أعطت الحكومة موافقة مبدئية لإعادة النظر في المادة المحددة لحساب الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون المعروفة ب«87 مكرر” في قانون علاقات العمل، وهو ما يعني أن ميزانية التسيير ستشهد زيادة جديدة بمجرد اعتماد هذه المراجعة خلال الثلاثية المزمع تنظيمها شهر ديسمبر المقبل. أفادت مصادر موثوقة أن دراسة حول الآثار المالية المترتبة عن مراجعة المادة 87 مكرر قام بها فوج عمل، أظهرت أن تحقيق هذا المطلب الذي وضعته قيادة المركزية النقابية على رأس أولوياتها منذ عام 98، يستدعي ميزانية تفوق ال100 مليار دينار سنويا. وحسب نفس الدراسة فإن قطاع الوظيف العمومي هو صاحب حصة الأسد في عملية مراجعة المادة 87 مكرر، بحيث تمثل هذه المراجعة للأجور وفق ذلك ما يفوق 80 مليار دينار، فيما تقتضي 20 مليار دينار بالنسبة للقطاع الاقتصادي على اعتبار أن شبكة الأجور به أفضل وبعيدة جدا عن الحد الأدنى للأجر. وتفيد المعطيات الأولية أنه تم التوصل إلى صيغة توافقية بين قصر الحكومة وبين دار الشعب، من أجل طي هذا الملف الذي ظل يزحزح حله من ثلاثية لأخرى منذ عام 98 بحجة شح الموارد المالية للدولة. ولكن بين مطالبة قيادة المركزية النقابية بإلغاء المادة 87 مكرر كليا لكون المعطيات التي جاءت بها في عام 93 ”لم تعد قائمة” اليوم، وبين تحفظ الحكومة من آثارها المالية وبالتالي اقتصار المراجعة على إعادة صياغة المادة 87 مكرر وليس إلغاءها كليا، أفادت مصادر نقابية أن معالجة هذه الوضعية تحتاج إلى قرار سياسي من رئيس الجمهورية. وأطلقت الحكومة قبل شهرين عن موعد انعقاد الثلاثية المخصصة للملفات الاجتماعية، بعد انعقاد ثلاثية يوم 10 أكتوبر الجاري اقتصرت على القضايا الاقتصادية، تطمينات على لسان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد محمد بن مرادي الذي قال إن ”الظروف أضحت أحسن نسبيا” لاسيما بالنسبة للنسيج الاقتصادي لتحمل ما وصفه ب«صدمة” مراجعة المادة 87 مكرر من قانون العمل. وأوضح الوزير أن مسألة مراجعة هذه المادة ستطرح على بساط النقاش خلال الثلاثية المقبلة، مضيفا أنه ”يمكن اليوم الفصل في هذه المسألة”. لكن في الوقت الذي ظلت المركزية النقابية منذ سنوات تطالب ب«إلغاء المادة 87 مكرر”، وهو مدوّن في كل لوائح المنظمة النقابية، ذكر الوزير أنه ”لا وجود لأي طلب بإلغاء هذه المادة ولكن هناك طلبا لإعادة كتابتها بشكل يقصي من الأجر الوطني الأدنى المضمون عددا من التعويضات التي فعلا وبطلب من الشريك الاجتماعي لا مبرر لوجودها مثل التعويض على التجربة المهنية الذي يكون من الضلال إدراجه في الأجر القاعدي”. فهل هذه هي الصيغة ”التوافقية” التي تم التوصل إليها بين الحكومة والمركزية النقابية؟ أم أن الحكومة تريد كسب ”السلم الاجتماعي” بأقل التكاليف المالية الممكنة؟