في انتظار قانون الانتخابات وتحديد موعدها قطعت تونس أصعب الأشواط السياسية في هذه المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر مما كان مخططا له، وذلك بعد المصادقة الرسمية على الدستور الذي كان العقبة الأساسية أمام الانتهاء من المرحلة الانتقالية وتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، بعد منح الثقة للحكومة والمصادقة على قانون الانتخابات وتحديد رزنامة لهذه الانتخابات. ولم يتبق من خارطة الطريق التي رسمها شركاء الحوار الوطني سوى منح نواب المجلس التأسيسي الثقة لحكومة الكفاءات الوطنية بقيادة مهدي جمعة والتي انطلقت جلساتها أمس، ومصادقة المجلس التأسيسي على قانون الانتخابات الذي ستجرى تحت أحكامه الانتخابات البرلمانية والرئاسية، على أن تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي انتخب المجلس التأسيسي أعضاءها في 8 جانفي الماضي تحديد تاريخ لهذه الانتخابات. وجدير بالذكر أن الدستور الجديد يقر نظاما شبه رئاسي، تتوزع فيه صلاحيات السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، رغم أن حركة النهضة كانت إلى وقت غير بعيد متمسكة بالنظام البرلماني، قبل أن تتراجع لصالح نظام مختلط مع سعيها لتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية. وتعهّد رئيس الحكومة الجديدة مهدي جمعة في كلمته خلال جلسة منح الثقة لحكومته أمس، بأن تلتزم الحكومة بالقانون وبخارطة الطريق وأن تعمل على إعلاء شأن الدولة، مؤكدا على أنّ للثورة دولة تحميها. وأشار رئيس الحكومة المكلف إلى ضرورة إحداث مواطن شغل واستئناف إنجاز البنية التحتية وترشيد منظومة الدعم وإنعاش المالية العمومية، مؤكدا أن تونس بحاجة إلى هدوء اجتماعي، ومعبرا عن أمله بأن تساهم منظمات المجتمع المدني في تحقيقه. كما أكد مهدي جمعة في كلمته على ضرورة إيجاد حلول لاسترجاع ثقة الشركاء، مضيفا أنّ الحكومة ستسعى لفتح آفاق جديدة في القارة الإفريقية والتعاون مع الشركاء في آسيا وأوروبا. ومن المتوقع أن يحصل مهدي جمعة على أغلبية مريحة من المجلس التأسيسي رغم إعلان عبد الرؤوف العيادي رئيس كتلة الوفاء البرلمانية المنشقة عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أنه لن يمنح الثقة لتشكيلة تتركب من وجوه العهد البائد التي تذكر التونسيين بعهد الظلم والديكتاتورية. أما نواب تيار المحبة السبعة الذين صوتوا ضد الدستور فأعلنوا أنهم سيتحفظون على منح الثقة لحكومة مهدي جمعة، بسبب رفضهم طريقة تنصيب حكومة مهدي جمعة التي “لم تنبثق من الشعب بل من الأحزاب”، حسب رأيهم.