انتهت غالبية المبادرات السياسية التي أطلقتها أحزاب ومجموعات سياسية عند التداول الإعلامي، ولم تظهر السلطة أي تفاعل مع حزمة المبادرات التي بلغ عددها ستا، والتي يتصل أغلبها بالانتخابات الرئاسية المقبلة . أدارت السلطة ظهرها لكل المبادرات التي طرحتها الأحزاب السياسية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ورفضت التفاعل مع أي من المقترحات التي ساقتها شخصيات سياسية. وعلى خلاف ذلك، انتقدت غالبية التصريحات الرسمية اندفاع الأحزاب السياسية إلى طرح مقاربات ومخارج سياسية للمرحلة الحالية أو سيناريوهات للرئاسيات المقبلة، ووجد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، في مبادرات الأحزاب “قفز على الواقع وتحريف للنقاش السياسي”، وانتقد رئيس المجلس الشعبي الوطني “محاولة بعض الأحزاب السياسية تقديم قراءة خاطئة لحالة مرض الرئيس بوتفليقة واستغلال ظروفها”. وبرغم تجاهل السلطة أو اعتراضها، فإن الأحزاب السياسية مازالت تأمل في إنجاز مبادراتها على الأرض. وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، أول أمس، خلال دورة مجلس الشورى، إن الحركة التي أطلقت مبادرة “التوافق السياسي” بصدد إجراء جولة ثانية من المشاورات مع القوى السياسية، بحثا عن قاعدة التوافق، مشيرا إلى أن الحركة مازالت تسعى لأن تضع المبادرة محل تنفيذ في حال جرى الاتفاق مع القوى السياسية الشريكة في المعارضة. واعتبر مقري أن السلطة التي تدير ظهرها لكل مبادرات المعارضة، مازالت تتعامل بارتباك وبردود فعل سلبية تجاه كل ما يصدر عن المعارضة. من جهته، قال علي راشدي الذي أطلق رفقة ناشطين سياسيين آخرين مبادرة “من أجل الجمهورية الثانية”، إنه “ليس هناك ردود فعل على الصعيد العملي إزاء المبادرة، لكن هناك تحسيسا كبيرا على المستوى الشعبي للمبادرة، هناك 100 ألف شخص اطلعوا على نص المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا كان في صلب اهتمامنا، للفت وتنبيه الرأي العام إلى ضرورة التغيير”، مشيرا إلى أن “مجموعة المبادرة لا تنتظر رد فعل السلطة أو تفاعلها مع المبادرة، لأننا نتوجه إلى المواطنين وليس إلى السلطة”. أما المتحدث باسم الأرسيدي، عثمان معزوز، فقال ل”الخبر” إن السلطة “تحاول فرض حالة من الجمود السياسي، ولذلك ترفض التفاعل مع أي مبادرة سياسية أو مقترحات تطلقها المعارضة، لأن السلطة تعودت على أن تسمع لنفسها فقط، وتعودت على معارضة تخضع للأمر الواقع”. ويفسر أمين عام حركة النهضة، فاتح ربيعي في تصريح ل«الخبر”، عدم تفاعل السلطة مع مبادرات الأحزاب السياسية بأنها، السلطة، لا تريد التفاعل مع أي مبادرة تأتي من المعارضة، كونها بصدد ترتيب “مخرج” للانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق سيناريو تعده لصالح مرشحها المحتمل . لكن الملاحظ أنه في مقابل السلطة، التي ليس لها سوابق في التفاعل مع مبادرات الأحزاب، فإن أحزاب المعارضة نفسها تفتقد إلى وسائل وأدوات الضغط على السلطة لدفعها إلى التفاعل مع ما تطرحه من رؤى ومبادرات سياسية، وغالبا ما تنتهي مبادراتها عند عقد ندوات صحفية أو لقاءات سياسية للإعلان عنها . ومنذ مرض الرئيس بوتفليقة وغيابه عن المشهد وغموض الأفق السياسي، عجت الساحة بحزمة مبادرات أطلقتها أحزاب ومجموعات سياسية، تصب في مجملها في البحث عن أفضل سياق للانتخابات الرئاسية المقبلة. وإضافة إلى مبادرات حمس والأرسيدي ومجموعة علي راشدي، طرحت جبهة التغيير “مبادرة وفاق وطني”، واقترح حزب “جيل جديد” المتحالف مع المرشح للرئاسيات أحمد بن بيتور، مبادرة تدعو إلى وضع أساسات انتخابات رئاسية مفتوحة ونزيهة، إضافة إلى مبادرة محتشمة لقيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، تصب في اتجاه التوافق على مرشح إجماع لفترة انتقالية .