شهر رمضان المبارك هو من أفضل الشهور وأعظمها منزلة عند الله تعالى، وهو شهر الخيرات والمبرّات، يمحو الله سبحانه وتعالى فيه الخطايا، ويجزل فيه الأجور والعطايا، ويضاعف فيه على عباده بالخير والرّحمات والبركات، شهر أوّله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النّار. لم يذكُر الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم اسم شهر من الشهور صراحة إلاّ هذا الشهر، وفيه يقول سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لو يعلَم النّاس ما في رمضان من الخير لتمنّت أمّتي أن يكون رمضان السنة كلّها”. وهذا الشهر يكفيه فضلاً أنّ الله تبارك وتعالى أنزل فيه القرآن هُدًى للنّاس وبيّنات من الهُدى والفرقان، ذلك الكتاب الأزلي الخالد، الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، كتاب أحكمت آياته وفصّلت كلماته وعبره وعظاته، فاشتمل على أسس السّعادتين الدنيوية والأخروية، فكل ما يسعد الفرد والمجتمع في الدِّين والدنيا والآخرة، جاء به هذا الكتاب. وقد حثّ سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صوم شهر رمضان وفضل العمل فيه: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: لمّا حضر رمضان: “قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنّة، وتغلق فيه أبواب الجحيم وتُغل فيه الشّياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمَ خيرها فقد حُرم” أخرجه أحمد والبيهقي والنسائي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفّرات لما بينهنّ إذا اجتنبتَ الكبائر” أخرجه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه” أخرجه أحمد وأصحاب السنن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: قال الله عزّ وجلّ: “كلّ عمل ابن آدم له إلاّ الصيام، فإنّه لي، وأنا أُجزي به، والصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفَث ولا يصخب ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقُل: إنّي صائم مرّتين، والّذي نفس محمّد بيده لخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا ألقى ربّه فرح لصومه” أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد. وعن أبي سعيد الخُذري رضي الله عنه قال: “مَن صام رمضان وعرف حدوده، وتحفظ ممّا كان ينبغي أن يتحفظ منه كفَّر ما قبله” أخرجه أحمد والبيهقي بسند جيّد. وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “سيّد الشّهور شهر رمضان، وسيّد الأيّام يوم الجمعة” أخرجه الطبراني. وعي أبي مسعود الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لو يعلم العباد ما في شهر رمضان لتمنّى العباد أن يكون شهر رمضان سنة” أخرجه الطبراني في الكبير وابن خُزيمة في صحيحه والبيهقي. وروى الطبراني عن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يومًا وقد حضر رمضان: “أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرّحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإنّ الشّقي مَن حرم فيه رحمة الله عزّ وجلّ”. وعي أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلاّ الصوم فإنّه لي وأنا أُجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربّه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك” أخرجه مسلم.