بدت مقالة نشرتها وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية روتينية، اذ نقلت عن وزير الطرق والتنمية العمرانية إن "الوزارة لم توقع عقدا مع شركة خاتم الأنبياء للانشاءات لاستكمال طريق سريع رئيسي من طهران إلى الشمال".لكن أمرين ميزا الخبر، الاول ان خاتم الأنبياء واحدة من كبرى الشركات التي يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني، والثاني ان رئيسها عباد الله عبد اللهي قال قبل ثلاثة أيام فقط إن الشركة وقعت العقد مع الوزارة.كان تقرير الوكالة في كانون الأول إحدى الإشارات إلى أن الرئيس حسن روحاني، الذي تولى السلطة في اب، يستخدم الزخم السياسي بعد تحسن العلاقات مع الغرب بسبب البرنامج النووي الإيراني في كبح جماح النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري.وشكك وزراء في عقود قائمة بين الحكومة والحرس، بل ألغيت بعض العقود مثل عقد الطريق السريع، بعد أن ظلت عالقة منذ وصول روحاني للرئاسة خلفا لأحمدي نجاد.وانتقد قادة كبار في الحرس، الذي تأسس قبل نحو 35 عاما للدفاع عن نظام حكم رجال الدين في إيران، المحادثات النووية، لكنهم كانوا أكثر تكتما عند الحديث عن القيود على مصالحهم الاقتصادية.وقال الميجر جنرال محمد علي جعفري، في كانون الأول، إن "حكومة أحمدي نجاد كانت تصر على مشاركة الحرس في الاقتصاد"، لافتا في إشارة إلى وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، إلى أننا "أخبرنا الرئيس روحاني بأنه إذا شعر أن القطاع الخاص يمكنه تنفيذ هذه المشروعات فإن الحرس الثوري مستعد للتنحي جانبا بل وإلغاء العقود".وبنفس اللهجة، انتقد جعفري المفاوضات النووية ونقلت فارس عنه إن "إيران خسرت الكثير ولم تكسب سوى القليل واستهدف حديثه روحاني بصورة مباشرة أكثر"، وقال "أهم ساحة تهديد للثورة الاسلامية ومن واجب الحرس حماية مكتسبات الثورة هي ساحة السياسة. ولا يمكن للحرس التزام الصمت حيال هذا".وقال محسن سازكارا، أحد الأعضاء المؤسسين للحرس الثوري، ويعيش الآن في الولاياتالمتحدة، إن "الأمر لم يكن مفاجئا"، مضيفا "كان من المتوقع أن يكون للحرس رد بارد وقاس.وهذا لأنهم يرون أنفسهم يديرون الأمور. والأهم من ذلك أنهم ليسوا سعداء بإبعاد أياديهم عن بعض مشروعات النفط والطاقة والطرق. وأظهروا هذا الاستياء بعدة طرق".يهدد الاتفاق الموقت الذي توصلت اليه ايران مع الغرب، في تشرين الثاني، الاساس الايديولوجي لقوة الحرس الثوري، الذي تشكل لموازنة قوة الجيش وحماية الثورة الاسلامية من التدخل الخارجي والداخلي.ويحد الاتفاق من البرنامج النووي -الذي يصفه قادة الحرس بأنه مصدر للزهو الوطني- مقابل رفع لبعض العقوبات وتحسين العلاقات الدبلوماسية مع دولة دائما ما يقول الحرس الثوري إنها اكبر اعدائه الا وهي الولاياتالمتحدة.ورغم الانتقادات التي توجهها القيادة العليا للحرس الثوري للاتفاق النووي، الا ان الحرس الثوري ليس على قلب رجل واحد، وهناك عناصر ردت بطريقة اكثر عملية وجاهر قائد كبير على الاقل بدعمه للاتفاق.وفي الوقت الحالي ابقى دعم الزعيم الاعلى، آية الله علي خامنئي، صاحب اعلى سلطة في البلاد والذي يتعين على الحرس الاذعان لرأيه على الاقل في العلن، العناصر المحافظة داخل صفوف الحرس تحت السيطرة.وهناك ايضا ادراك بأن الحالة المزرية للاقتصاد والتي تسببت فيها العقوبات الى حد بعيد لم تترك للبلاد خيارات تذكر.وقال سازكارا "خامنئي نفسه يدعم المحادثات. ومن جانب اخر ليس امام الحرس من خيارات كثيرة نظرا للوضع الاقتصادي الذي يثير فزع الجميع".ويسيطر الحرس الثوري على قطاعات واسعة من الاقتصاد وينخرط ايضا في الانشطة السياسية والثقافية. وقالت وزارة الخزانة الاميركية، في تبريرها لفرض العقوبات، ان "الحرس الثوري يسيطر على اعمال بمليارات الدولارات".وفي بعض الاحيان تتداخل اعمال الحرس التي تشمل حصة في كبرى شركات الاتصالات في البلاد وشركات انشاء وتعمل عن كثب مع منظمة يسيطر عليها الزعيم الاعلى التي تقدر رويترز ان قيمتها تقارب 95 مليار دولار.