روى ابن وهب ومطّرف وابن الماجشون عن مالك جواز أن يؤذن الإمام في التخلّف عن الجمعة إذا اجتمع عيد وجمعة، وذلك لما يلحق النّاس من المشقّة. والدليل الإجماع، وذلك أنّ عثمان رضي الله عنه قد أذن لأهل العوالي في ذلك وقد وقع بمحضر الصّحابة ولم ينكر عليه أحد، والحديث أخرجه البخاري في العيدين، وأنّ مثل ذلك ليس بالرأي إنّما هو توقيف. وروى ابن القاسم عن مالك أنّ ذلك غير جائز، وأنّ الجمعة تلزمهم، وأنّ المكلّف مخاطب بهما جميعًا، العيد على أنّه سُنّة، والجمعة على أنّها فرض. والدليل ما يلي: 1- قوله تعالى: {إذا نُدويَ للصّلاة من يوم الجمعة فاسْعوا إلى ذِكر الله} وجه الدليل أنّه تعالى لم يخص عيدًا من غيره، فيجب أن يحمل الأمر على عمومه إلاّ ما خصّه الدليل. 2- أن الفرائض ليس للأئمة الإذن في تركها، وإنّما ذلك بحسب العُذر، فمتى أسقطها العُذر سقطت، ولم يكن للإمام المطالبة بها. قال ابن القاسم في المدونة: ”قال مالك: [ولم يبلغني أنّ أحدًا أَذِنَ لأهل العوالي إلاّ عثمان]، ولم يكن مالك يرى الّذي فعل عثمان، وكان يرى أنّ مَن وجبت عليه لا يضعها عنه إذن الإمام وإن شهد مع الإمام قبل ذلك من يومه ذلك عيدًا”. وبناء على هذا لم يكن ورود العيد يوم الجمعة من الأعذار المسقطة لصلاة الجمعة كما تقدّم في باب صلاة الجمعة. 3- أنّ صلاة العيد سُنّة والجمعة فرض، ولا يسقط الأضعف الأقوى. ومَن أراد التّفصيل فليرجع إلى كتاب المنتقى للباجي 1/317، المدونة 1/142، وبداية المجتهد 1/275.