❊ إنعدام الهياكل القاعدية أثر على سيرورة المهرجان ❊ الإنتاج السينمائي كان ضئيلا بسبب نقص التمويل ❊ الدستور الجزائري أقر في نصوصه على ضرورة تمويل السينما الأمازيغية ❊ وزارة الثقافة تشجع إنتاج الأفلام الأمازيغية ❊ قرار ترسيم المهرجان بتيزي وزو يهدف لبعث السينما في منطقة القبائل ❊ السينما الأمازيغية تعكس حقيقة المواطن الجزائري وليس القبائلي فقط ❊ هناك مشكل السيناريو وإنعدام الإمكانيات ❊ لا بد من تكوين المواهب الشابة وفتح مدرسة خاصة للسينما في الجزائر ❊ نطمح لدورة جديدة خالية من النقائص حلقت السينما الأمازيغية عبر سنوات في سماء الإبداع والتميز من خلال أفلام سينمائية ناجحة عكست بوضوح مشاكل المجتمع القبائلي وحضارته من عادات وتقاليد وقيم أمازيغية توارثها الأجيال عبر الأزمنة والعصور فكان فيلم »جبل نادية« من أول أفلام الأمازيغية التي أنتخبت في الجزائر حيث رصد مخرجها تاريخ سكان منطقة القبائل في السنوات الأولى من دخول الإستعمار الفرنسي وتوالت بعدها الأفلام الروائية التي لم تخرج عن تصوير الحضارة الأمازيغية وعراقتها لتجد في مهرجان الفيلم الأمازيغي ملاذها في خوض غمار المنافسة وافتكاك إحدى جوائز هذه التظاهرة على رأسها جائزة الزيتونة الذهبية. ولأن المهرجان كان مرآة عاكسة للثقافة الأمازيغية والسينما القبائلية فإن وزارة الثقافة وافقت على ترسيمه كأحد أهم المهرجانات السينمائية بالجزائر بعد أن إختارت لجنة تحكيم لها إطلاع واسع بعالم السينما وعينت سي الهاشمي عصاد محافظا للتظاهرة فقاد هذا الطاقم الفني والسينمائي طيلة إثني عشر سنة موكب المهرجان وتكفل ببرنامجه ونظامه وعاش رفقة عشاق السينما الأمازيغية مغامرات فنية في كل مدينة نظمت بها التظاهرة ليتقرر أخيرا ترسيمها بمدينة تيزي وزو العريقة بهدف بعث السينما في منطقة القبائل وفي قلوب أبنائها وعلى هذا الأساس فقد إغتنمنا فرصة تنظيم الطبعة ال 12 من المهرجان وإتصلنا بمحافظة السيد سي الهاشمي عصاد قصد الإجابة عن بعض التساؤلات والإستفسارات التي تبادرت إلى أذهاننا منذ اليوم الأول للتظاهرة وبرحابة صدر وفرح كبيرين أجاب ذات المحافظ على تساؤلاتنا وكشف لنا عن البعض من أفكاره ومواقفه فيما يخص السينما الأمازيغية وذلك في الحوار التالي : ❊ كيف تقيم الطبعة ال 12 للمهرجان مقارنة مع الطبعات السابقة؟! وما هي أهم النقائص المسجلة منذ بداية التظاهرة ؟! في الحقيقة لا يسعني القول سوى أن الطبعة كانت ناجحة على العموم سواء تعلق الأمر بالتنظيم أو البرنامج وحتى فيما يخص الإقبال الجماهيري الذي كان مشرفا ويبعث على الفخر والإعتزاز لأنه يدل على الحب الكبير والعشق وبالتحديد للسينما الأمازيغية أما فيما يخص التنظيم فمحافظة المهرجان تتشرف دوما بلجنة االتنظيم التي خاضت نفس التجربة أكثر من 10 سنوات وفي كل طبعة تحاول تطوير هذه التظاهرة أكثر والدفع بها نحو التألق والإردهار حتى ترقى إلى مستوى المهرجانات السينمائية الأخرى. والحمد لله فقد كانت هذه الطبعة جيدة خصوصا أن جميع المدعوين قد لبوا الدعوة وكانوا في الموعد سواء تعلق الأمر بالمخرجين السينمائيين أو الممثلين وحتى المؤطرين والنقاد وكذا الإعلاميين وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الصدى الواسع الذي يملكه المهرجان عبر كل هذه السنوات وهذا بالفعل مكسب حقيقي لا يمكن إلا الإعتزاز به والإفتخار لأنه يساهم بقوة في تفعيل السينما الأمازيغية وترسيمها على المستوى الوطني وأكثر شيء أعتز به هو تلك المبادرة التي أعتبرها نوعا من التحدي والمتعلقة بعرض الأفلام خارج مدينة تيزي وزو أي بالدوائر الحضارية والبلديات حتى يمكن عشاق السينما الذين تعذر عليهم التواجد بالمهرجان من متابعة أحدث العروض المتنافسة مما يكسبهم حق التصويت لأحسن فيلم أمازيغي وهذه المبادرة الناجحة هي الأولى من نوعها مقارنة مع الطبعات السابقة ونحمد الله أنها نجحت وكان لها صدى كبير وسط الجمهور القبائلي الذي كان حاضرا بقوة خلال العروض وأيضا خلال حفل الإختتام. أما فيما يخص النقائص فهي تتعلق خاصة بالهياكل القاعدية كعدم وجود قاعة سينما وهذا أمر مؤسف بالفعل ؟! لأن مدينة كبيرة مثل تيزي وزو لا تملك قاعة وهذا حال جميع الولاياتالجزائرية نوعا ما بإستثناء بعض العواصم كوهران والعاصمة مثلا ورغم أن هذا قد صعب علينا المهمة نوعا ما إلا أننا حاولنا تغطية هذا العجز بفتحنا لقاعة فضاءات لأجل عرض الأفلام المتنافسة على أمل أن تكون هناك قاعات سينما جاهزة خلال الطبعة المقبلة إن شاء الله ولكن رغم هذه النقائص فالحمد لله الدورة كانت ناجحة ونحن مسرورين للعمل الذي قدم وهذه هي طبيعة الحال فالكل دورة ميزاتها الخاصة ونقائصها فمثلا دورة »أزفون« كانت فريدة جدا من نوعها بحكم الإقبال الجماهيري الكبير الذي أضفى على التظاهرة طابعا سينمائيا خاصا لم نشهده من قبل والدورة الثامنة التي نظمت في سطيف التي عرفت إنتاج سينمائي غزير جدا في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007 ❊ هل ترى أن قرار ترسيم المهرجان بمدينة تيزي وزور في ظل نقص الهياكل القاعدية كقاعة السينما قرارا صائبا أم أن تنقل المهرجان من ولاية لأخرى كان الحل الأمثل لإستمراريته ونجاحه ؟! لا يمكن الإنكار أن عملية تنقل المهرجان أو كما نسميه بترحال المهرجان« كان له خصوصياته المثلى وميزاته إذ كنا نخوض مغامرة سينمائية في كل دورة وفي كل مدينة أين إستمتعنا بالعروض والمشاركات السينمائية للمبدعين المحترفين والهواة وسعدنا كثيرا بلقاء عشاق السينما الأمازيغية ولا يتعلق الأمر فقط بالمواطن القبائلي بل بالمواطن الجزائري بصفة عامة والحمد لله فقد عرفنا بالفن السابع الأمازيغي والمهرجان الخاص به عبر مختلف ولاية الوطن ومن حسن حظنا أن الدستور الجزائري قد أقر في بعض مواده على ضرورة تمويل السينما الأمازيغية ووزارة الثقافة تشجع إنتاج هذه الأفلام مثلها مثل باقي الأفلام الوطنية الأخرى. أما فيما يخص قضية ترسيم المهرجان بتيزي وزور فأنا أجد أن هذا ضروري لأن كل مهرجان ينظم في مدينة معينة سنويا وكان لا بد لنا من الإستقرار وبما أن وزارة الثقافة قد إختارت مدينة تيزي وزو فهذا أمر نعتز به ونرحب به لأن هذه الولاية تعد من أهم المناطق القبائلية من ناحية العراقة والأصالة وعمق الحضارة ورغم أن المنطقة تفتقر لوجود قاعة سينما إلا أنها إحتضنت هذه الدورة بنجاح وأبرزت الإهتمام الكبير الذي يوليه سكانها للسينما الأمازيغية وكما ذكرت سابقا فإن إنعدام القاعة قد سبب لنا عائقا كبيرا والحمد لله فقد إجتزناه رغم أنه ليس من صلاحيات محافظة المهرجان أن تغطي هذا العجز بل هي مسؤولية الجهات المعنية إلا أننا بذلنا مجهودات كبيرة لإنجاح الدورة وتخطي جميع هذه الصعاب وبفضل لجنة التحكيم ذات المستوى الرفيع إستطعنا فرض المنافسة بين المشاركين وقدمنا جوائزا هامة وهي جائزة الزيتونة الذهبية وجائزة الشباب الهواة والسيناريوهات وجائزة الجمهور وغيرها من الجوائز الهامة. وعليه فنحن نأمل أن تعرف الدورة المقبلة نجاحا أكبر من خلال توفر قاعات سينما مجهزة على غرار بعض الولاياتالجزائرية الأخرى وأرجو أن تأخذ السلطات هذه العملية بعين الإعتبار لأنها مهمة جدّا في نجاح أي مهرجان سينمائي وإن كانت لا تعدّ عائقا في تنظيمه، لذلك فلابدّ من قاعات سينما لإنجاح تسيير المهرجان وإنعاش هذا القطاع بمنطقة القبائل العريقة. ❊ وماذا عن مستوى الأفلام الأمازيغية التي خاضت غمار المنافسة في المهرجان؟! أ. عصاد: بصراحة الإنتاج في هذه الدورة كان ضئيلا مقارنة مع الدورات السابقة وذلك بسبب نقص الدعم أو التمويل فمشاركة 12فيلما فقط أثر نوعا على طبيعة المنافسة وطبيعة المهرجان في حدّ ذاته، فحبّذا لو كان هناك تمويل قوي لإنتاج السينما الأمازيغية وهذا يستدعي منّا القيام بحملات تحسيسية لأجل هذا الغرض ولم لا؟! فهناك شركات إنتاج كبيرة ترغب في تمويل أفلام أمازيغية لسينمائيين هواة ومحترفين. أما فيما يخص مستوى العروض فقد كان جيّدا والتنوع في المواضيع كان واضجا جدا وأغلبها مواضيع تتعلق بالحياة الإجتماعية للفرد الجزائري ومشاكله في مختلف المجالات. وحسبما أكده ضيوف سينمائيون قدموا من مختلف ولايات الوطن فالرؤية الإخراجية للأفلام كانت في المستوى وحتى التصوير والتركيب، والآداء أيضا كان مقبولا لحدّ بعيد والأهم من ذلك أننا لم نكتف بتقديم أفلام روائية طويلة بل حتى الخيالية منها والوثائقية والقصيرة لأول مرّة ومعظم هذه الأعمال ضمّت مواضيع تهم المواطن الجزائري بالدرجة الأولى وهذا ما نطمح إليه في مهرجان الفيلم الأمازيغي. ❊ الجمهورية: هل تطمح محافظة المهرجان لجعل هذه التظاهرة السينمائية ذو صيغة مغاربية وتوسيع آفاتها على نطاق أكبر يفوق حدود الوطن الأم؟! آ. عصاد: في الوقت الحالي نكتفي بجعل هذه التظاهرة مهرجانا وطنيا، فمجرّد ترسيمه من طرف وزارة الثقافة هو مكسب لنا ومكسب للسينما الأمازيغية لأن هذه الخطوة أعطتنا قوة لإستمرار المغامرة الفنية الجميلة لطاقم يحب السينما ويعشق الثقافة الأمازيغية لكن في نفس الوقت لا أنكر أن التفتح على الدول المغاربية أمر هام جدا بدليل أننا في كل طبعة من المهرجان نستدعي ضيف شرف مغاربي سواء تونسي أو مغربي أو ليبي وغالبا ما يمدح هؤلاء السينمائيون طبيعة المهرجان وبرنامجه وفعالياته، لذلك فأنا أرى أن المهرجان يستحق أن يكون دوليا وليس فقط مغاربيا لكن يبقى هذا الأمر مرهونا بالوقت لعل وعسى أن يتعدّى طابعه الوطني ويصبح المهرجان دوليا ولِمَ لا؟! ما دامت هناك الإرادة والإنتاج السينمائي المرتبط بالدّعم والتمويل. ❊ بإعتبارك محافظا للمهرجانات وعاشقا للفن السابع الأمازيغي، كيف تقيّم السينما الأمازيغية وهل تجد أنها وجدت طريقها نحو الرقي والإزدهار؟! ا. عصاد: إن السينما الأمازيغية هي جزء من السينما الوطنية وهي تشهد تطورا مستمرا رغم الإنتاج الضئيل المسجل وهذا يعود بسبب ضعف التمويل كما ذكرت سابقا ولوحظ في الفترة الأخيرة أن سينمائيي الأفلام الأمازيغية قد إجتهدوا بأنفسهم في الإشهار لأعمالهم خارج منطقة القبائل ومعظمهم يشاركون في مهرجانات سينمائية متنوعة ، مما يسمح لهم بتقديم _أعمالهم والتعريف بالهوية الوطنية والثقافية الأمازيغية والترويج لها بالصوت والصورة، لأن السينما الأمازيغية تعكس حقيقة المجتمع الجزائري بصفة عامة وليس القبائلي فقط. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن السينما الأمازيغية تواجه مشكلا حقيقيا يتمثل في ضعف السيناريو مثلها مثل السينما الوطنية، وهذا دفعنا لتنظيم ورشات كل سنة خاصة بكتابة السيناريو حتى نسمح للمواهب الشابة بإبراز قدراتها الإبداعية في هذا المجال ، وتتعرّف أكثر على نصوص سينمائية من شأنها أن تخدم السينما الأمازيغية، دون أن ننسى بطبيعة الحال مشكل انعدام الإمكانيات المادية وعدم توفر الهياكل القاعدية التي غالبا ما تقف عائقا أمام تطور الفن السابع الأمازيغي، وأهم نقطة لابدّ من التركيز عليها هو »تكوين المواهب الشابة« وإعطائهم فرصة للإبداع في عالم السينما وذلك من خلال فتح فضاءات وورشات للتكوين وفتح مدرسة خاصة بالسينما في الجزائر دون أن ننسى المعاهد والجامعات ومراكز التكوين المهني التي تعدّ مسؤولة هي الأخرى على تكوين السينمائيين الشباب بالتعاون طبعا مع وزارة التربية المطالبة بإدراج الصوت والصورة في المدرسة. وصدّقوني إذا قلت لكم أن هناك أفلام أمازيغية في منتهى الإحترافية أخرجها شباب هواة وأبدعوا في إنتاجها مما يجعلنا نتفاءل بإزدهار السينما الأمازيغية وتطورها بشكل يبعث على الفخر والإعتزاز ونفس الشيء نطمح لأن تشهده السينما الوطنية التي تعيش نفس المشاكل والعراقيل وتتسم بنفس المزايا الفنية والإنتاجية، ويبقى الرّجاء قائما بإزدهار الفن السابع الجزائري وسمّوه لأعلى المراتب. ❊لقد أثيرت الكثير من التساؤلات حول مسألة "الدوبلاج" في السينما الأمازيغية ، فهل ترى أن هذه الأخيرة خطوة هامة في إنجاح العمل السينمائي الأمازيغي أم أنها تحدّ من عملية الإبداع؟! ا. عصاد: صحيح أن مسألة »الدّوبلاج« قد نالت قسطا كبيرا من النقاش والمعالجة في الفترة الأخيرة لا سيما في أوساط السينمائيين الأمازيغيين، وهذا ما دفعنا لتنظيم يوم دراسي حول تقنيات »الدّبلجة« بمشاركة معهد متخصّص من كندا وذلك قصد التعريف بالتقنيات الصحيحة لعملية »الدبلجة« التي تعدّ من أكثر التقنيات السينمائية تعقيدا، وتحمّل أصحابها مسؤولية إنجازها وعرضها أمام المتلقّي الذي ينساق وراء فكرة هذه الأفلام دون أن تكون لديه أدنى فكرة عن الحيثيات الأصلية لهذه العروض السينمائية وعليه فلا يمكن الإنكاز أن الدبلجة محطة صعبة في عالم السينما مما يستوجب على أصحابها توخّي الحدر في إنتقاء الكلمات المناسبة والترجمة الصحيحة، والأهم من ذلك هو مراعاة الأداء الصوتي لشخصيات العمل الأصلي، ورغم صعوبة الدبلاج إلا أنه يحتل مكانة هامة في السينما العالمية، والآن صار من أكثر المحطات الفنية إقبالا في السينما الأمازيغية. وفيما يخص تأثير الدبلجة على الإبداع السينمائي الأمازيغي فأنا لا أؤيّد بكثرة فكرة توجه السينمائيين الأمازيغيين نحو هذا الفضاء ، لأنني أفضل كتابة النصوص والإبداع في ترجمة المواضيع الإجتماعية التي تهم المواطن الجزائري بالدرجة الأولى عوض ذلك لكن هذا لا يمنع من إنجاز عمل أو عملين وفق مقاييس وتقنيات صحيحة. ❊ هل هناك تصوّرات جديدة للطبعة المقبلة من مهرجان الفيلم الأمازيغي؟ أ. عصاد: في الحقيقة نحن نحاول بذل جهد أكبر للقضاء على النقائص التي سجلناها في الطبعة ال 12 خصوصا فيما يتعلق بقاعة السينما وجميع الهياكل القاعدية الأخرى التي أضحت جدّ ضرورية في إنجاح أي مهرجان سينمائي، أما فيما يخص البرمجة فنحن نطمح لتنظيم ورشات تكوينية في مختلف فنون الإنتاج السينمائي من إخراج وتمثيل ، وكتابة سيناريو، مع برمجة أكبر قدر ممكن من الأفلام الأمازيغية التي ستخوض غمار المنافسة لتفتك إحدى حواجز المهرجان، وليس هذا فحسب بل نطمح أيضا لعرض الأفلام خارج المدينة من خلال حافلة متنقلة تجوب الدوائر الحضرية والبلديات النائية، ومفاجآت أخرى نأمل أن تحسّن من سيرورة الطبعة المقبلة وفاء لعشاق السينما الأمازيغية، ومحبيها عبر مختلف المناطق القبائلية والجزائرية.