ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، اليوم، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيطر في غضون أسبوع على شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود، وضع مستقبل الدولة الأوكرانية موضع تساؤل، ووضع الحكومات من العاصمة البولندية "وارسو"، إلى واشنطن عاصمة الولاياتالمتحدة في أزمة شديدة. وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن إجراءات بوتين التصعيدية تمثل للكثير من الغرب أنها صادرة من زعيم استبدادي وخارج نطاق السيطرة على نحو خطير جدا، ويكافح القادة الغربيين لإنهاء السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم، ومن ناحية أخرى.وأشارت "فاينانشيال تايمز"، إلى ارتفاع شعبية بوتين بين الروس الذين يرون أنه الرئيس القوي الذي دافع عن المصالح الوطنية وعزز مستويات معيشتهم، وتابعت الصحيفة البريطانية، بالإشارة إلى أن تلك الأزمة كانت بمثابة المفاجأة لأوروبا والولاياتالمتحدة، أما لبوتين فهي تعد انفجارا لضغينة تراكمت لأكثر من 14 عاما خلال تواجده في السلطة، الفترة التي تحول منها من ضابط مخابرات إلى زعيم الدولة الروسية، وأن الثورة الأوكرانية ليست سوى الحلقة الأحدث في سلسلة طويلة من المحاولات الغربية لتطويق وإضعاف بلاده.وأضافت الصحيفة البريطانية، أن عداء بوتين للغرب، يمكن التنبؤ به نظرا لتاريخ بوتين، وأنه ولد في عائلة من الطبقة العاملة في عام 1952 في المنطقة التي كانت تعرف آنذاك ب"لينينجراد"، وقضى بوتين سنواته الأولى مع والديه في شقة من غرفة واحدة، وقضى سنوات مراهقته في تعلم فنون الدفاع عن النفس، وتطوع أيضا للانضمام للمخابرات الروسية "كي جي بي" وأدرك طموحاته في أوائل العشرينات من عمره.وتابعت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، بأن مع انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، وهو حدث وصف بأنه أكبر كارثة جيوسياسية في القرن 20، بدأ بوتين بالعمل في التجسس لصالح السياسة، وألمحت إلى أن المرة الأولى كانت في بلدته سان بطرسبرج، ثم موسكو، حيث انضم إلى مكتب الرئاسة في فترة ولاية الرئيس السابق بوريس يلتسين، وفي غضون خمس سنوات، اختاره يلتسين لخلافته رئيسا للبلاد.وأضافت الصحيفة البريطانية، أن في بداية أول فترة رئاسية له، وكان هناك القليل من فتور الحرب الباردة، ونقلت عن إيجور يورجنز مستشار الكرملين السابق قوله: "خاب أمل بوتين مع الغرب"، مضيفا " بصراحة و بكل إخلاص اقترح الاشتباك مع الغرب "، وتابعت أن بعد هجمات سبتمبر 2001 على الولاياتالمتحدة، وعرض بوتين على واشنطن استخدام القواعد العسكرية في آسيا الوسطى. وتخلت روسيا أيضا عن محطة راديو المخابرات في كوبا وقاعدة في فيتنام - الخطوات التي توقع منها بوتين شيئا في المقابل لكنه لم يتلق إلا القليل.وألمحت "فاينانشيال تايمز"، إلى خيبة أمل بوتين عندما توقع أن توسع حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيتوقف عند الحدود الألمانية، كما كانت الآمال بأن التحالف الغربي لن ينجح في بناء درع الدفاع الصاروخي في أوروبا، الأمر الذي من شأنه أن يعيد لموسكو دورها العالمي بالتساوي مع الولاياتالمتحدة.وعلى الساحة الدولية، أشار طموح بوتين إلى تصلب موقفه في كلمة ألقاها في مؤتمر الأمن في ميونيخ في عام 2007، وأشار مساعدون سابقون لبوتين إلى أن ذلك ما قد حدث، وشجب بوتين تدخل الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي في جورجيا، وبعد عام عاد إلى ميونيخ لتقديم تحذير مستتر عن المحاولات الغربية للتدخل في أوكرانيا، وعلق يورجنز على ذلك قائلا: "ومرة أخرى، لم يأخذوه على محمل الجد".وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن أول تهديد حقيقي لبوتين كان في حرب استمرت 5 أيام مع جورجيا في عام 2008، والتي خلفت أضرار جسيمة في العلاقات مع الولاياتالمتحدة، ومنذ ذلك الحين، عززت الأزمات التي نتجت عن الانتفاضة العربية اعتقاد بوتين بأن الولاياتالمتحدة تشارك في التجارب خطيرة في جميع أنحاء العالم.في حين، أنه كان من المستحيل على الغرباء تحديد متى قرر بوتين التحرك إلى أوكرانيا، وهناك إجماع على أن ذلك كان مقررا من فترة طويلة، وكما يقول مسؤول أمريكي سابق إن مستوى الدقة في الإجراءات التي اتخذها بوتين هو أمر مذهل.وطرحت الصحيفة تساؤلا ما هو رد بوتين في حالة استهداف روسيا بفرض عقوبات مالية صعبة، والأضرار الناجمة عن ذلك التي من شأنها أن تقوض سلطته سريعا، ونقلت عن شخص قريب الصلة ببوتين قوله: "لقد نفذ مقامرة كبيرة ولايمكن أن يتراجع، ويبدو أن حساب التفاضل والتكامل يشير إلى أن روسيا سوف تحافظ على شبه جزيرة القرم، كما أن الغرب لن يجازف بالدخول في الصراع.