في كل البلدان التي يحترم فيها الحكام شعوبهم، لا يخفون عنهم الأشياء المهمة التي تعنيهم ومنها الحالة الصحية لمسؤوليهم، الذين من الواجب أن يتمتعوا بكل قواهم البدنية والعقلية ليمارسوا الصلاحيات التي تقع تبعاتها على الشعب وليس عليهم وعلى ذويهم. لكن الحال ليس كذلك عندنا في الجزائر، التي عاشت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي مرض الرئيس الراحل هواري بومدين الذي بقي سرا للدولة إلى أن أعلنت وفاته رسميا في 27 ديسمبر 1978. واليوم يعرف العالم أجمع أن الرئيس الجزائري الحالي يعاني مرضا منذ 2005، لكن تفاصيله تبقى مصونة، مثلما صان “الجهاز” تفاصيل مرض آخر أباطرة الاتحاد السوفييتي يوري أندروبوف. قد يعتبر أقارب وعائلة عبد العزيز بوتفليقة أن مرضه شأن عائلي، وهذا حقهم المطلق، فيجتهدون ما استطاعوا ليتألموا بمرضه وحدهم، وهذا ليس من تقاليد الجزائريين. لكن الحال أنه يحكم بلادا فيها شعب ومؤسسات، يضربها الزلزال والأعاصير وتلتهم الحرائق محاصيلها الزراعية، ويمرض فيها الناس ولا يجدون أن يعالجوا. ويتحالف شريرو العالم، كما قال وزير العدل، لنهب ثرواتها وغيرها من النوائب كثير. كل هذا وعلى رأس البلاد ومؤسساتها رئيس مريض ولا شماتة. الآن وقد عاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد 80 يوما قضاها في مستشفيات فرنسا، ولا يعرف مرؤوسوه تفاصيل ما أصابه، وهو حقهم الدستوري. ثم شاهدوا صورته وهو جالس على كرسي متحرك في صالة بمطار بوفاريك العسكري، هل يحق لنا أن نطرح سؤالا، لا يتعلق بتفعيل المادة 88 من الدستور لأن بن صالح وبلعياط ومن شابههما لا يحبون الحديث عن ذلك، وربما يعتقدون هم والجماعة التي تشبههم وتتقاسم معهم المغانم، ضربا من الخيانة العظمى للوطن والشهداء والثورة التحريرية. السؤال ربما يعتبره البعض وهذا من حقهم تافها، هل يصوم الرئيس رمضان؟ لقد شاهدناه كلنا يجلس على كرسي متحرك، وملامح وجهه ليس كما كانت في 1999 وبعدها، ولكن تلك سنة الله في خلقه، وهو الذي بلغ من العمر ما جعله يقول عن نفسه وعن جيله في سطيف قبل أكثر من سنة أنه طاب جنانه”. السؤال حول صيام الرئيس من عدمه، معلوم أنه لا يقدم ولا يؤخر، لأنها مسألة بين العبد وربه. ويدعو هذا السؤال سؤالا آخر، هل سينظم رئيس الجمهورية، صائما كان أم مفطرا بعذر شرعي، جلسات المساءلة الرمضانية لوزراء حكومته التي أبدعها كطريقة للحكم منذ أن عاد من فال دوغراس في المرة الأولى سنة 2005، وهي الجلسات التي صرنا في السنوات الأخيرة نسمع عنها ولا نراها. وفي كل الحالات الله يشافيه ويعافي البلاد.