أجمع المشاركون في الطبعة السادسة لمهرجان وهران للفيلم العربي، من إعلاميين، سينمائيين وحتى المنظمين، أن الدورة عرفت تراجعا ملموسا في المستوى، وذلك على أكثر من صعيد، فبعد ما كان المهرجان يراهن على أن يتميّز على الصعيد العربي سينمائيا، أضحى اليوم يصارع لتتوالى دوراته سنويا، حتى وإن كان دون التميّز والمستوى المطلوبين. مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، رغم استماتة أعضائه ليبقى حاضرا كل سنة، ليعكس الصورة المشرقة للجزائر في شقها السينمائي، تعثّر في دورة 2012 بالنظر إلى عدة أسباب أدت إلى ركوده من ناحية التنظيم، ومن ناحية اختيار الأفلام التي لم يوفق فيها المدير الفني السيد ياسين العلوي، الذي لم يكلف نفسه عناء الدفاع عن خياراته أمام الجمهور والصحفيين، وطار إلى الإمارات العربية المتحدة ليتابع مجريات مهرجان دبي الدولي للسينما، على حساب أهم مهرجان سينمائي بالجزائر كانت له من السمعة الكثير، لكنها الآن على المحك. السيد بوزيان بن عاشور، المكلف بالاتصال في المهرجان، قال في ندوة صحفية يوم السبت المنصرم؛ إن المدير الفني للمهرجان لم يحضر أطوار مهرجان وهران، وكانت له انشغالات تتمثل في ذهابه إلى دبي، كما سبق الذكر، وهو الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل، فهل كان من الضرورة أن يذهب المدير الفني إلى دبي ويترك مهرجان وهران الذي يحتاج إلى حضوره من أجل الدفاع عن الأفلام المشاركة، ألم يكن من الواجب أن يبقى في وهران، حيث يشغل منصبا حساسا؟ وتداول حديث أن بعض الصحفيين الجزائريين والأجانب ساهموا بشكل أو بآخر في تزويد المحافظة بالأفلام، وهو ما يطرح سؤالا أخر؛ ماذا كان دور المدير الفني؟، وبهذا الخصوص، أكد السيد بن عاشور أن المحافظة عرفت مشاكل كبيرة بخصوص اختيار الأفلام، فشملت أفلاما قد تم عرضها خلال مهرجان الجزائر الدولي للسينما الأخير، والأيام السينمائية للجزائر العاصمة التي نظمت شهر أكتوبر الماضي. المكلف بالاتصال كان صريحا إلى حد أنه اعترف بتدني مستوى المهرجان، وهي شجاعة تحسب له، لكن هذه الشجاعة لا تكفي لتدارك الأخطاء، وعلى وزارة الثقافة الوصية على المهرجان، والتي يرعاها رئيس الجمهورية، أن تعيد النظر في الأشخاص الذين يسهرون على نجاحه، ومن المفروض أن تشتغل كفاءات على ذلك، بداية من التنظيم والإعلام، والمشاركة وخلق أجواء سينمائية بنكهة وهران الخالصة، وليس هناك اعتقاد أن الجزائر عقيمة من هذه الناحية. نجاح المهرجان مرهون بضيوفها النجوم المشهورين جدا، ودون ذلك، فالمهرجان فاتر ولن يشد انتباه الصحافة ويصنع بحق ضجة إعلامية، تعد معيار النجاح الجماهيري للمهرجان، فجمهور السينما العربية واسع ولابد من تلبية حاجياته من أخبار نجومه المفضلين، لكن أي نجوم حضرت المهرجان الدولي للفيلم العربي، إلا إذا استثنينا اسما أو اسمين. معظم الأفلام المشاركة عرضت على الجمهور الوهراني، دون حضور أبطالها أو مخرجها، للحديث عن العمل المنافس على الوهر الذهبي، وهناك من أكد مشاركته على غرار الفيلم السعودي “وجدة”، لكنه لم يأت أصلا. وحسب المكلف بالاتصال، السيد بوزيان بن عاشور، فإن القانون الداخلي للمهرجان لا يجبر المشاركين على حضور المخرج أو أبطال الفيلم، رغم أن الدورات الماضية لم تشهد هذا التخاذل، وقال إن هناك تفكيرا في وضعها كشرط أساسي في الدورات المقبلة. ومن بين مقومات تعثر المهرجان كذلك، تقاعس السلطات المحلية في إعادة تهيئة وترميم القاعات السينمائية، فمدينة وهران التي كانت تحصي 52 قاعة سينما في 1963، تقلص العدد بها إلى 70 قاعة في سنوات السبعينات، وتقهقر إلى 19 قاعة في الثمانينات، ولم يبق فيها سوى ثلاث قاعات سنة 2012، وهو ما يهدد المهرجان في دوراته المقبلة، فهل ستتحرك الولاية والبلدية؟ أم سيستمر سياسة الترقيع في آخر لحظة؟.