يبدو أن النظرة الجديدة للرئيس الإيراني حسن روحاني، لا تلقى الإجماع في بلاده، خاصة وسط بعض مسؤولي الهيئات الرسمية ودوائر صنّاع القرار، الذين رأوا منطقه الجديد في التعاطي مع الدول الغربية بمثابة "خطأ تكتيكي" ما كان ليقع فيه. وكان تصريح قائد قوات حرس الثورة أمس الذي أعاب على الرئيس الإيراني قبول التحدث هاتفيا مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مباشرة بعد عودته من المشاركة في أشغال الجمعية العامة الأممية، بمثابة مؤشر على مقاومة قد تعترض مسعى الرئيس الإيراني الجديد، الرامي إلى طي صفحة الخلافات مع الدول الغربية وفتح أخرى جديدة أكثر براغماتية. وكشفت هذه المواقف عن وجود أجنحة بعض دوائر صناعة القرار الإيراني، التي مازالت متشبثة بالسياسة المتشددة التي انتهجها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد تجاه الولاياتالمتحدة على مدى السنوات الثمانية التي تربّع فيها على كرسي الرئاسة الإيرانية. وعندما نعلم أن تصريح قائد قوات حرس الثورة جاءت رغم أن مرشد الجمهورية علي خامينائي والرئيس روحاني ما انفكّا يطالبان بعدم تدخّل الجيش في المسائل السياسية، ندرك أن سياسة "التقارب" مع الغرب التي يريد أن يتبعها روحاني في تعاطيه مع الدول الغربية وخاصة ما تعلق بمسألة الملف النووي الإيراني، لا تلقى ذلك الإجماع الذي يبحث عنه. وقال الجنرال محمد علي الجعفري القائد الأعلى لحرس الثورة، إن "الرئيس كان له موقف صارم بخصوص لقائه مع الرئيس أوباما، وقد كان في استطاعته أن لا يتحدث معه هاتفيا وانتظار أعمال ملموسة من الحكومة الأمريكية تجاه إيران". وذهب الجعفري أحد أهم رموز الحكم في إيران؛ كونه يرأس قوة النخبة في الجيش الإيراني، إلى إبقاء الباب مفتوحا أمام الرئيس الإيراني من "أجل تصليح خطئه". وقال بلغة فيها تلميح بالتهديد: "إننا إذا لاحظنا أخطاء في عمل المسؤولين فإن القوات الثورية تمنح الإنذارات الضرورية والمناسبة". وجاء الرد "القوي" لقائد قوات الحرس الثوري الإيراني على الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الرئيس حسن روحاني، مباشرة بعد عودته من مشاركته في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة الماضي، وهو الاتصال الذي وصفه متتبعون بأنه اتصال "تاريخي"، قد يكون بداية انفراج جديد في العلاقات الدبلوماسية الإيرانيةالأمريكية المجمَّدة منذ 35 عاما. وقال الجنرال الجعفري إنه كان يتعين على الرئيس الأمريكي لتأكيد حسن نواياه تجاه إيران، أن يرفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها بلاده على الأمة الإيرانية ورفع الحظر على الودائع المالية الإيرانية المحجوزة في البنوك الأمريكية منذ نجاح الثورة الإسلامية، وتقبّل البرنامج النووي الإيراني. وهو الموقف نفسه الذي تبنّاه القائد الأعلى للقوات الجوية في حرس الثورة الجنرال أمير علي حاجي زادة، الذي أكد أن "اتصالا واحدا وابتسامة من أوباما لا يجب أن تنسينا عداء أمريكا لنا". يُذكر أن المجتمع الإيراني وقواه السياسية انقسمت بين مؤيد ومعارض لتصريحات الرئيس حسن روحاني أمام الجمعية العامة الأممية، عندما أكد أن بلاده لا تعتزم امتلاك القنبلة النووية، ولا هي تفكر في ضرب جيرانها بقدر ما تبحث عن العيش في سلام في محيطها الإقليمي، في إشارة إلى نزع درجة الريبة التي ترفعها إسرائيل كذريعة لمطالبة الدول الغربية بضرورة تدمير المنشآت النووية الإيرانية بزعم أنها تخفي برنامجا عسكريا. ويُتوقع أن يحتدم الجدل في إيران حول مسألة التقارب مع الولاياتالمتحدة، في وقت أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أن الجهود الدبلوماسية المكثفة لحل الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني، قد تسفر عن اتفاق خلال الإطار الزمني الذي دعا إليه الرئيس الإيراني حسن روحاني، ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر. وأضاف أنه من المحتمل التوصل إلى اتفاق في وقت أسرع من ذلك؛ اعتمادا على مدى الصراحة والوضوح التي تستعد إيران للتحلي بهما". كما قال: "إنه برنامج سلمي، ويمكننا جميعا أن نتأكد من ذلك"، مشيرا إلى أن "العلاقة مع إيران يمكن أن تتغير بشكل كبير نحو الأفضل، ويمكن أن تتغير بسرعة".