أفاد السفير الألماني في الجزائر “غوتز لينغنتال” أن استمرار الجزائر في تطبيق قاعدة 51/49 التي تعطي الأغلبية للشريك المحلي في الاستثمارات الأجنبية المقامة في الجزائر، يشكل عائقا أمام المؤسسات الألمانية الصغيرة والمتوسطة في اقتحام السوق الجزائرية والاستثمار بها، عكس المؤسسات الكبيرة التي يمكنها التكيف مع هذه الشروط. وأوضح السفير الألماني في لقاء خص به “الخبر”، أن الأكثر تضررا من القاعدة 51/49 يبقى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأن طبيعة استثماراتها صغيرة، ولا يمكن أن تدخل في شراكة تكون فيها الطرف غير صاحب الأغلبية. ومعلوم أن ألمانيا تمتلك نسيجا قويا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهي من العوامل التي تضمن تفوق الصناعة الألمانية وجودتها، وتدعم بشكل كبير كبريات المؤسسات الألمانية التي تعتمد في مناولتها على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. واعتبر السفير أن استعمال الإدارة الجزائرية للغتين الفرنسية والعربية فقط، يعتبر إحدى العوامل التي تثبط الشركات الألمانية على الاستقرار في الجزائر، لأن اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية في ألمانيا، إلا أن ذلك لا يشكل حسبه تحديا يصعب مواجهته. وفي رده على سؤال يتعلق بتأثير السياق السياسي الحالي في الجزائر على استقطاب الاستثمارات الألمانية، أجاب السفير أن المؤسسات الألمانية لم تطرح أبدا إشكالا من هذا النوع، بل هي متحمسة للعمل في الجزائر بدليل حضورها القوي والنوعي في كل المناسبات والفعاليات المنظمة في الجزائر. وبلغة الأرقام، أوضح السفير أن حجم التبادل التجاري بين الجزائروألمانيا السنة المالية بلغ 3 ملايير و800 مليون أورو السنة الماضية، وهو مرشح للارتفاع خلال السنة الحالية، والملاحظ أن هذا التبادل متوازن نسبيا بين الصادرات والواردات لكل بلد من الآخر. وأبرز السفير أن الشركات الألمانية مهتمة بشكل كبير بالسوق الجزائرية، مستدلا في ذلك بالحضور النوعي للمؤسسات المتخصصة في قطاع الأشغال العمومية، خلال الصالون الدولي المنظم لهذا القطاع في الأيام الماضية، حيث شهد الصالون مشاركة 14 مؤسسة من كبرى المؤسسات الألمانية. وحسب السفير فإن قطاع البناء والأشغال العمومية يجتذب بشكل كبير المؤسسات الألمانية، حيث ينشط عدد منها في مشاريع هامة بالجزائر حاليا، على غرار جسر قسنطينة ومشاريع إنشاءات أخرى. وذكر السفير أن هذا الحضور الهام للمؤسسات الألمانية، يبقى غير كاف بالنظر إلى إمكانيات البلدين الهامة والفرص المتاحة للاستثمار، لذلك يجب تشجيع المؤسسات ورجال الأعمال بتوفير المعلومات الضرورية عن مناخ الأعمال لدى الطرفين من أجل تحقيق شراكة اقتصادية مثمرة بين الجانبين. وحول مدى الاهتمام الألماني بالسوق الجزائرية قياسا إلى دول أخرى كفرنسا والصين، أوضح غوتز لينغنتال أن “الشركات الألمانية لها تقاليد عريقة في العمل بالجزائر منذ الاستقلال وسنوات السبعينات، مثل شركة ليند المختصة في الغازات الصناعية، وحاليا تعد الغرفة التجارية الألمانية حوالي 700 عضو، ما يدل على عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين”. وبشأن إمكانية المساهمة في نقل التكنولوجيا بين البلدين، قال السفير إن الشركات الألمانية “معروفة بتحكمها في التكنولوجيا وجودة المنتوج، وهو امتياز كبير يمكن من خلاله للمؤسسات الجزائرية الاستفادة عبر عقود الشراكة، وهو ما نعمل حاليا على توفيره بين البلدين”.