قالت المعارضة العلمانية في تونس يوم الجمعة إنه يتعين على الإسلاميين ترك السلطة قبل أن تشارك في مفاوضات لحل أسوأ أزمة سياسية في البلاد منذ انتفاضة الربيع العربي معلنة أنه بدون تنحي الإسلاميين فإن المحادثات ستكون مضيعة للوقت.وقال زعماء بالمعارضة إن موافقة حركة النهضة الإسلامية من حيث المبدأ يوم الخميس على البدء قريبا في محادثات بوساطة من الاتحاد العام للشغل الذي يتمتع بنفوذ واسع ليست سوى محاولة من الحكومة لكسب الوقت.وقال معلقون إن التنازلات التي قدمتها حركة النهضة هذا الأسبوع أحيت الأمل في تونس في التوصل إلى توافق لإنقاذ ديمقراطيتها الناشئة بدلا من انهيارها على غرار ما حدث في مصر.ومع هذا وفي الوقت الذي يثور فيه الجدل بين الجماعات المتنافسة بشأن عرض الوساطة الذي قدمه الاتحاد العام للشغل مضت جماعات المعارضة قدما في خططها لتنظيم مظاهرة حاشدة يوم السبت أمام مقر الجمعية التأسيسية في العاصمة تونس للضغط على الحكومة التي يقودها الإسلاميون كي تستقيل.وقال الطيب بكوش الأمين العام لحزب نداء تونس وهو حزب المعارضة الرئيسي بعد اجتماع مع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام للشغل إن أي محادثات بدون الحل الفوري للحكومة ستكون مضيعة للوقت.وقال سمير بالطيب الأمين العام لجبهة الإنقاذ وهي تجمع يضم عددا من جماعات المعارضة إن حركة النهضة مستمرة في المناورة وإن المبادرة الوحيدة التي تقبلها المعارضة هي إعلان حل الحكومة فورا.ويمنح الاتحاد العام للشغل وهو نقابة عمال قوية تضم مليون عضو العباسي دورا رئيسيا في الضغط على الطرفين من أجل التوصل لحل. ومن المقرر أن يعقد العباسي اجتماعا آخر اليوم مع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.وتفجرت الأزمة الحالية في أواخر الشهر الماضي بعد اغتيال زعيم يساري ثان هذا العام على أيدي إسلاميين متشددين مشتبه بهم مما أثار غضب الجماعات العلمانية التي تعارض بالفعل ما تصفه بأنه برنامج ديني لحركة النهضة وسوء إدارة الاقتصاد والفشل في فرض القانون والنظام.وصعدت المعارضة التونسية مطالبها باستقالة الحكومة بعد أن شجعتها الاحتجاجات التي دفعت الجيش المصري إلى عزل الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين الشهر الماضي.وأعلن الغنوشي يوم الخميس قبوله من حيث المبدأ الاجتماع مع زعماء المعارضة لمناقشة الاقتراح الذي قدمه الاتحاد العام للشغل والذي يقضي باستقالة الحكومة التي تقودها حركة النهضة وتكوين حكومة كفاءات تتولى تنظيم الانتخابات البرلمانية.لكن أحزاب المعارضة تصر على استقالة حكومة النهضة قبل أي محادثات قائلين إنهم لا يثقون في أنها ستجري انتخابات حرة ونزيهة من المقرر أن تجرى مع الانتهاء من العمل المتعثر لوضع الدستور الجديد الذي قد يتم انجازه بسرعة إذا تمكنت الأحزاب من الاتفاق على حل للأزمة.وقدم الغنوشي وهو اللاعب الرئيسي في الجانب الإسلامي رغم أنه لا يضطلع بأي دور رسمي في الحكومة تنازلات يمكن ان تمهد لتشكيل حكومة تصريف للأعمال دون أن يبدو الأمر كهزيمة لحركة النهضة التي يتزعمها.لكن معلقين يقولون إنه ليس واضحا ما إذا كان هذا سيؤدي إلى حل لاسيما إذا خرجت عوامل أخرى مثل الاستياء الشعبي المتزايد عن السيطرة أو إذا لم يتمكن الطرفان من الاتفاق.وكتبت صحيفة لوتان اليومية "من السابق لآوانه إصدار حكم نهائي لكن تطور الوضع يعطي شعاع أمل في التهدئة ونهاية سريعة للأزمة."وبالرغم من أن مصر وتونس تعانيان من اضطراب بشأن تحديد دور الإسلاميين في حكومات ما بعد الثورة في البلدين يستبعد المحللون في تونس تكرار ما حدث في القاهرة من تدخل للجيش في الدولة الصغيرة التي يعيش فيها 11 مليون نسمة. وخلافا للجبش المصري لم يعتد الجيش التونسي التدخل في السياسة.