لم تكن المصارعة صورية حداد، التي خاب أملها في الصعود، مجدّدا، فوق منصة التتويج في أولمبياد لندن، تنتظر تنكّر محيطها للتضحيات التي قامت بها لتشريف الألوان الوطنية، في المناسبات السابقة، خاصة بعدما منحت أول ميدالية أولمبية لإفريقيا والجزائر، بمناسبة مشاركتها في أولمبياد بكين (2008). اضطرت ابنة مدينة القصر ببجاية إلى تكريس أغلب وقتها لدراستها الجامعية، في وقت لم تحسم قرارها بمواصلة المنافسة أو الاعتزال نهائيا، بعد صدمة الإخفاق في أولمبياد لندن، في أصعب امتحان تجتازه البطلة، في حياتها. وتعترف حداد أنها عاشت أوقات صعبة، كما عانت نفسيا كثيرا، بعد إقصائها في الدور الأول للألعاب الأولمبية، وقد سعت، مثلما تؤكّد عليه، إلى رفع معنوياتها بالتدريب من حين لآخر ليس من أجل العودة إلى المنافسة، بل للحفاظ على لياقتها والترفيه، بالموازاة مع تصميمها على إنهاء دراستها الجامعية هذا العام، للحصول على شهادة مستشارة في الرياضة، في وقت أدركت سن 28 عاما. ''قرار الاعتزال مؤجّل ومسؤولو الوزارة والاتحادية خذلوني'' تعترف المصارعة صورية حداد أن الأشهر التي تلت أولمبياد لندن كانت قاسية عليها، فإلى جانب أنها فشلت في تحقيق هدفها بالفوز بميدالية ثانية في مشوارها في الألعاب الأولمبية، فإنها تلقّت ردّ فعل سلبي وبارد من طرف محيطها، بعد خروجها من الدور الأول. وتقول حداد إنها لم تحظى باتصال من أي مسؤول في الوزارة لتخفيف ثقل الصدمة عنها وتشجيعها على تجاوز المشكلة النفسية التي عاشتها. ونفس السيناريو ينطبق على مسؤولي الاتحادية، وقالت إن المرة الوحيدة التي اتّصلت بها الاتحادية كانت بمناسبة كأس العالم الأخيرة، لتعرض عليها إمكانية المشاركة فيها، وبطبيعة الحال، ردّت حداد، مثلما تقول، بالسلب، وأثارت للاتحادية مسألة عدم اتخاذها القرار النهائي بشأن الاعتزال أو البقاء في اللعبة. ولم تخف صورية، التي قضت 16 عاما في المنتخب الوطني، أن فكرة الاعتزال كانت تراودها قبل مشاركتها في الأولمبياد، بسبب ما وصفته بالاضطرابات التي عاشتها في التدريبات، منذ أولمبياد بكين. وقالت المصارعة إن الحفاظ على معنوياتها، بعد أولمبياد لندن، كان أمرا صعبا، وقد اجتهدت في تسيير وقتها تفاديا لتعقيد حالتها البسيكولوجية، مثلما حرصت البطلة على التأكيد عليه. ''أخطأتُ في الأولمبياد ولا تنسوا أيضا أنني كنت الرابعة عالميا'' تعترف حداد أنها استعملت حركة كانت محظورة في قوانين اللعبة، وقالت إنها ارتكبت الخطأ دون وعي في منازلتها أمام منافستها الرومانية، في الدور الأول، في وزن (أقل من 52 كلغ)، وأضافت أن الحركة كانت مرخّصة قبل أن تمنع، كليا، وتقول المصارعة إنها استعملت الحركة بصورة عفوية، لم تكن بالدرجة التي تدفع الحكام إلى صرف النظر عنها، مذكّرة أن قوانين التحكيم عرفت تغييرات كبيرة، وتعترف أن العقوبة كانت في محلّها، ما جعلها في حال ارتباك بسبب الحركة، التي قالت بخصوصها إنها كان ممكنا تفاديها وبلوغ أدوار متقدّمة، مثلما كانت تحلم به، مع أنها كشفت أنها كانت تتمتّع بلياقة عالية يوم المنافسة، ولم تخف، أيضا، القول إنها عاشت ضغطا رهيبا قبل المنافسة بأيام، إلا أن حداد تريد طيّ هذه الصفحة المؤلمة، وتلفت النظر إلى أنها كانت تحتل المركز الرابع عالميا، وأثارت أن البطلات المعروفات في وزنها لم تتوج أي واحدة منهن بميدالية في الأولمبياد الأخير. وقالت إن الحفاظ على المستوى العالمي ليس سهلا في الجزائر، بعد تتويجها بميدالية برونزية في أولمبياد بكين، وأوضحت أن مشوارها الأخير شهد تغيير المدرّبين في أكثر من مناسبة، ما جعلها، في كل مرة، معنية بالمعركة لمقاومة المؤثرات النفسية. وقالت صورية إنها تعشق الجيدو وتركه يؤلمها كثيرا، إلا أن مواصلته، أيضا، في الظرف الراهن غير ممكن، بحسبها، ما يجعلها تضطر إلى أخذ كل وقتها، قبل إقرار الاعتزال أو مواصلة المنافسة، في تقديرها دائما، بحسبها. ''الأبطال أمامهم مصير مجهول في الجزائر'' ترى حداد أن الرياضيين الجزائريين ذوو المستوى العالي لا يحقّقون أحلامهم بعد انتهاء مشوارهم وعطائهم، وقالت المصارعة إنها بحكم أنها تدرس في الرياضة فستمتهن التدريب يوما ما، إلا أنها أكدت أنه، لحسن حظها، لم تفرّط في دراستها، التي قالت، بشأنها، إنها توقّفت عن مزاولتها أكثر من مرة لتكريس كل وقتها للجيدو. وتفسّر المصارعة عدم قدرة الرياضيين الجزائريين على الحفاظ على مستواهم بالعوائق النفسية التي تصدم الرياضيين في مشوارهم، خاصة في حالتها، التي قالت بشأنها إنها كانت ضحية لها، وقد ردّت، أيضا، السبب إلى ضعف كفاءة المؤطّرين، الذين غالبا ما يفشلون في تحفيز الرياضيين على الحفاظ على مستواهم. ''خطأ رئيس الاتحادية خطير ومخيّب للآمال'' في تعليقها على الاتهامات التي وُجّهت إلى رئيس الاتحادية، علي بن جمعة، بخصوص تحرّشه جنسيا بالمصارعات، قالت حداد إذا ثبتت الاتهامات فإن الأمر سيكون خطيرا ومخيّبا للآمال. وأثارت أنها لم تعش حالات مماثلة، لكنها أوضحت أنها اضطرت إلى تغيير مكان إجراء تربّصاتها، بسبب سوء الانضباط الذي كان سائدا في المنتخب الوطني، بحسبها، وقالت حداد إنها كانت تضطر إلى سماع كلمات غير مشرّفة، من محيط الفريق الوطني، ما دفعها إلى الطلب من مسؤوليها تغيير مكان تدريباتها لتفادي الاختلاط.