سبع مبادرات بعنوان "الجمهورية الثانية" و"الإصلاح" و"التوافق" تعج الساحة الوطنية، منذ أسابيع، بحزمة مبادرات سياسية أطلقتها أحزاب وشخصيات ومجموعات سياسية، ينتهي أغلبها عند حلقة "التوافق"، وتصب في مجملها في البحث عن أفضل سياق للانتخابات الرئاسية المقبلة. لم تكن جبهة التغيير، بقيادة عبد المجيد مناصرة، أول من طرح مبادرة “وفاق سياسي”، لكنها لن تكون الفصيل السياسي الأخير الذي يطرح مبادرة تخص الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال رئيس جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، إن تنظيمه السياسي “يقترح مبادرة وفاق وطني تنص على تقديم مرشح توافقي بين التيارات الإسلامية والعلمانية والوطنية للانتخابات الرئاسية”. وبالصيغة نفسها تعتزم قيادة حركة مجتمع السلم طرح مبادرة بعنوان “الإصلاح السياسي”، قررت عرضها على كل القوى السياسية، تتضمن تقديم مرشح توافقي بين الأحزاب الوطنية والإسلامية. ويفسر هذا المسعى المشاورات التي أجراها رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، مع قيادات أحزاب سياسية وشخصيات فاعلة، وبدء خطوات التقارب مع أحزاب متباعدة أيديولوجيا عن الحركة كالأرسيدي. وفي السياق نفسه، يصب طرح حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي)، مشروع مبادرته الوطنية، للتوافق حول “دستور وطني”، يسمح “بالانتقال إلى الجمهورية الثانية”، هذه الأخيرة، كانت أيضا عنوان مبادرة طرحتها قبل ثلاثة أسابيع ثلاث شخصيات سياسية، بينهم القيادي السابق في جبهة القوى الاشتراكية، عبد السلام علي راشدي، حملت تسمية “حملة شعبية من أجل الجمهورية الثانية”، وتقترح مرحلة انتقالية من ثلاث سنوات، قبل الذهاب إلى انتخابات شفافة تتوج الانفتاح السياسي والإعلامي. ولم ينعش مرض الرئيس بوتفليقة منذ 27 أفريل الماضي الساحة بمبادرات فحسب، لكنه أحيا أيضا لدى قيادات الجبهة الإسلامية المحظورة الأمل في لعب دور في المشهد السياسي، وفي السياق تعتزم قيادات من الفيس المحل، طرح وثيقة سياسية، تنص على عقد مؤتمر وطني للتقويم، وعلى مرحلة انتقالية تمتد حتى سنتين ونصف، تقودها شخصية تتوافق عليها القوى السياسية. وكان تحالف بين حزب “جيل جديد” والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، أحمد بن بيتور، قد طرح مبادرة سياسية تنص على “قطع الطريق على عهدة رئاسية رابعة للرئيس بوتفليقة”، ووضع قواعد منافسة شفافة خلال الرئاسيات، ومنع دعم السلطة لمرشح. وجمعت 10 أحزاب فتية نفسها فيما يعرف ب “القطب الوطني”، لكنها طرحت جملة مطالب أكثر منها صيغة مبادرة. لكن اللافت في هذا الحراك السياسي القائم، ثلاث ملاحظات، تتعلق الأولى باندفاع قوى التيار الإسلامي إلى البحث عن خطوط تقاطع مع القوى الوطنية، ووجود رغبة كبيرة في إقامة تحالف مشترك خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة، والثانية أن أحزاب المعارضة وحدها من تنشط عقلها السياسي في الوقت الحالي، فيما ترقد أحزاب السلطة على سرير أزمة صامتة، كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وتنأى الأحزاب المشاركة في الحكومة كتجمع أمل الجزائر بقيادة عمار غول والجبهة الشعبية بقيادة عمارة بن يونس، والتحالف الوطني الجمهوري بقيادة بلقاسم ساحلي، عن المشاركة في هذا الحراك، كما أنه في مقابل حزمة المبادرات هذه، تلتزم السلطة الصمت، ولا تبدي أي استجابة أو تفاعل، وتحتفظ لنفسها بحق المبادرة في الوقت والمكان المناسبين.