يعدّ العلامة الجزائري أبو يزيد عبد الرّحمن بن محمد الصّغير بن محمد بن عامر، الشّهير بالأخضري، علمًا من أعلام الجزائر في القرن العاشر الهجري. ولد الشيخ عبد الرّحمن الأخضري سنة 920ه/1514م، في “بنطيوس”، وهي قرية من قرى ولاية بسكرة، ونشأ سيّدي الأخضري نشأة علمية تميّزت بالعلم والصّلاح، فساعده محيطه على أن يتبّوأ من العلم مقعدًا مرموقًا شغوفًا، على حبّ العلم مسخّرًا حياته للعلم وحده. لقد أكسبت رحلات الشيخ عبد الرّحمن نضجًا وإدراكًا، وكانت بدايته إلى تونس وبالضبط بجامع الزيتونة ليكتمل مراده، فقد كان احتكاكه بالعلماء ومجالسته لهم، أثر بالغ على شخصيته فراح ينهل علمه من مشارب مختلفة جعلته ملمًّا بالمعرفة، منكبًا على فهمها واستيعابها. وما لبث أن عاد إلى بنطيوس ليشُدَّ الرِّحال مرّة أخرى إلى قسنطينة لِمَا كانت تزخر به من جهابذة العلماء آنذاك، حيث التقى بعلمائها وتدارس معهم وأخذ عنهم، ثمّ رجع إلى بنطيوس واستقرَّ بها وجعل من الزّاوية اّتي أسّسها جدُّه “محمد بن عامر” مدرسة علمية ذات إشعاع ساطع نوره في الآفاق، حيث عكف على التدريس وتلقين دروس العلم للطلبة وتخريج العلماء. تزيد مؤلفات سيّدي الأخضري عن العشرين مؤلّفًا بين متن وشرح، منها ما هو مطبوع طبعات قديمة أو حديثة، ومنها ما هو مخطوط ينتظر الطبع ومنها ما تعرض للضّياع والتّلف، كالجوهر المكنون في الثلاثة فنون [البلاغة]، السِّراج في الهيئة [الفلك]، والسُّلَّم المُرَوْنَق [المنطق] وغيرها. توفي الشيخ عبد الرّحمن الأخضري رحمة الله عليه سنة 983ه، ونُقِل جثمانه إلى مسقط رأسه بناء على وصيته لتلاميذه، ودُفن بجوار جدّه ووالده، ولا يزال ضريحه قائمًا إلى اليوم بزاوية جدّه بقرية “بنطيوس”.