المعارض ستسمح لنا بإبراز قدراتنا الإنتاجية وفتح آفاق للتصدير    انطلاق الطبعة 2 لحملة التنظيف الكبرى للجزائر العاصمة    عودة الأجواء المستقرة والطقس الحار بداية من الغد    عدم شرعية الاتفاقيات التجارية المبرمة مع المغرب.. الجزائر ترحب بقرارات محكمة العدل الأوروبية    رئيس الجمهورية: الحوار الوطني سيكون نهاية 2025 وبداية 2026    العدوان الصهيوني على غزة: وقفة تضامنية لحركة البناء الوطني لإحياء صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته    للحكواتي الجزائري صديق ماحي..سلسلة من الحكايات الشعبية لاستعادة بطولات أبطال المقاومة    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: فيلم "ميسي بغداد" يفتتح المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة    البليدة..ضرورة رفع درجة الوعي بسرطان الثدي    سوق أهراس : الشروع في إنجاز مشاريع لحماية المدن من خطر الفيضانات    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي يعود بعد 6 سنوات من الغياب.. الفيلم الروائي الجزائري "عين لحجر" يفتتح الطبعة ال12    الجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية : ندوة عن السينما ودورها في التعريف بالثورة التحريرية    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف، مولودية قسنطينة ونجم التلاغمة في المطاردة    اثر التعادل الأخير أمام أولمبي الشلف.. إدارة مولودية وهران تفسخ عقد المدرب بوزيدي بالتراضي    رئيس جمهورية التوغو يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    رئيسة المفوضية الأوروبية تهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    بيتكوفيتش يعلن القائمة النهائية المعنية بمواجهتي توغو : استدعاء إبراهيم مازا لأول مرة ..عودة بوعناني وغياب بلايلي    تيميمون: التأكيد على أهمية التعريف بإسهامات علماء الجزائر على المستوى العالمي    بداري يعاين بالمدية أول كاشف لحرائق الغابات عن بعد    اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة ال7 بإيطاليا: مراد يتحادث مع المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 41825 شهيدا    حوادث المرور: وفاة 4 أشخاص وإصابة 414 آخرين بجروح خلال ال48 ساعة الأخيرة    لن يغفر لنا أهل غزّة    شنقريحة يلتقي وزير الدفاع الإيطالي    يوم إعلامي لمرافقة المرأة الماكثة في البيت    مرسوم رئاسي يحدّد تشكيلة الهيئة    بلمهدي يشرف على إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية    لبنان تحت قصف العُدوان    البنك الدولي يشيد بالتحسّن الكبير    تنظيم مسابقة وطنية لأحسن مرافعة في الدفع بعدم الدستورية    إحداث جائزة الرئيس للباحث المُبتكر    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    دفتيريا وملاريا سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل القاطنين    مجلس الأمن : الجزائر تعرب عن "قلقها العميق" إزاء التدمير المتعمد لخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و 2    الأمم المتحدة: نعمل "بشكل ثابت" لتهدئة الأوضاع الراهنة في لبنان وفلسطين    العدوان الصهيوني على لبنان: الاستجابة الإنسانية في لبنان تحتاج لجهود "جبارة"    سايحي: الشروع قريبا في تجهيز مستشفى 60 سرير بولاية إن قزام    بوغالي يشارك في تنصيب رئيسة المكسيك    الجزائر حاضرة في مؤتمر عمان    استئناف نشاط محطة الحامة    طبّي يؤكّد أهمية التكوين    افتتاح الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي    الرابطة الثانية هواة (مجموعة وسط-شرق): مستقبل الرويسات يواصل الزحف, مولودية قسنطينة و نجم التلاغمة في المطاردة    صحة: تزويد المستشفيات بمخزون كبير من أدوية الملاريا تحسبا لأي طارئ    رابطة أبطال إفريقيا (مرحلة المجموعات-القرعة): مولودية الجزائر في المستوى الرابع و شباب بلوزداد في الثاني    الجزائر-البنك الدولي: الجزائر ملتزمة ببرنامج إصلاحات لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة    ديدوش يدعو المتعاملين المحليين للمساهمة في إنجاح موسم السياحة الصحراوية 2025/2024    طاقات متجددة : إنتاج حوالي 4 جيغاوات بحلول 2025    سايحي يشدد على ضرورة تلقيح كل قاطني المناطق التي شهدت حالات دفتيريا وملاريا بالجنوب    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنبوب نفط "غير شرعي" بين الجزائر والمغرب
"الحلابة".. منظومة تهريب تتحدى الدولة
نشر في الخبر يوم 04 - 07 - 2013

- السلطات تتعامل مع أزمة الوقود بمنطق "عين رأت وأخرى لم تر شيئا" - أزمة الوقود تتعدى قرار التسقيف وتعليمات " نفطال"- الطريق السيار سهّل من عمليات التهريب أثارت أزمة الوقود التي تعصف بولايات الغرب الجزائري خلال السنوات الأخيرة والتي ازدادت حدة منذ ثلاثة أسابيع، عدة استفهامات حول ما إذا كانت مشكلة ظرفية ستزول على غرار باقي الأزمات التي تعوَّد المواطن على تجرع مرارتها، أم أن الأزمة لها أبعاد وخلفيات أخرى جعلتها تتكرر بشكل دوري، وأصبحت تلازم مناطق بعينها منذ سنوات دون أن تجد حلولا تحفظ حق المواطن في استغلال مركبته أو مزاولة نشاطه دون عناء.
دفعتنا حدة الأزمة التي يعيشها مواطنو الشريط الحدودي والولايات الشمالية الغربية إلى البحث عن تفسيرات لندرة مادة الوقود، رغم تصريحات مسؤولي مؤسسة “نفطال” بأن الولايات التي تعيش الأزمة، تتحصل على نصيبها من التموين وبشكل عادي وفق تقديرات بأنها تنال حصصا تفوق بكثير احتياجاتها من كافة أنواع الوقود، وهذا ما جعلنا نتساءل عن وجهة تلك الكميات.
انطلقت رحلتي إلى الولايات الحدودية الغربية من خلال الطريق السيار شرق-غرب، مررت على البليدة وعين الدفلى والشلف بسلام، غير أن تجاوزي لهذه الولاية جعلني أستحضر صور الطوابير على حواف محطات البنزين، والتي نقلتها لنا الجرائد طيلة الأيام الماضية، أحسست بقلق متزايد من إضاعة ساعات وسط الطوابير، فبحثت عن تعبئة خزان سيارتي قبل ولوج الولايات المعنية بهذا المشكلة، فقصدت محطة الخدمات المطمر بولاية غليزان، فاصطدمت بعشرات المركبات مركونة أمام أجهزة التعبئة، توقفت قليلا وإذا بدركي يتوسط الطابور، يخرج فجأة ويشير إلي بالسير نحو منفذ الخروج، وكان وجود ذلك الدركي مؤشرا على أن الأمر غير عادي، لأنني غير متعود على وجود أفراد الأمن يزاولون مهام تنظيم حركة المرور داخل محطات الخدمات، استفسرت الدركي عن سبب الطابور، فقال إن الوقود متوفر لكن التدفق العالي للسيارات القادمة من الشرق أحدث زحمة داخل المحطة، وخاض معي في مسألة “الفوبيا” التي اجتاحت مستعملي الطريق السيار..، فجأة قطع كلامه ثم نصحني بالدخول إلى مدينة مستغانم لعلي أظفر ببعض الليترات.
سيارات رونو 25 و21 تكتسح ولايات الغرب
أخذت بنصيحة الدركي وطفت على جميع الشوارع، فلاحظت أن بعض المحطات لا تقدم سوى “سيرغاز” وبعضها الآخر قام بتعليق الأنابيب فوق أجهزة الضخ كإشارة على عدم توفر البنزين.. اتصلت بأحد معارفي فوجهني إلى محطة واقعة بشارع ثانوي، وصلت إليها ورصدت نفس المشهد، انتظرت دوري وملأت الخزان، ثم سلكت وجهة الطريق السيار إلى أن وصلت إلى مدينة مغنية، وفي طريقي لاحظت حركة غير عادية على حواف جميع المحطات، كما لفتت انتباهي لوحات ترقيم السيارات المتراصة في الطوابير، الجزء الأكبر منها يشير إلى ولاية تلمسان، كما شد انتباهي طراز السيارات المصطفة، فما عدا سيارات عابري الطريق القادمين من شتى مناطق الوطن، لاحظت أن 80% من السيارات المشكلة للطوابير هي من طراز رونو21 و25 ومرسيدس من الطراز القديم إضافة إلى بعض الشاحنات، وهي المشاهد التي تكررت أمامي عبر ولايات وهران وسيدي بلعباس وعين تيموشنت وتلمسان.
لم أجد تفسيرا لتمركز سيارات من طراز معين وبتلك الأعداد، سواء في الطوابير أو العابرة للطريق مع تزايد أعدادها كلما اقتربت من الحدود الغربية. حملت تلك التساؤلات في ذهني إلى أن وصلت مدينة مغنية من خلال بلدية حمام بوغرارة، وكلما مررت على محطة خدمات التقطت صورا لعشرات السيارات تنتظر دورها في الدخول، وكنت أتذكر مشاهد الطوابير التي عهدناها مطلع التسعينات أمام أسواق الفلاح، بسبب ندرة المواد الاستهلاكية الضرورية آنذاك.
دخلت المدينة قبيل غروب الشمس، وأول ما بحثت عنه صديق يعمل منذ سنوات بهذه المنطقة، التقيته ولم أتردد في استفساره عن ضخامة الحظيرة المتنقلة والكثافة المرورية ذات الطراز المتشابه، فرد بكل عفوية “السيارات التي تتكلم عنها هي ل “الحلابة”، سألته “من هم؟” فقال “الحلابة هم الذين ينقلون الوقود الجزائري إلى المغرب وهم سبب الطوابير التي صادفتها في طريقك”. أردت تفاصيل أكثر فطلب مني الانتظار إلى اليوم الموالي ووعد بأن يرشدني إلى جميع التفاصيل التي سببت الأزمة، واختصر كلامه بوجود حلقة مرتبطة ببعضها ومعقدة، تبدأ عند محطات الوقود، تتصل ب “الحلابة” مرورا “بالمستودعات الحدودية” والمهربين وتنتهي وراء الحدود المغربية.
3500 دينار ل “الحلابة “ عن كل رحلة
من أجل فك شفرة الحلقة، كان لا بد من زيارة الشريط الحدودي وبعض القرى المحيطة به، استيقظنا صبيحة يوم الجمعة باكرا، وأخذنا وجهة دائرة الزوية الحدودية، وعند تجاوزنا للجسر الجنوبي عند السوق الأسبوعي، لم أصدق حجم الكثافة المرورية نحو مدينة الزوية، مئات السيارات والشاحنات المتشابهة تتسابق في الاتجاهين نحو القرى الحدودية، لم أكن أتوقع أن بلدية نائية متواجدة على حدود مغلقة منذ 20 سنة، تشهد حركة كثيفة شبيهة بالمدن الشمالية الكبرى، حينئذ أخبرني مرافقي أن 97% من المركبات هي “حلابة”، وقال إن “رونو 21” و”رونو 25” و”بوجو” و”المرسيدس” بكل أنواعها خاصة طراز الثمانينات والتسعينات، هي مركبات تتمتع بسعة خزانات تصل إلى 90 لترا أي ما يعادل 3 دلاء من سعة 30 لترا، عبارة عن عملة متنقلة، وكذا الشاحنات المقطورة وشاحنة تسمى “كانيش” تقوم بنفس النشاط، وقال إن الحظيرة المتنقلة التي تشاهدها عبر هذا المسلك وعبر كافة المناطق الحدودية، هي ملك لأشخاص يزاولون نشاط “الحليب” أي يمتصون مخزون محطات الوقود المحلية والمجاورة ويسرعون نحو القرى الحدودية بشكل عادي، يفرغون الحمولة لدى أصحاب المستودعات فيقبضون الثمن ثم يعودون مجددا إلى محطات الوقود لتكرار العملية التي تدر أرباحا تتراوح ما بين 2000 و3500 دينار للرحلة الواحدة، وهي الحركة التي لا تتوقف على مدار الساعة، بل تزداد الذروة في الليل بينما يجني أصحاب الشاحنات أرباحا تتعدى 8000 دينار للرحلة الواحدة.
واصلنا طريقنا نحو قرية الولجة الفاصلة بين الجزائر والمغرب، فلم أصدق أنني في مشهد شبيه برالي السيارات، توقفت على جانب الطريق المؤدي إلى قرية حيداس، ورفعت غطاء المحرك للتمويه بأن السيارة مصابة بعطب، لم أتمكن من ضبط حجم الحركة المرورية، لكنني رصدت مرور أكثر من 170 سيارة وشاحنة في ظرف 22 دقيقة فقط وفي مسلك واحد فقط، وهي عينة عن حجم “التبادل النفطي” غير الشرعي بين الجزائر والمغرب على مدار الساعة.
”نشتري السيارات التي تبيعها الجمارك لاستغلالها في التهريب”
أتيحت لي فرصة الحديث مع عدد من “الحلابة”، على مستوى محطة الخدمات في بني بوسعيد، إذ قال لي بعضهم إن هذه المركبات عبارة عن “مشروع مربح لكافة شرائح المجتمع، فمنهم البطال والموظف والعامل اليومي ومنهم حتى بعض أفراد الهيئات النظامية، وأشاروا إلى أن من أراد ضمان مداخيل مربحة جدا فما عليه سوى شراء سيارات من الطراز المذكور، بما فيها السيارات التي تبيعها مصالح الجمارك في المزاد، وهي متواجدة بكثرة وتحمل ترقيم 122، وهي سيارات مطلوبة جدا، بحيث أصبح بعض الوسطاء يجوبون الولايات الداخلية والوسطى من أجل شراء جميع السيارات المعروضة للبيع ويحولونها للأسواق الغربية، وهكذا تشكلت شبكة واسعة تضم أشخاصا مختصين في اقتناص هذا النوع من السيارات التي تجد رواجا واسعا في القرى الحدودية، وهذا ما زاد من قناعتي أن الحلقة أكثر اتساعا وترابطا فيما بينها، خاصة وأن بعض القرى المعزولة تحولت إلى ورشات كبرى لإعادة تصليح هياكل وميكانيك السيارات القديمة، خاصة وأن قطع الغيار متوفرة بكثرة وبأسعار مغرية خصوصا المهربة من الجانب المغربي.
والأكثر من ذلك، فإن بعض الشباب المقيم بولايات بلعباس وتيموشنت ووهران، حسبما وردنا من شهادات، تحصلوا على قروض بنكية لإنشاء مؤسسات مصغرة، باعوا تلك المعدات والآلات، واقتنوا السيارات القديمة، من أجل اقتحام نشاط “الحليب”، الذي لا يكلفهم رسوما أوىضرائب ولا حتى متابعات، بعدها علمت أنه من السهل الإفلات من المراقبة، لأن البعض يشغل مركبته ب “سيرغاز” ويوجه وقود الخزان للبيع فقط، فيما يلجأ أصحاب الشاحنات إلى ملأ الخزان المزدوج وتفريغه لدى المستودعات وهم الأكثر ربحا، حيث يحتفظ هؤلاء “الحلابة” فقط بالكمية التي تمكنهم من الوصول إلى المحطات، وذلك دون أن تتمكن أي جهة من محاسبتهم، ففي الظاهر يبقى من حق أي مواطن ملء خزانه، كما لا يمكن محاسبة أي شخص من اتخاذ الوجهة التي يريدها داخل التراب الوطني.
شاحنات تشغيل الشباب.. لتهريب الوقود
سألت شابا في الثلاثينات كان على متن شاحنة غير مقطورة عن سبب مجيئه لهذه القرية على متن شاحنة دون مقطورة، فقال إنه مجرد عامل مأجور لدى شخص آخر من كبار “الحلابة”، يملك هذا الأخير بعض الشاحنات ويقوم بتشغيل سواق شباب يعملون بالتناوب ويتقاضون نسبة من أرباح بيع المازوت، فيما كشف كهل كان بجانبه أن بعض شاحنات تشغيل الشباب وجهت لهذا النشاط منذ سنوات، وأضاف أن بعض ملاك الشاحنات الكبيرة يملكون أفضلية في التزود بواسطة علاقات خاصة. طيلة تواجدنا بالشريط الحدودي لم نجد أي شاحنة محملة بأية سلعة، وكان ذلك أكبر دليل على أنها من أكبر وسائل استنزاف الوقود الجزائري.
من خلال الجولة التي قادتنا إلى قرى أولاد بن سبع، سيدي مبارك، سيدي مجاهد، بن دحو، محمد صالح أولاد موسى وغيرها من القرى الواقعة بمنطقتي مغنية والزوية، إضافة إلى مناطق حدودية في تونان وباب العسة، اتضح لنا أن حجم الوقود الذي يستنزف يوميا بمثابة أنبوب نفط ممدود بين الشطر الجزائري والمغربي، وهو مصدر الأزمة التي تعيشها خمس ولايات غربية والتي لن تجد حلولا راهنة، بسبب منطق اليد الممدودة للدولة في هذا المجال. فالقضية أكبر من يعالجها تعليمات وال أو إجراءات مؤسسة “نفطال”، لأنها تحولت إلى شبه منظومة اقتصادية تحركها وتستفيد منها أطراف محلية ومركزية .
... وللحلابة منطق
للحلابة آراء مختلفة في هذا المجال، فمنهم من يعتقد أنه نشاط ظرفي تمليه الحاجة الماسة إلى مصادر دخل، بالنظر لانعدام فرص العمل وغياب تام للمشاريع الاقتصادية والمؤسسات الصناعية عبر كامل الشريط الحدودي، فما عدا بضع وحدات صناعية متخصصة في صناعة الزيت، الذرة والسيراميك، تخلو المنطقة من أي نشاطات تمتص البطالة المتفشية، إضافة إلى كونها مناطق جبلية وعرة غير صالحة لاحتضان مشاريع فلاحية هامة، حيث اتفق بعض “الحلابة” الذين قابلناهم في قرية تونان ببلدية غزوات، أن نشاطهم محفوف بالمخاطر لأن السلطات تمنع مثل هذا النشاط، وهنا نطق شيخ في الستينات فأكد أن الكثير منهم يزاولون هذا النشاط مكرهين، ثم قام بتعداد المتاعب التي تترتب عن قضاء يقضي الليالي كاملة في انتظار دوره في المحطات، ثم يقطع المسافات نهارا وليلا وسط مخاطر متعددة خاصة حوادث المرور، إذ قيل لنا إن “الحلابة” والمهربين يستعملون سرعة جنونية في الليل، ولا يستعملون حتى الإشارات الضوئية تجنبا لإثارة الانتباه، ولهذا نصحنا مرافقونا بعدم استعمال الطرقات الرئيسية والمسالك الثانوية.
البعض الآخر من “الحلابة” الذين حدثناهم في مناطق أخرى كسيدي بوجنان، لعشاش وبوكانون يصرون على أن نشاطهم شرعي خاصة فئة الشباب، حيث قال أحدهم ويدعى حسان، إنه يقوم بنشاط تجاري بحت، فهو يشتري المازوت بأمواله ويدفع كامل مستحقات خزانه، ويعيد بيعه، لشخص آخر يملك مستودع، وذلك بسعر مضاعف، وترتفع قيمته كلما اقتربت المسافة من الحدود، ويرى محدثنا أن المحطات تبيع الوقود بالربح وليس هناك أي خسارة، وفي غمرة حديثه استوقفه شاب يدعى لحسن فقال: “غالبية الحلابة أولاد فاميليا، لأنهم يفضلون بيع المازوت والبنزين، عوضا عن المتاجرة في الممنوعات”، ويقصد بذلك المخدرات، ونسي أو تناسى هؤلاء أن هذا النشاط أيضا من الممنوعات، فيما قال آخرون إنه نشاط حيوي مترسخ لدى المجتمع المحلي، كيف لا وقد وصل الأمر ببعض الأشخاص إلى العمل المتواصل لعدة سنوات لدى كبار “الحلابة” من أجل توفير المال لاقتناء أي وسيلة تمكنهم من امتهان هذا النشاط.
مستودعات تتحول لمراكز عبور
قادتنا الطريق إلى اكتشاف الحلقة الثانية من مسببات الأزمة وهي المستودعات، ففي جميع البلديات والقرى المترامية على طول الحدود البرية الغربية، حيث تحولت مئات المنازل إلى خزانات وقود أصبحت تسمى مراكز عبور “ترانزيت”. فبمرور السنوات تحولت المستودعات إلى محطات بنزين موازية، يتولى أصحابها مهمة شراء جميع الكميات التي تجلبها سيارات وشاحنات “الحلابة” من محطات الوقود، فيدفعون لهم الثمن مضاعفا، والإجراءات الأمنية هي التي تتحكم في الأسعار، فكلما كانت الإجراءات مشددة على الحدود يرتفع الثمن، في حين ينخفض في أوقات التراخي أو اليد الممدودة كما يسميها البعض هناك، والمستودعات عبارة عن نقاط تجميع الوقود الجزائري أو ما يشبه ورشات بها أشخاص لديهم مهام متعددة في شكل مؤسسة مصغرة، فهناك من يقوم “بحلب” البنزين من السيارات بواسطة أنابيب بلاستيكية وحتى عن طريق شفطه بالفم، ومنهم من يتولى تعبئة الدلاء ذات سعة 30 لتر، وهذه الأشغال تتم في ساعات النهار، واليد العاملة هم من فئة التلاميذ والمراهقين، البطالين، النساء الماكثات في البيوت. ورغم امتناع الكثير من هؤلاء من الإدلاء بشهاداتهم، إلا أن مشقة العمل تكشف حقيقة الفقر المدقع الذي دفع بهذه الشريحة إلى مزاولة هذه الأشغال المحفوفة بالمخاطر الصحية والإكراهات الأخرى.
قوافل من البغال والحمير تخترق الحدود الغربية
عند حلول الظلام ينكشف عالم آخر، حيث تتحول المستودعات الحدودية حسبما رصدناه في ثلاث قرى بمنطقتي مغنية وباب العسة والزوية، إلى نقاط انطلاق القوافل المشكلة من البغال والحمير، حينئذ يبدأ نشاط فرق أخرى وهي الفئة التي تشكل حلقة أخرى من منظومة “الحلابة”. فرغم الظلام الدامس، يقوم أشخاص بقيادة قطعان من الحمير محملة بدلاء معبأة بالمازوت ومثبتة بإحكام، وتبدو تلك القطعان سائرة دون دليل، غير أن الشخص الذي قادنا إلى مشارف مدينة وجدة على بعد 1 كلم، قال إن القطعان تسير بواسطة أشخاص خبراء في المسالك، يتعمدون السير على بعد عشرات الأمتار من تلك القطعان، باستعمال علامات طبيعية وإشارات بالهاتف النقال، ويشكلون بذلك حركة كثيفة جدا، فحتى لو حجب الظلام رؤية المهربين، فإن وقع أقدام تلك الدواب يسمع من مسافات بعيدة وهي في اتجاهها إلى الأراضي المغربية. كما أن المهربين يسيرون على مسافات تسهل عليهم الفرار في حال اصطدامهم بدوريات حرس الحدود، ففي الكثير من الأحيان يتم حجز العشرات من البغال والحمير دون العثور على أصحابها، ويتم حجز كميات تتعدى 180 لتر على ظهر كل حمار، فتسلم لمصالح الجمارك التي تقوم هي الأخرى بإعادة بيعها في المزاد العلني، مثلما تقوم بإعادة بيع السيارات وجميع الوسائل المستعملة في عمليات التهريب.
المسالك المؤدية نحو الجهة الأخرى لديها طابع خاص، فالمهربون ينشطون تحت رعاية بعض الجهات، ويدفعون رسوما غير شرعية تتوجه إلى جيوب بعض الجهات المكلفة بحماية الاقتصاد الوطني، وأصبحت كلمة “ شراء الطريق” راسخة في هذه المناطق، لأن جميع “الحلابة” والمهربين وأصحاب المستودعات مطمئنون من تمرير جميع السلع ماداموا يدفعون نسبا معينة، فبعض المهربين يدفع 200 دج عن كل دلو، بينما يدفع أصحاب المستودعات الكبيرة مبالغ مالية تتراوح ما بين 5000 و10000 دج كل أسبوع لبعض الوسطاء، فيما يفلت “الحلابة” من الرقابة بسبب عمولات يدفعونها عن كل رحلة وهي ممارسات معهودة على الشريط الحدودي الجزائري المغربي.
محطات وقود تشتغل ليلا فقط
حاولنا مقابلة بعض أصحاب محطات البزنين فلم نجد أحدا بإمكانه تقديم تفسيرات للوضع، لكن بعض سكان المنطقة أشاروا إلى أن بعض الخواص غير معنيين تماما بتعليمات السلطات المختصة، حيث يقتصر نشاطهم فقط على “الحلابة” وهذا ما نقلته شهادات قدماء المناطق التي زرناها، فالكثير منهم يتموَّن بشكل منتظم من طرف مؤسسة التوزيع الجهوية التابعة لنفطال، فيتعمدون تسييج محطاتهم، ولا يزاولون نشاطهم إلا في جنح الظلام حين يصطف “الحلابة” بعد تلقيهم الإشارة بالهاتف النقال، فيعبئون خزاناتهم ثم ينطلقون نحو الحدود في ظرف دقائق فقط، ويتم ذلك على مستوى محطات معروفة لدى الجميع. ولما استفسرنا عن دور مصالح الرقابة في ضبط هذه الخروقات، قيل لنا إن أصحابها من أقارب مسؤولين كبار في الدولة وبعضهم من الأعيان وآخرون غائبون تماما عن تسيير محطاتهم ويوكلونها إلى مسيرين آخرين. وذهب محدثونا إلى أبعد من ذلك، حينما أكدوا أن الوقود المسرب ليلا لفائدة “الحلابة” يباع داخل المحطات بثمن مضاعف عن الثمن الرسمي.
كما يلجأ الكثير من ملاك محطات الوقود بولايات سيدي بلعباس، تيموشنت، تلمسان، وهران ومستغانم إلى مخادعة المواطنين حينما يتعمدون قطع التيار الكهربائي في أوقات الذروة، حتى يتسنى لهم الاحتفاظ بكميات كافية لتزويد “الحلابة” خاصة حينما ينصرف المواطنون إلى وجهات أخرى، فيتيحون المجال إلى سيارات “الحلابة” التي تغزو المكان بشكل لافت وتتمون بسرعة ثم تغادر.
وهذا ما جعلنا نتساءل عن سبب تعطيل نظام التزود بالبطاقات والسجل الخاص بتدوين الأرقام التسلسلية للسيارات، خاصة وأن تعليمات والي تلمسان بتسقيف التزود غير معمول بها، بل تسببت في مضاعفة “بورصة” التهريب، ففي هذا الظرف بالذات ترتفع أسعار المازوت فيما وراء الحدود البرية، بسبب هذه التعليمات وبسبب انتعاش حركة السياحة والاصطياف بالمدن المغربية الكبرى، ناهيك عن ارتفاع الطلب مؤخرا بسبب موسم الحصاد بالمناطق المغربية الحدودية.
فرضت الأزمة نظاما جديدا على مستوى بعض محطات البلديات الغربية لولاية تلمسان، حيث لجأ مسيرو بعض المحطات إلى اعتماد نظام تموين من نوع خاص، حيث تم تحديد مواقيت معينة لفائدة “الحلابة” وهي من الساعة منتصف الليل إلى غاية الخامسة صباحا، وبعدها تفتح المحطات لفائدة المواطنين العاديين، وهنا تبرز المشكلة في نفاد المخزون في الساعات الأولى من اليوم الموالي، ولهذا طغت مظاهر الطوابير على محيط المحطات، حينما ينتظر مستعملو الطرقات وصول شحنات جديدة.
”البومبيست” برتبة “جنرال”
يتمتع “البومبيست” وهو عون محطات البنزين بشتى ولايات الغرب بمكانة اجتماعية مرموقة خاصة أوقات الأزمات وهي كثيرة، ووصل الأمر بالبعض إلى وصفه ب“الجنرال”، نظرا للمزايا العديدة التي تتيحها له مهنته، فهو يتحكم في مصير الحركة المرورية للمواطنين و”الحلابة” والمهربين، لأنه يملك زمام الأمور فيما يتعلق بمعلومات عن توقيت وصول صهاريج التموين، إضافة إلى تحكمه في ضخ الكميات المسقفة. وتبرز تلك المكانة أثناء الأزمات بشكل لافت، فالعائدات التي يجنيها خاصة على مستوى المحطات الخارجة عن نطاق الرقابة، تجعل تصرفاته مع الزبائن خاضعة لمنطق المقابل المادي، فهو الحلقة البارزة في نشاط “الحلابة” خاصة أصحاب الشاحنات الذين يحتسبون نصيبا لهذا العون ضمن نشاطاتهم.
الطريق السيار فتح أبواب الجحيم على المواطنين
بقدر ما كان الطريق السيار شرق-غرب نعمة على مناطق الغرب، إلا أنه فتح أبواب الجحيم على المواطنين، خصوصا حينما أتاح الفرصة إلى المئات من المهربين لغزو جميع محطات الخدمات الواقعة على طرفي الطريق السيار، انطلاقا من تلمسان إلى غاية غليزان، بحيث لم تسلم هذه المحطات الجديدة من الأعداد المتزايدة للشاحنات والسيارات ذات الخزان الواسع، وتحول “الحلابة إلى مصدر” إزعاج وسخط المواطنين، وروى لنا أحد المهربين أن بعض أصدقائه تعرضوا إلى الضرب والمضايقات في ولاية تيموشنت وسيدي بلعباس من طرف مواطنين، وهذا ما أحدث ردة فعل من طرف “حلابة” الغزوات، حيث قاموا في وقت سابق بغلق الطريق والاحتجاج بعنف حينما شددت الإجراءات ضدهم، كما قاموا بمنع أي سيارة تحمل ترقيم ولايتي سيدي بلعباس ومستغانم وغليزان من التوجه إلى شواطئ المنطقة كرد فعل على التضييق عليهم في تلك الولايات.
كما ساهم الطريق السيار في تقليص مدة الرحلات بين الشريط الحدودي وبين المحطات الكبرى، حيث تكفي 30 دقيقة للحلابة لبلوغ محطات الخدمات والعودة بنفس السرعة وعلى نفس المسافة، ولهذا يتمكنون من استنزاف نصيب مستعملي الطرقات من الوقود.
الحكومة بين مطرقة المواطنين وسندان “الحلابة”
من جهتهم، لم يجد ممثلو السلطات العمومية من حلول للقضاء على أزمة الوقود، فحسبما تلقيناه من شروحات مصادر رسمية، فإن الجهات المختصة بين نارين، الأولى أوقدها غضب المواطن المتزايد المهدد بالانفجار، وهي دائرة أخذت تتوسع لتشمل سبع ولايات غربية، جراء المتاعب التي يتلقاها المواطن البسيط والفلاح والناقلين العموميين والخواص، من خلال الطواف على عدة ولايات من أجل ملء خزان سياراته، مع تفشي ظاهرة المبيت على حواف المحطات للتزود بالوقود، بينما تبقى خاضعة لمنطق آلاف الأشخاص المنخرطين في حلقة التهريب الواسعة، وهم الفئة التي لن تتردد في إشعال المنطقة وضرب استقرارها إذا ما اعتمدت أي إجراءات ردعية راديكالية، ولهذا يتم تسيير هذه الأزمة وفقا لتعليمات فوقية أساسها غض الطرف في بعض الأحيان وتشديد الرقابة في أحيان أخرى.
انتعاش نشاط المحطات الموازية
في الولايات الحدودية ومع اشتداد الأزمة وحلول موسم الاصطياف، انتعش نشاط صنف آخر من المستودعات المتواجدة في وسط المدن وبعيدا عن القرى الحدودية، وهي شبيهة بمحطات بنزين موازية، هذه الأخيرة تحولت إلى نقاط بيع لكافة أنواع الوقود والزيوت، يطلق عليها لقب “اليد الثانية” أصحابها مواطنون عاديون أو تجار مواد غذائية وحتى ميكانيكيون وبطالون، قاموا بتحويل باحات منازلهم إلى محلات لبيع البنزين وهي متواجدة في جميع المناطق، بل تحولت أنحاء بكاملها إلى أسواق لبيع المازوت والبنزين، وتوسع هذا النشاط بشكل لافت وأصبحت أحياء بكاملها تشتهر بهذا النوع من محلات بيع البنزين، وهي الممون الرئيسي لمئات الدراجات النارية المتداولة محليا، لكونها اقتصادية وأصحابها غير معنيين بالتنقل إلى الولايات المجاورة.
فحينما زرنا حي كاديك بمغنية، لاحظنا العديد من البيوت مفتوحة الأبواب، طلبنا كمية من الوقود، لدى أحد الأشخاص فقال إنه متوفر بكل أنواعه، ودلنا على جميع البيوت التي يبيع أصحابها الوقود، واشترط علينا دفع 400 دج مقابل دلو بسعة 5 لترات. ومن خلال زيارتنا لعشرات الأحياء تبين أن كمية الوقود المخزنة والمتداولة تعكس حجم الاستنزاف الذي تشهده المحطات، والأرباح التي تدرها على أصحاب المنازل الذين ينشطون علانية.
ففي مدينة ندرومة بتلمسان، اضطررنا إلى تعبئة خزان سيارتنا، ب85 دج للتر الواحد من البنزين، ولم نتمكن من ذلك إلا بعدما تدخل إطار سابق من البنك الجزائري، حينما طلبنا منه توجيهنا إلى مستودع لبيع الوقود، وتحقق طلبنا بعدما طلب منا ركن السيارة في منعرج، ليأتي أحد الأطفال مسرعا يحمل بيده دلوا أفرغه بسرعة في خزان السيارة وانصرف، دفعنا الثمن مضاعفا من أجل مواصلة المهمة نحو البلديات الشمالية الغربية، ولفت انتباهنا أن السعر تحدده لوحة ترقيم السيارة، فكلما كانت السيارة لولايات بعيدة يتضاعف السعر ليصل إلى 90 دج، خاصة في أوقات المساء حيث يخشى الزوار الوقوع تحت طائل التعطلات وسط الطرقات الخارجة عن الوسط الحضري.
70% من سيارات الطوابير ملك ل “الحلابة”
من خلال المعاينة الميدانية، اتضح لنا أن أكثر من 70% وأحيانا 100% من السيارات المشكلة للطوابير بالبلديات الحدودية ملك للحلابة الذين ينتظرون ساعات من أجل الحصول على نصيبهم من الوقود، وعلامات السيارات كافية لأي شخص للتأكد بأن هؤلاء هم السبب الرئيسي لمعاناة المواطنين، فلو طبقت إجراءات ردعية على مستوى المحطات، من خلال فرض نظام توزيع وضخ قابل للرقابة لتقلصت الأزمة، وكل المؤشرات تدل على أن أبعاد أزمة الوقود متعددة، وهي مرشحة للاستمرار بسبب غياب الإرادة السياسية لإنهائها.
80% من السيارات المشكلة للطوابير هي من طراز رونو21 و25 ومرسيدس من الطراز القديم إضافة إلى بعض الشاحنات، وهي المشاهد التي تكررت أمامي عبر ولايات وهران وسيدي بلعباس
وعين تيموشنت وتلمسان
قطعان البغال والحمير تسير بواسطة خبراء في المسالك يتعمدون السير على بعد عشرات الأمتار منها، باستعمال علامات طبيعية وإشارات بالهاتف النقال ويشكلون بذلك حركة كثيفة جدا
والي تلمسان ل “الخبر”
خسرنا 265 مليون لتر من الوقود المهرب إلى المغرب في 2012
قرار التسقيف لم يعجب أصحاب النفوذ والمصالح وتم اتخاذه بكل مسؤولية
قال والي تلمسان عبد الوهاب نوري في حوار ل“الخبر” إن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية للمنطقة، استدعت اتخاذ قرار تسقيف توزيع الوقود لصالح المواطنين كإجراء وقائي. القرار الذي وقعه الوالي في العاشر من شهر جوان الأخير، خلف تداعيات مست عدة ولايات من الوطن، وقد يتبع بإجراءات تصدرها الحكومة في الأيام القليلة المقبلة.
يتساءل الكثير من المواطنين ومن المتتبعين عن خلفيات القرار الذي اتخذتموه بخصوص تسقيف توزيع الوقود وما تبعه من أزمة حادة وطوابير طويلة وحتى احتجاجات؟
- لو يطلع المواطن على ما أصاب الخزينة العمومية والاقتصاد الوطني من نزيف حاد جراء ما يتم تهريبه من مواد مختلفة ذات استهلاك واسع وقيمة إستراتيجية مثل الوقود والأدوية والحبوب، وهي مواد تستوردها الدولة بالعملة الصعبة لاعتبر قرار التسقيف متأخرا وغير كاف.. فهي أرقام تقشعر لها أبدان كل غيور على وطنه وعلى اقتصاده.. وقد اتخذنا القرار على مستوى ولاية تلمسان بكل دراية ومسؤولية وبعيدا عن الارتجالية، خاصة بعد تدقيقنا في تقارير إدارية واقتصادية وأمنية خلص بعضها إلى اعتبار أن 90% مما تخصصه الدولة لفائدة سكان الولاية يتم تهريبه خلف الحدود، فقررنا عكس المعادلة وإبقاء خيرات البلد لصالح المواطنين الشرفاء.
وماذا عن الأرقام التي تضمنتها هذه التقارير والتي تخص بالضبط تهريب الوقود إلى المغرب؟
- في سنة 2012 فقط تكبدت خزينة الدولة خسائر كبيرة متعلقة بتهريب الوقود وصلت إلى أكثر من 265 مليون لتر من الوقود بقيمة فاقت 4 ملايير دينار، فيما تجاوزت الكمية المصرح بها والتي دخلت النطاق الجمركي ب1.4 مليار لتر من الوقود لصالح المحطات الموجودة بمدن الشريط الحدودي. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الحالية بلغت قيمة الأدوية المهربة إلى المغرب أكثر من مائة مليار سنتيم، في المقابل حجزت مختلف مصالح الأمن سنة 2012 على مستوى ولاية تلمسان أكثر من 1300 قنطار من المخدرات المغربية المتنوعة التي حاول المهربون إغراق السوق الجزائرية بها.
يفهم من حديثكم أن قرار التسقيف لا رجعة فيه...
- القرار لم يعجب الكثير من أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح ولعلمكم فلقد توقفت منذ مدة عن الترخيص بإنشاء محطات توزيع الوقود ولو فتحت الباب لبلغ عددها المائتان. يوجد على تراب ولاية تلمسان سبعون محطة.. القرار إجراء أو
لي قد يتبع بإجراءات أخرى وهو ليس قرءانا وننتظر تدخل السلطات العمومية المركزية من أجل استعادة الدولة لسلطتها كاملة على الشريط الحدودي، ويجب أن يتفهم المواطنون أن الأمر تجاوز مشكلة التهريب إلى شبكات أصبحت تهدد أمن وسلامة التراب الوطني. وبهذه المناسبة أحيي الصحوة الإيجابية للمواطنين الذين عبروا بكل وعي وسلمية عن رفضهم لشبكات “الحلابة” وأتمنى مساهمة المجتمع المدني في التحسيس بخطورة الملف والتعاون مع مختلف المصالح الإدارية والأمنية وعندها سنصل إلى نتائج ايجابية في القريب العاجل.
حاوره في تلمسان: نور الدين بلهواري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.