما أن تكلفة السفر من الجزائر إلى القاهرة والعكس غالية، حيث تصل قيمة التذكرة إلى 400 أورو، فقد ظهرت أساليب جديدة للتعارف بين باحثين عن الزواج بأقل تكلفة، منها شبكات التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” و«تويتر” و«سكايب” والقنوات الفضائية ومواقع الزواج على الأنترنت والقنوات الدينية. وهناك عشرات الحكايات التي تشبه حكايات “بطلاتنا”.. لكن هناك، في المقابل، المئات من قصص الزواج الناجحة، التي استمرت لأكثر من عشرين عاما، وثنائيات جزائرية مصرية يتباهى الوسط الاجتماعي المصري بنجاحها.