من المفترض أن يغادر أعضاء البعثة الدولية المكلفة التحقيق في استخدام أسلحة كيماوية في سوريا اليوم السبت، ليصبح العالم منتظراً ساعة الصفر التي سيحددها الرئيس الاميركي باراك أوباما لبدء العملية العسكرية ضدّ النظام السوري.بخروج لندن الحليف التاريخي لواشنطن من التحالف الدولي تبقى الولاياتالمتحدة الاميركية وفرنسا رأس حربة في الميدان، خصوصاً انّ دولاً اخرى قد اعلنت عدم مشاركتها في ايّ هجوم محتمل وفي مقدمها ألمانيا وكندا وبعض الدول الاوروبية الاخرى، إضافة الى توسع دائرة الرفض العربي ايضاً، فبعد إعلان العراق رفضه ايّ عمل عسكري خارجي في سوريا إنضمت اليه مصر والاردن الى قائمة الدول الرافضة هذا السيناريو الاميركي.موسكو كعادتها ومنذ بدء الازمة السورية لم تغب عن المشهد السياسي، لكنّ تطورات الاوضاع الدولية المحيطة بسوريا والتي تزامنت مع الحركة اللافتة للقواعد العسكرية الغربية في برّ منطقة الشرق الاوسط وبحرها، دفعت روسيا الى رفع سقف مواقفها في محاولة لتجنيب المنطقة كارثة محتملة، بحسب الكرملين.مساعد الرئيس الروسي يوري أوشكوف اكد انّ موسكو تعمل بنشاط للحيلولة دون وقوع عملية عسكرية في سوريا نظراً لخطورة الاوضاع في المنطقة. ولم يستبعد أن تكون الازمة السورية على طاولة البحث في قمة اوباما وبوتين "اذا إنعقدت" في مدينة سان بطرس بورغ الاسبوع المقبل على هامش قمة العشرين، علماً انّ الملف السوري غير مطروح، لا على جدول اعمال هذه القمة، ولا ضمن برنامج عمل الرئيسين، ما يعني انّ موسكو لا تزال تعوّل على امكانية ردع واشنطن عن اتخاذ قرار الحرب، او على الاقل، تأجيل الضربة المحتملة الى ما بعد القمة.اذاً مساعد الرئيس الروسي المعروف بتدوير الزوايا لم يقفل باب التواصل مع واشنطن حول الأزمة السورية، ولكنه ايضاً لم يغفل ابقاء باب التحذيرات مفتوحاً على رغم من انه اكد انّ "بلاده لن تتورط في أعمال عسكرية، حتى اذا حصلت الحرب على سوريا"، لكنه لم يُخرج روسيا من دائرة المواجهة، إذ إنه اعلن انّ "موسكو ستواصل تزويد سوريا أسلحة غير محظورة دولياً، وتحديداً تلك الاسلحة المندرجة في العقود بين البلدين، لأنّ ذلك لا يتعارض مع القواعد والقوانين الدولية المتعلقة بتجارة الاسلحة"، وبهذا يكون أوشكوف قد اعاد الحديث مجدداً عن صفقة صواريخ "إس 300" الى الواجهة.لكن مما لا شك فيه هو انّ تزويد سوريا هذه المنظومة الصاروخية بات امراً مستحيلاً في المدى المنظور. ولكن، ما هي اسباب العودة الى الحديث عن تلك المنظومة في الوقت الذي تقرع فيه طبول الحرب من كل حدب وصوب؟مصادر سياسية روسية تؤكد انّ موسكو ستحاول بكل امكاناتها السياسية وغير السياسية التأثير لوقف قرار بأيّ عمل عسكري في سوريا، وقد اثمرت تلك الجهود توافقاً بين روسياوألمانيا خلال مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اذ اعلنت المانيا رسمياً عدم مشاركتها في العملية العسكرية في سوريا، علماً انها كانت دائماً الى جانب الولاياتالمتحدة في معظم الحروب التي خاضتها في الشرق الاوسط حلال العقدين الماضيين.وتكشف المصادر انّ هناك اتصالات روسية تجري مع ايطاليا للغاية نفسها وهناك تقدم ملحوظ في هذا الشأن، إضافة الى اتصالات مع دول اوروبية وغير اوروبية أخرى، ولا سيما منها تلك التي كانت تساند واشنطن في حروبها السابقة.يبدو انّ التسابق مع الزمن المتبقي قبل اطلاق الصاروخ الاول في الفضاء السوري قد بدأت، فمقابل الجهود الاميركية الفرنسية لتكوين تحالف عسكري لمهاجمة سوريا، تعمل موسكو على كسر حلقة التحالف التقليدي للدول الغربية، وتكوين حلف مضاد في محاولة ربع الساعة الاخيرة ما قبل هبوب العاصفة