لا تزال أسعار مسحوق الحليب تشكل الاستثناء في سوق دولي متقلب، حيث تعرف أسعاره مند بداية السنة ارتفاعا حادا، وساهمت زيادة الطلب الصيني والإعلان الجزائري باللجوء إلى مناقصة دولية لاقتناء كميات هامة من المسحوق في الإبقاء على مستويات الأسعار مرتفعة في ظل تدني العرض والإنتاج في عدد من البلدان المنتجة. تكشف الإحصائيات الخاصة بالأسواق والبورصات في أوروبا والولايات المتحدة عن استمرار الزيادة لأسعار مسحوق الحليب منذ بداية السنة، وقدرت أسعار الطن من المسحوق في بورصة باريس ب3380 أورو بنسبة نمو إيجابية بلغت حدود 80% مقارنة ببداية السنة، بينما بلغ سعر المسحوق في نيوزلندا 4746 دولار، وبلغ سعر الطن لمسحوق الحليب الكامل 3900 أورو للطن بنسبة نمو بلغت 50% منذ بداية السنة. وعلى ضوء هذه التطورات، ستجد الجزائر نفسها أمام معضلة حقيقية بعد إطلاق مناقصتها الدولية للتزود بكميات كافية من المسحوق، خاصة في ظل رفع الصين لوارداتها بصورة معتبرة، إذ تستهلك بكين 40% من المعروض في السوق، موازاة مع الانخفاض المحسوس في الإنتاج والتصدير لدول أساسية من بينها أستراليا ونيوزلندا، ما أثر سلبا في مستوى الأسعار والكميات المتوفرة. وساهمت الطلبات الصينية فضلا عن الإعلان الجزائري في الإبقاء على الأسعار مرتفعة، وإن أعلنت البلدان الأوروبية عن استثمارات جديدة تضمن رفع العرض في غضون السنة الحالية، ولكن الأثر حسب الخبراء لن يبرز إلا خلال السداسي الثاني من السنة الحالية. ويفيد الخبراء أن الطلب الصيني المعتبر يضاف إليه طلبات الدول النامية من بينها الجزائر سيضاعف من حمى الأسعار، حيث يتوقع أن يصل الطلب الصيني إلى 1 مليون طن من مجموع مبادلات تجارية تقدر ب4.2 مليون طن من مسحوق الحليب. علما أن الصين رفعت العام الماضي وارداتها من مسحوق الحليب ب28%. وعانت الصين من تدهور إنتاجها المحلي من الحليب بعد الأمراض التي لحقت بجزء من الماشية، والتي دفعت السلطات الصينية إلى قتل ملايين من الأبقار الحلوب، ما تسبب في انخفاض الإنتاج بنسبة 20% عام 2013 أو ما يعادل 6 ملايير لتر. ورغم التراجع المسجل في واردات الجزائر من الحليب إلا أنها تظل معتبرة، وهي من بين أهم الكميات المستوردة في منطقة شمال إفريقيا. وتزامنت هذه الأزمة مع تراجع عمليات جمع الحليب في العديد من البلدان، منها نيوزلندا وأستراليا وحتى الأرجنتين والشيلي، وهو ما دفع الأسعار إلى الارتفاع بصورة كبيرة، حيث تتراوح الأسعار ما بين 3300 أورو للطن و3850 أورو في أوروبا، وما بين 4688 دولار و4700 دولار للطن في أمريكا المالية وأستراليا ونيوزيلندا. ويرتقب على ضوء ذلك أن ترتفع فاتورة واردات الحليب بالنسبة للجزائر هذه السنة مجددا، حيث قدر متوسطها ما بين 1.2 و1.5 مليار دولار سنويا.