قاعات سينما غير مجهزة بتقنيات العرض الرقمي تنطلق اليوم، الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي بوهران، بفريق وصفه الكثيرون بالهاوي وغير المتمرس، وبمحافظة بعيدة عن مجال تسيير المهرجانات السينمائية، رغم محاولات إعطاء المهرجان قليلا من المصداقية، باختيار رئيس لجنة التحكيم المخرج المعروف أحمد راشدي، والمدير الفني السينمائي الشاب مؤنس خمّار، إلا أن فكر الارتجال والتسرع وعدم الاحترافية يميز المهرجان الذي يشهد حالة من التدهور عاما بعد عام ويسير من السيئ إلى الأسوأ. ما زال مهرجان وهران للفيلم العربي، الذي يُدشِّن دورته السابعة اليوم، كسيحا يتعثر، فإطلالة سريعة على مساره منذ إطلاقه سنة 2007، حيث أريد له أن يكون عرسا لمحبي الفن السابع المتخصص في الفيلم العربي وواجهة للجزائر الجديدة، وبعد أن وُلِد بآمال وطموحات وأهداف كبيرة، ككل مشروع ثقافي في الجزائر، تم تقزيمه مع الزمن، وانتقل من السعي إلى إثبات وجوده بالاحترافية في العمل، إلى البحث عن الإنقاذ من الإلغاء النهائي، كما حدث في الدورتين الأخيرتين، بسبب عدم وجود التمويل وتشتّت مجهود الوزارة بعد خلق نشاطات منافسة، كأيام الفيلم الملتزم بالجزائر العاصمة، بدل التركيز على مهرجان واحد وإعطائه الصفة الدولية. موقع للمبتدئين وليس لمهرجان دولي تصاحب صفة التسرّع والارتجال مهرجان وهران للفيلم العربي، بداية بالتنظيم الذي لا يضبط إلا في اللحظات الأخيرة، إلى الموقع الالكتروني للمهرجان، الذي لم ينطلق العمل عليه إلا مؤخرا، مقارنة بمهرجانات تحترم جمهورها، فالمتصفح للموقع يظن أنه أمام أحد مواقع الشباب الهاوي، فالصور سيئة والتركيبة الجمالية منعدمة والمعلوماتية ضعيفة وركيكة، مرورا بأهم حلقة في المهرجان وهي اختيار الأفلام الذي يتم على طريقة مهرجان الهواة والمبتدئين، عن طريق الإختيار المباشر عند حضور المهرجانات الأخرى، بدل استحداث آلية الاختيار عبر الموقع الالكتروني، رغم أن وظيفة مواقع المهرجانات المحترمة تتمثل في الترويج للمهرجان واستقبال الترشيحات والطلبات، مما أدى بالمهرجان إلى عرض أفلام قديمة أو شاركت في مهرجانات أخرى وافتقد إلى صبغة العرض الأول، مما يعطي أكثر إثارة وأهمية للمهرجان. أفلام مستهلكة جماهيريا في المسابقة الرسمية يطرح مهرجان وهران للفيلم العربي، الكثير من التساؤلات حول أهميته كمهرجان متخصص في الفيلم العربي، بينما يفتقد إلى صفة عرض الأفلام الحديثة أو أفلام العرض الأول. فمن غير المعقول أن نصل إلى الدورة السابعة، وبعد كل ما قدّم في الدورات الأولى، أن ننحدر إلى مستوى إدراج أفلام في المسابقة الرسمية أنتجت سنة 2011 مثل الفيلم الإماراتي ”ظل البحر” الذي صور سنة 2010 وعرض في قاعات السينما سنة 2011، كما عرض في مهرجاني ”كان” و”دبي”، بالإضافة إلى فيلم ”عشم” المصري الذي أنتج سنة 2012 ونال جائزة التنويه في مهرجان الشرق الأوسط بسويسرا، وشارك في مهرجان الدوحة ترابيكا. ونفس الشيء بالنسبة للفيلم اللبناني ”عصفوري” للمخرج فؤاد عليوان الذي عرض في ”كان” وفي مهرجان دبي 2012، وفيلم ”الصدى” السعودي الذي عرض في مهرجان الخليج السينمائي، والفيلم الكويتي”سيناريو” للمخرج طارق الزامل الذي عرض في أفريل ضمن برنامج ”أضواء” في مهرجان الخليج السينمائي السادس في إمارة دبي. ولا يتوقف الأمر عند الأفلام التي شاركت في المهرجانات، بل هناك تلك التي سبق وأن عرضت في قاعات السينما وشاهدها الجمهور، مثل الفيلم المصري ”هرج ومرج” الذي أخرجته نادين خان وعرض تجاريًا جوان المنصرم بعد عام من إنتاجه. والفيلم المغربي ”المغضوب عليهم” لمحسن بصري، الذي انطلقت العروض الرسمية له بالقاعات السينمائية في مارس المنصرم، وكذلك الفيلم التونسي ”خميس عشية” لمحمد دمق، الذي دخل قاعات السينما في تونس العاصمة شهر ديسمبر الماضي 2012. ويخرج المتتبع لمهرجان وهران إلى استنتاج وحيد أنه لم يستطع أن يكتسب المصداقية والشهرة والتواجد اللائق لاستقطاب الأسماء الكبيرة والأفلام الجديدة. ولد كبيرا وأصبح يصارع للبقاء انطلق مهرجان وهران من 28 جويلية إلى 3 أوت سنة 2007 بمشاركة عشرين دولة عربية وضيوف من دول صديقة وبرعاية وحضور رسمي مكثف. وقدم المهرجان رغم ما عرفه من نقائص تنظيمية في الطبعات الأولى أحدث الأفلام العربية الطويلة والقصيرة وحضره ممثلون ومخرجون ومنتجون من كل الدول العربية. انحرفت الطبعات التي تلتها نحو البريكولاج والارتجال وكان المهرجان يخسر سمعته عاما بعد عام، سواء بسبب نقص التمويل أو لعدم قدرة لجنة التنظيم على إحداث التوازنات داخل المهرجان بالنسبة للأفلام المشاركة، وغابت الأفلام المصرية والأسماء القوية من المهرجان وكان آخرها مع إلهام شاهين و”خلطة فوزية”، حيث تم الاعتماد على نجوم السينما السورية التي بدورها لم تقدّم الكثير مقارنة مع الإنتاج الدرامي التلفزيوني السوري، ورغم الاعتماد بعدها على السينما التونسية والمغربية، إلا أن المهرجان بدا مبتورا وقلّت مشاركة الدول العربية الأخرى. وقد واجه المهرجان في السنوات الثلاث الأخيرة خاصة بعد أن تحوّل التنظيم من محافظه الأول حمراوي حبيب شوقي وكاد أن يلغى لطبعتين، إلى وزارة الثقافة، نقص التمويل والتسرع وأصبح مهرجان سينما يشبه العمل الإداري الروتيني، دون إبداع ولا بحث عن التطوير والاحترافية، وبدل من أن يتقدم المهرجان خطوات تحوّل إلى مهرجان للهواة ليس على مستوى التنظيم فقط، بل حتى على مستوى الأفلام والأسباب عديدة، منها تغيير لجان التنظيم في كل مرة وعدم إعطاء صفة الديمومة والاعتماد على أسماء لا علاقة لها بالفعل السينمائي.