خفّضت الجزائر من حجم ومستوى تمثيلها في أشغال المؤتمر الوزاري الإقليمي حول أمن الحدود، المنعقد منذ أمس في الرباط بالمغرب، حيث اقتصر على مشاركة السفير الجزائري بالمغرب، في وقت كان اللقاء مخصصا لوزراء الخارجية والوزراء المكلّفين بإدارة الملف الأمني، وهو ما يمثل أول ردّ فعل ملموس للجزائر على مسألة التعدي على قنصليتها وتمزيق العلم الوطني في الدار البيضاء. كلّفت الجزائر سفيرها في الرباط بحضور أشغال المؤتمر الوزاري الجهوي، حول التعاون الحدودي ومكافحة اللاأمن في شمال إفريقيا، بعدما كان مسؤولو الحكومة المغربية يتطلّعون أن تكون المشاركة الجزائرية بمستوى رفيع، كحضور وزير الخارجية رمطان لعمامرة أو وزير الدولة وزير الداخلية الطيب بلعيز، أو على الأقل الوزير المنتدب للشؤون المغاربية والإفريقية عبد المجيد بوڤرة، وذلك ليس فقط للاطمئنان على واقع العلاقات بين البلدين بعد حادثة الاعتداء على القنصلية في الدار البيضاء وتمزيق الراية الوطنية، ولكن أيضا بالنظر لثقل الجزائر وخبرتها في المعادلة الأمنية الدولية، ما قد يعطي لمؤتمر الرباط حول أمن الحدود بعدا آخر لا يقل عن مؤتمر طرابلس. لكن الجزائر فضّلت المشاركة في هذا المؤتمر الوزاري المنعقد بالرباط من خلال حضور السفير، مثلما سجلت ذلك وكالة الأنباء الفرنسية، بالرغم من أن هذا المؤتمر الإقليمي الثاني يقدّم على أنه ”امتداد لمؤتمر أمن الحدود” المنعقد في طرابلس الليبية في مارس 2012، غداة سقوط نظام القذافي. تجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن مؤتمر طرابلس حول أمن الحدود شاركت فيه الجزائر بوفد رفيع المستوى، ترأسه وزير الداخلية السابق، دحو ولد قابلية، بمعية المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، وهو ما يُفهم منه أن تخفيض التمثيل الجزائري في مؤتمر الرباط هو رسالة للحكومة المغربية عن عدم الثقة، وبأن ما حدث في القنصلية الجزائريةبالدار البيضاء والاعتداء على الراية الوطنية، لم يطو ملفه ولازالت الجزائر تنتظر الخطوات المطلوب القيام بها من الطرف المغربي. وفي هذا الصدد، طالبت الجزائر بالمشاركة في التحقيق حول الهجوم على القنصلية بالدار البيضاء ومعاقبة المعتدين على الراية الوطنية، لأن الحكومة الجزائرية ”غير مقتنعة برواية الفعل المنعزل” المسوّقة من قِبل الخارجية المغربية. وبالرغم من مشاركة وزراء من عدة دول، بينها فرنسا، في المؤتمر الوزاري الجهوي الثاني حول التعاون الحدودي ومكافحة اللاأمن بالرباط، غير أن غياب الجزائر بكبير دبلوماسييها يعكس حالة الفتور في العلاقات بين الجزائروالرباط، حتى في أهم الملفات، وذلك بسبب الهجوم على مقر القنصلية وتمزيق العلم الجزائري في ذكرى عيد ثورة أول نوفمبر. وأفاد بيان لرئاسة الجمهورية، أول أمس، أن محمد السادس قد بعث ببرقية تهنئة للرئيس بوتفليقة بمناسبة الذكرى ال59 لثورة الفاتح نوفمبر المجيدة، وليس كما تردد من قبل أنه تخلى عن ذلك. وحرص رئاسة الجمهورية على نشر ذلك، يراد منه القول إن التوتر في العلاقات لا علاقة له ببرقيات التهنئة، بل بالحشد الاستفزازي الذي قام به نظام المخزن ضد الممثلية الدبلوماسية الجزائر في المغرب. واكتفت قمة الرباط بتوجيه حكومات قرابة 20 دولة مشاركة نداءً إلى ضرورة تعزيز وتقوية التعاون الأمني في المناطق الحدودية قصد مواجهة التحديات والأخطار، وخاصة في الحدود الليبية والمالية، جراء تواجد الحركات الإسلامية المسلحة.