أفادت مصادر قريبة من ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية أن باريس بصدد وضع اللمسات الأخيرة على الزيارة التي سيقوم بها الوزير الأول الفرنسي “جون مارك آيرو” إلى الجزائر في 16 ديسمبر الجاري، رفقة وفد يعد الأهم من نوعه منذ آخر زيارة قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في ديسمبر من السنة الماضية، وسيشمل الوفد الفرنسي إلى جانب العديد من الوزراء في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، رؤساء شركات مصنفة ضمن ما يعرف ب “كاك40” ومؤسسات صغيرة ومتوسطة، ستشارك في تقييم سنة من التعاون ضمن اللجنة المشتركة العليا الفرنسية الجزائرية “كوميفا” واللجنة الوزارية العليا المشتركة. وأوضحت نفس المصادر أن القائمة النهائية للوفد الفرنسي يرتقب معرفتها الأسبوع المقبل، إلى جانب الملفات المتوقع دراستها، في أعقاب زيارة عبد المالك سلال لباريس، خاصة بعد مشاركة وزيري الصناعة والتجارة عمارة بن يونس ومصطفى بن بادة في اجتماع اللجنة المشتركة العليا الاقتصادية الفرنسية الجزائرية بباريس. وأكدت نفس المصادر أن باريس ترغب في ضمان تنظيم لقاء تقييمي ناجح من خلال التأكيد على مراعاة المطالب الجزائرية في تجسيد مشاريع استثمارية وشراكة ملموسة ميدانيا، وعدم الاقتصار على اعتبار الجزائر سوقا استهلاكية فحسب، مقابل ليونة أكبر من الجانب الجزائري وانتفاء الطابع البيروقراطي المعيق للاستثمار وتحسين مناخ الأعمال. وعليه وإلى جانب الشخصيتين المكلفتين بتأطير مشاريع الشراكة والتعاون وهما المسهل الفرنسي “جون بيار رافارين” و"جون لويس لوفي”، يُنتظر أن يصاحب الوزير الأول آيرو قرابة 8 إلى 10 وزراء و40 إلى 50 مسؤول مؤسسة، منهم رؤساء لمجموعات كبيرة فرنسية مصنفة ضمن ما يعرف ب “كاك40” أي أبرز الشركات المقيدة في بورصة باريس، حيث تتداول أسماء بارزة على غرار “باتريك كرون” رئيس مجموعة “ألستوم” إحدى أهم الشركات المستفيدة من عقود التجهيز خاصة في مجال التراموي في الجزائر، وصاحبة مشروع شراكة في عنابة لتركيب قاطرات التراموي، إلى جانب “بيار موجين” رئيس الهيئة المستقلة للنقل الباريسي التي تشرف حاليا على تسيير ميترو الجزائر وبالشراكة تراموي العاصمة ووهران، يضاف إليهم “كزافيي هويللار” رئيس مجموعة فينسي التي تساهم في عدة مشاريع تجهيز وهياكل قاعدية وبنى تحتية للنقل والأشغال العمومية والتي تهتم أيضا بقطاع البناء، ورئيسا بويغ مارتان بويغ المصنفة كرقم واحد في الأشغال العمومية والتي غادرت الجزائر مند ثلاثة سنوات وتبدي اهتماما للعودة مجددا، يضاف إليها رئيس مجموعة “أورانج” في مجال الاتصالات “ستيفان ريشار” التي تبدي اهتماما بالشراكة مع اتصالات الجزائر، خاصة أنها شريكة حاليا من خلال فرعها “سوفريكوم”. إلى جانب مسؤولي مؤسسات صغيرة ومتوسطة ومسؤولي “الميديف” التي يترأسها “بيار غاتاز”. أما على مستوى الشراكة السياسية والعسكرية، فإن الوفد الفرنسي سيضم شخصيات مفتاحية من بينها “باتريك بواسيي” المسؤول الأول عن مديرية التصنيع البحري التي تعتبر “تاليس” والحكومة الفرنسية شريكتين فيها، إذ يظل ملف التعاون في هذا المجال حيويا وهاما بالنسبة لباريس. ويتضح أن باريس تسعى من خلال تنظيم اللجنة الوزارية العليا المشتركة إلى إرساء تقليد يعكس أساسا رغبتها في تدارك تأخرها في السوق الجزائرية، ولكن أيضا إبداء حسن النية بخصوص إرادتها في تدعيم تواجد استثماراتها المنتجة في الجزائر.