لم يعد الجيدو الجزائري من بين الرياضات التي تراهن عليها الجزائر لرفع الراية الوطنية عاليا في المحافل الدولية الرسمية، إلى جانب ألعاب القوى (أم الألعاب) والملاكمة، بعدما تألق، بصورة ملفتة للنظر، في أولمبياد بكين (2008)، عندما أهدى المصارعان، عمار بن يخلف وصورية حداد ميداليتين غاليتين للجزائر. غابت الجزائر عن المواعيد الكبرى في رياضة الجيدو، وتأخر حضورها في أقوى المنافسات، في الأعوام القليلة الأخيرة، بعدما ساد الاعتقاد أن الجزائر طرقت أبواب العالمية، بتتويج المصارعين بن يخلف وحداد بميداليتين في الألعاب الأولمبية لأول مرة في تاريخ مشاركة الجزائر في منافسات الجيدو في دورة أولمبية. ولم يكن بمقدور هذين المصارعين مواصلة تألقهما، وخرجا من سباق الساحة العالمية، وهما في أوج عطائهما، والسبب لا يتمثل في كون بن يخلف وحداد فقدا مؤهلاتهما وثقتهما، بل السبب يعود إلى الظروف الاستثنائية التي عاشتها الاتحادية، وهي الظروف التي أثرت على الجانب النفسي للمصارعين، ويكفي القول إن المكتب الفيدرالي السابق عرف صراعات وتصفية حسابات، وأكثر من هذا عاش المصارعون، بصورة عامة، على وقع فضيحة اتهام الرئيس السابق بالتحرش الجنسي بالمصارعات، بالموازاة مع عدم تأخر وزارة الشباب والرياضة عن تقديم المساعدات المالية والمادية، للاتحادية إلى درجة القول إن اتحادية الجيدو عاشت بحبوحة مالية لم تشهدها منذ الاستقلال، والنتيجة كانت حصول الجزائر على صفر ميدالية في أولمبياد لندن (2012)، وخرجت الجزائر خالية الوفاض، وسط صدمة في صفوف التشكيلة، بقيادة صورية حداد، التي أقصيت في الدور الأول، في حين كانت ابنة مدينة القصر مرشحة لتكرار إنجاز أولمبياد بكين. وتظهر تجربة المصارعين المذكورين أن المصارعين الجزائريين لا يستطيعون البقاء في أعلى المستويات، مثلما كان عليه الحال بالنسبة للمصارعين الذين سبقوا بن يخلف وحداد، ويظهر أن الطواقم الفنية عاجزة عن الحفاظ على القدرات الفنية والبدنية والنفسية لعناصر النخبة الوطنية لأزيد من أربع سنوات، بدليل تراجع مستوى بن يخلف وحداد بعد الأولمبياد ما قبل الأخير، ما يعني أن المشكلة لا يتحمّل مسؤوليتها الرياضيون، بل المسؤولين عليهم، فالعارفون وخبراء الاختصاص يؤكدون أن بن يخلف وحداد هما مصارعان متفانيان ومنضبطان ولا يقبلان إلا الفوز ويمثلان نموذجا من الصعب العثور على خليفتيهما في الوقت الراهن. وأضاع الجيدو الجزائري أربع سنوات من تاريخه في العهدة الأولمبية الماضية، ومعها فوّت المصارعون الجزائريون فرصة الظهور في أعلى المستويات، وظل الجيدو الجزائري عاجزا عن الصمود حتى على الصعيد القاري، وتراجعت نتائجه بصورة مقلقة، لم تستطع معه الاتحادية تبرير النتائج المخجلة، بتواضع الأموال، مثلما كانت تفعل في السابق، لأن الخزينة كانت ممتلئة، وراحت تبرر إخفاقاتها المتتالية بالنظام الجديد الذي اعتمد عالميا في ترتيب المصارعين بمنحهم نقاطا في كل مرة يجتاز هؤلاء مستويات أعلى. وغادر المسؤولون السابقون مناصبهم من دون أن تلزمهم أي سلطة بتقديم مبررات مقنعة عن الأموال الكبيرة التي صرفوها، برغم أن هؤلاء، الذين انتخبتهم الجمعية العامة، متهمون بدفن الجيدو وإعادته إلى نقطة الصفر.